الإمارات في الأمم المتحدة.. سياسة واضحة وموقف ثابت
الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان قال: "ندرك أننا لسنا بمعزل عن محيطنا، وأن نجاحنا لم يزد إلا من مسؤولياتنا الإنسانية تجاه المنطقة".
أظهرت كلمة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ73، السبت، صورة الإمارات "الواثقة الناجحة".
وجاءت الكلمة معبرة عن وضوح سياسة دولة الإمارات تجاه تحديات المنطقة واستحقاقات التنمية والتطور، إضافة إلى كونها تعبر عن موقف سياسي واضح ومصداقية في العلاقات الدولية يعززها ازدهار داخلي.
وأكدت دولة الإمارات العربية المتحدة أمام الأمم المتحدة، التزامها بانتهاج مقاربة شاملة تهدف إلى معالجة الأبعاد المختلفة للأخطار المحدقة في المنطقة، تعزيزاً للأمن والسلم الإقليميين.
قيم السلام والتسامح
وفي إعلاء لقيم التواصل والتسامح، استهل الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان كلمته بالتأكيد أن تلك القيم رسخها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان برؤيته، الأمر الذي أسس الإنسانية السامية في الإمارات.
وقال: "ندرك أننا لسنا بمعزل عن محيطنا، وأن نجاحنا لم يزد إلا من مسؤولياتنا الإنسانية تجاه المنطقة".
وأشار الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى أن التغير الذي شهده المجتمع الدولي في الفترة الأخيرة على الصعيدين الدولي والإقليمي حتّم ضرورة المشاركة من أجل تحقيق السلام والاستقرار.
مواجهة التطرف والإرهاب
أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، في كلمة دولة الإمارات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن التدابير السيادية التي اتخذتها الإمارات والأشقاء في السعودية ومصر والبحرين بحق قطر جاءت محورية وفاصلة، في مواجهتنا التطرف والإرهاب كضرورة ملحة لتحقيق الأمن في المنطقة.
وتابع: "لا يمكن مواصلة الاعتماد على دول أخرى لحل أزماتنا في المنطقة، ولا يمكن لدولة واحدة بمفردها أن تحافظ على الأمن والاستقرار".
وأشار إلى أنه رغم تحقيق تقدم مبشر ضد الإرهاب في سوريا والعراق واليمن وليبيا واليمن، فإن الخطر لا يزال قائماً.
ولفت الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى أربعة تحديات رئيسية تعيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وهي: التدخلات الخارجية في شؤون العالم العربي، وانتشار التطرف والإرهاب بما في ذلك استغلال الإرهابيين للتكنولوجيا الحديثة لبث أفكارها الخطيرة، والاكتفاء بإدارة الأزمات الناشبة في ظل غياب الحلول، وأخيراً تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
وحذر من استمرار تسخير بعض الدول لمنصات إعلامية تحرض على الكراهية وتشكل منابر للجماعات المتطرفة والإرهابية، لافتاً إلى الجهود التي بذلتها الدولة للتصدي للتطرف والإرهاب فكرياً وأمنياً.
حول الروابط الوطيدة والعلاقات الأخوية مع المملكة العربية السعودية، قال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إن "السعودية دولة شقيقة تتعرض لوابل من الصواريخ الباليستية الإيرانية، وأمنها أمننا جميعاً".
وقال "لقد امتد التوغل الإيراني بشكل غير مسبوق في الشأن العربي، وقد تعين علينا ألا نقف موقف المتفرج عندما وصلت هذه التهديدات إلى اليمن والمملكة العربية السعودية الشقيقة لنا جميعاً".
وتابع: "فجاء التحرك ضمن التحالف لدعم الشرعية في اليمن بهدف التخلص من الانقلاب الحوثي والتصدي للتوغل الإيراني".
ولفت إلى أن دولة الإمارات ترى أن الاتفاق الذي رعته السعودية بين إريتريا وإثيوبيا يمثل انفراجة كبيرة للمجتمع الدولي.
سلوك إيران العدائي
أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن إيران لم تتوقف يوماً عن سلوكها العدائي في المنطقة، ولم تتخلَ عن أسلحة الدمار الشامل، ما شكّل تهديداً للأمن والسلم الإقليمي والدولي.
ودعا إيران إلى إعادة الحقوق لأصحابها إما بالمفاوضات المباشرة وإما باللجوء إلى التحكيم الدولي، أو محكمة العدل الدولية.
وأكد سعي إيران لتقويض الأمن في المنطقة عبر نشر العنف والطائفية، والتوغل في الشأن العربي، بأنشطة تزعزع أمن واستقرار المنطقة.
كما أكد أن عدم الثقة بنوايا إيران والتخوف من طموحاتها الإقليمية لم يكن من قِبل دول المنطقة فحسب، بل امتد إلى المجتمع الدولي، مشيراً إلى انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الإيراني.
تعنت يفاقم الوضع
وفي الشأن اليمني، قال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إن تعنت مليشيا الحوثي الانقلابية في جهود عملية السلام فاقم الوضع الإنساني باليمن.
وأوضح الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن الوضع الإنساني في اليمن يتفاقم خصوصاً مع استمرار الحوثيين في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، ومواصلة تلقيهم الأسلحة الإيرانية وزرع الألغام وتجنيد الأطفال.
وأشار إلى أنه "بالتزامن مع عمليات التحالف في محافظة الحديدة والمناطق اليمنية الأخرى حرصنا على مراعاة الجانب الإنساني، فكانت عملية الحديدة مخططاً لها أن تراعي هذا الأمر بشكل أساسي".
وشدد على ضرورة "التفريق بين سلوك جماعات مسلحة غير شرعية ترتكب انتهاكات جسيمة وأعمال إجرامية وتخريبية في اليمن كما يفعل الحوثيون، وبين الإجراءات القانونية للتحالف الذي تشكل بناءً على طلب من الحكومة الشرعية اليمنية وهدفه إعادة الاستقرار عبر اتخاذ خطوات مدروسة تراعي الجوانب الإنسانية وتتماشى مع قرارات مجلس الأمن".
وتطرق الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان للتقدم الذي أحرزه التحالف للتصدي إلى "تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية في اليمن، وقطع مصادر تمويله".
القضية الفلسطينية
وحول القضية الفلسطينية، لفت الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، إلى أن القضية الفلسطينية ما زالت تنتظر من المجتمع الدولي حلاً شاملاً وعادلاً.
وحذر من أن معاناة الشعب الفلسطيني يتم توظيفها من قبل الجماعات المتطرفة والدول المارقة.
الأمن والسلم الدوليان
وفي سياق مسألة الأمن والسلم، جدد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أيضاً موقف الإمارات المتواصل في دعمه المبادرات السياسية المعنية بالأزمات الناشئة بالمنطقة، بما في ذلك عبر العمل مع مبعوثي الأمم المتحدة.
وطالب المجتمع الدولي بأن يتخذ موقفاً حازماً تجاه الدول ذات السياسات العدائية التي تنتهك القوانين الدولية وميثاق المنظمة، مكرراً في هذا الصدد مطالبة إيران بإعادة الجزر الإماراتية الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، إما طوعية إلى أصحابها أو إما باللجوء إلى الوسائل السلمية المعنية بحل النزاعات الدولية، وعلى رأسها المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية أو التحكيم الدولي.
وشدد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، على أن قيم دولة الإمارات العربية المتحدة في رفض التطرف والإرهاب ثابتة ولا تتغير.
وأكد أن تردي الأوضاع الإنسانية والاجتماعية أحد أبرز التحديات التي تواجهها المنطقة، مشيراً إلى أن الإمارات حرصت على أن تشمل سياستها الخارجية أبعاداً تنموية وثقافية.