دولة الإمارات التزمت منذ بداية جائحة (كوفيد-19) بالاضطلاع بدور رئيس وفاعل بتقديم المساعدات للدول العربية المجاورة،
وصلت دولة الإمارات هذا الأسبوع إلى مرحلة بارزة في جهودها لمحاربة (كوفيد-19)، حيث تجاوزت مساعداتها من معدات الوقاية الطبية والشخصية إلى أكثر من ألف طن، ووصلت إلى أكثر من 70 دولة، ودعمت أكثر من مليون من العاملين في مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم.
إن دولة الإمارات التزمت منذ بداية جائحة (كوفيد-19) بالاضطلاع بدور رئيس وفاعل بتقديم المساعدات للدول العربية المجاورة، كما هبت بمد يد العون لتلبية احتياجات دول أخرى من خارج المنطقة، حيث أدى الارتفاع المفاجئ في الإصابات إلى شل قدرتها على مكافحة الفيروس.
هذه الاستجابة ليست جديدة على دولة الإمارات وهي نابعة من القيم العربية الأصيلة التي رسختها قيادتنا الرشيدة في كافة مجالات التعاون مع أشقائنا العرب ودول العالم، التي تجمعنا بها صلات التآخي والصداقة. وأفضل تعبير عن ذلك هو قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس الوزراء حاكم دبي، "رعاه الله": " الأمم الحية لا تهرب ولا تيأس من التحديات، ونحن أمة حية لم تيأس في الماضي ولن تيأس في المستقبل، لا نتأخر في دعم الشقيق و الصديق و المنكوب والمحتاج أينما كان، تنصر الضعيف وتعلم الصغير وتشد جوع الفقير وتغيث الملهوف و تعالج المريض، تبني مستشفيات، وتعمر المدن وتقيم المدارس وتنشر رسالة المحبة، الإنسان لأخيه الإنسان، وتحمل لواء العطاء للبشر، كل البشر."
نعم، أمة العرب حية وها هي تقف مع العالم في مواجهة أعتى أزمة واجهت الإنسانية. وقد أردنا أن نثبت أن عالمنا العربي يلعب دورا كبيرا ونشطًا في وقت الأزمات ولا سيما بالاستجابة العالمية لاحتواء الفيروس، وأردنا ترجمة التضامن والتعاطف الذي كان يلهم العالم إلى تعاون بناء.
ففي الوقت الذي كانت فيها الرحلات التي تحمل المستلزمات الطبية ومعدات الوقاية الشخصية الجانب الأكثر وضوحًا في المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات في مكافحة فيروس (كوفيد-19)، إلا أنها ليست إلا جزءا من جهد أوسع وأعمق بكثير مبني على العلاقات العالمية الواسعة لدولة الإمارات والموقع الاستراتيجي والاستثمار طويل الأجل في الصحة والبنية التحتية اللوجستية.
لطالما شعرت دولة الإمارات بمسؤولية في محاولة تخفيف المعاناة في العالم. وينعكس هذا في التزامنا التاريخي بأن نكون من كبار مزودي المساعدة العالمية من الناحيتين النسبية والمطلقة. ولا سيما أن دولة الإمارات باتت مركزًا عالميًا مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالاقتصاد العالمي.
في مارس 2020، قمنا بإجلاء 215 من رعايا الدول الشقيقة والصديقة من ووهان الصينية حيث تفشى فيروس (كوفيد-19) بشكل كبير، وقمنا باستضافتهم في المدينة الإنسانية في أبوظبي ليتلقوا الرعاية الصحية قبل عودتهم إلى بلادهم.
لطالما شعرت دولة الإمارات بمسؤولية في محاولة تخفيف المعاناة في العالم، وينعكس هذا في التزامنا التاريخي بأن نكون من كبار مزودي المساعدة العالمية من الناحيتين النسبية والمطلقة.
ومع توقف الرحلات بسبب إجراءات الدول في مكافحة فيروس(كوفيد-19) ساعدت دولة الإمارات على لم شمل العديد من العائلات وإعادتهم إلى بلادهم - أينما كانوا. وبالإضافة إلى توفير معدات الوقاية الشخصية ورحلات الإجلاء والعودة إلى الوطن، قمنا بتسليم عدد كبير من معدات الاختبار إلى البلدان التي تحتاجها.
على صعيد آخر، فقد أتاح التعاون الدولي في مجال العلوم والتكنولوجيا لدولة الإمارات على تقديم مساهمات كبيرة على الصعيد الطبي أيضًا، فقد ساعدنا في تعزيز الأبحاث التي تتعلق بإنتاج لقاح لفيروس (كوفيد-19)، وطورنا علاجًا واعدًا بالخلايا الجذعية. كما قمنا أيضًا بتقديم تقنيات الفحص والاختبار المتقدمة إلى السوق المحلي بسرعة.
وتجلى التزام دولة الإمارات العميق بتعزيز الأهداف الإنسانية في مجال آخر وهو استكشاف الفضاء. وقد يتساءل البعض لماذا سعت دولة الإمارات، في منتصف يوليو 2020، وفي وسط وباء عالمي، إلى إطلاق مسبار إلى المريخ (والذي أصبح يسمى بـ"مسبار الأمل"). ذلك لأننا نعتقد أن استكشاف الفضاء لا يتعلق فقط بما هو هناك، ولكن بما هو موجود هنا على الأرض: فهو يعزز التقدم العلمي، ويوفر لنا منظورًا وشعورًا بالهدف الأكبر الذي نسعى إليه، ويدعم التعاون مع دول العالم الأخرى. كما يظهر للشباب العربي أن كل شيء من الممكن أن يتحقق عندما يتم بذل الجهد المناسب لإنجازه.
في حين أن المعركة ضد فيروس (كوفيد-19) ليست كمهمة استكشاف الفضاء، إلا أن هناك أوجه تشابه بينهما. فكلا المهمتين تزودنا بمنظور. بينما نتكيف مع "الوضع الطبيعي الجديد"، لا يجب أن ننسى أن الاستجابة العالمية للفيروس بشكل عام كانت مذهلة في حجمها ونطاقها. فقد وضعت الحكومات والمجتمعات والشركات الخلافات والمخاوف التنافسية جانبا سعيا وراء قضية مشتركة.
وفي ظل تكيف العالم مع "طبيعته الجديدة"، يجب أن نبقى يقظين. يجب علينا ألا ننسى الدروس التي تعلمناها من أزمة (كوفيد-19)، لنعود مجددا إلى العادات القديمة. وأقصد هنا تغير المناخ بشكل خاص. فقد انخفضت الانبعاثات العالمية بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، وظهرت علامات مرونة في النظام البيئي مع التغييرات الطارئة في كل مكان. وفي حين أن ما جرى كان يعكس تأثيرا غير مقصود للوباء، إلا أنه دليل واضح على أنه يمكننا جميعًا أن نعمل يداً بيد لحماية موارد كوكبنا. كل منا ومعاً قادرون على إحداث الفرق. ثمة أمل، وهي الرسالة التي يجب أن نكرسها في كل منعطف ومناسبة ومحفل.
وفي الوقت نفسه، وبينما تواصل دولة الإمارات جهودها لمكافحة فيروس (كوفيد-19) بالتعاون مع شركائنا العرب والدوليين، نتطلع إلى نقل التعاون الدولي إلى مستوى جديد هنا في بلادنا مع إكسبو 2020 دبي. لقد كان اختيار دبي كمركز لأكسبو 2020 مصدر فخر كبير. وعلامة على مدى تقدم دولة الإمارات منذ تأسيسها عام 1971، فضلاً عن الثقة التي يوليها المجتمع الدولي لنا.
وعندما أجبرتنا الظروف على تأجيل الحدث، كان هناك شعور بخيبة أمل كبيرة. ولكننا متأكدون من أن إطلاق إكسبو 2020 في دبي عام 2021،سيكون له نكهة خاصة إذ سيتم تعزيزه بمزيد من الطاقة والإصرار. وسيكون إكسبو 2020 فرصة للبشرية للتفكير في كيفية ثبات التزامها في مواجهة فيروس (كوفيد-19)، مع الأمل في مستقبل أفضل- وأما بالنسبة لنا في العالم العربي فهذه فرصة لنا كذلك لنفخر بما سنساهم به لصالح الإنسانية جمعاء.
** نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة