اليوم الوطني العماني.. شراكة ثقافية بين الإمارات وعمان تعزز الإرث المشترك
علاقات اجتماعية وثقافية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، تجمع دولة الإمارات وسلطنة عمان، وتظهر قوتها بشكل جلي في المناسبات الوطنية.
تشارك دولة الإمارات شقيقتها عُمان احتفالها بالعيد الوطني الـ54، الذي يحل اليوم الإثنين، في وقت يتزايد فيه التعاون الثقافي بين البلدين.
وتحتفل سلطنة عمان بعيدها الوطني يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، فيما تحتفل دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر/كانون الأول كل عام باليوم الوطني.
ويجسد احتفاء البلدين، قيادة وشعبا، باليوم الوطني في كل منهما عمق العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين والمصير المشترك الذي يجمعهما.
زيارات القادة.. رسائل ثقافية
ظهر ذلك جلياً خلال الزيارتين التاريخيتين المتبادلتين لكل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إلى السلطنة، في سبتمبر/أيلول 2022، وزيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى الإمارات في أبريل/نيسان الماضي.
وخلال زيارته للسلطنة، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارة لدار الأوبرا السلطانية العمانية، واستمع من القائمين عليها لفكرة مشروع تأسيس الأوركسترا السيمفونية السلطانية على يد الراحل المغفور له السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد ومراحل تأسيسها بجانب إنشاء دار الأوبرا التي صممت لتتناسب مع آخر ما توصلت إليه التقنيات الحديثة سواء من حيث حركة المسرح أو الإضاءة أو الصوت.
كما اطلع على الدور الذي تقوم به دار الأوبرا السلطانية في المجال الثقافي وما تقدمه من فنون كلاسيكية عالية المستوى.
وسجل رئيس دولة الإمارات كلمة في سجل كبار الزوار قال خلالها: "سعدت بزيارة دار الأوبرا السلطانية النابضة بالحياة والاستماع إلى الأوركسترا السيمفونية العمانية التي تمتزج فيها العراقة مع الحداثة بتناغم راقٍ.. الفنون لغة عالمية مشتركة وحلقة وصل تجمع بين الثقافات ووسيلة مهمة لنشر القيم الإنسانية وأهمها التواصل والسلام والتسامح والتعايش بين الشعوب وهي القيم ذاتها التي تنعم بها عمان الوئام والمحبة في ظل قيادة أخي جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان".
أيضا زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان المتحف الوطني العماني في العاصمة مسقط، واطلع خلال الجولة على أروقة المتحف وأقسامه وتوقف عند عدد من الزوايا والقاعات شملت "ركن السلطان قابوس بن سعيد" الذي يعرض مجموعة من المقتنيات الشخصية والهدايا التي قدمت إلى الراحل من قادة الدول بمن فيهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي أهداه مجسماً لقصر الحصن وسيفاً، كما زار ركناً خاصاً بمقتنيات من متحف اللوفر- أبوظبي في إطار التعاون بين متحفي عمان الوطني واللوفر.
وكتب كلمة في سجل كبار الزوار قال فيها: "سعدت كثيراً بزيارة المتحف الوطني في سلطنة عمان الشقيقة، واستمتعت بالتعرف على مقتنياته الثرية والثمينة التي تجسد عراقة الشعب العماني وتاريخه المديد وما توليه السلطنة بقيادة أخي السلطان هيثم بن طارق، من اهتمام كبير بالثقافة ضمن منظومة التنمية الشاملة التي تنعم بها.. شكراً للقائمين على المتحف لجهودهم وخالص تمنياتي لهم بالتوفيق".
بدوره، حرص سلطان عمان هيثم بن طارق، على زيارة جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي يرافقه الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس دولة الإمارات نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة.
وشملت جولة سلطان عمان والوفد المرافق في الجامع، ضريح المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مستذكرين إرثه الإنساني العالمي ونهجه الحكيم في تعزيز قيم التواصل والتعارف والتعايش بين شعوب العالم وثقافاته.
واطلع سلطان عمان على قاعات الجامع وأروقته بجانب دوره الحضاري في تعزيز ثقافة التعايش والانفتاح على الآخر المستلهمة من قيم المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إضافة إلى ما يتميز به الجامع من جماليات وفنون العمارة الإسلامية والتصاميم الهندسية التي تتجلى في مختلف زواياه وما يتضمنه من مقتنيات متميزة، فضلاً عن دور مركز جامع الشيخ زايد الكبير في التعريف بالثقافة الإسلامية السمحة ومد جسور التقارب بين مختلف ثقافات العالم.
أيضاً ضمن الزيارات المهمة، أجرى ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عمان زيارة للإمارات، التقى خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الشاطئ بأبوظبي- 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وخلال الزيارة نفسها قام ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عُمان، يرافقه الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، بزيارة متحف اللوفر أبوظبي.
وأعرب الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان وذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد عن تقديرهما للسرديات الثقافية المقدمة، والتراث المشترك الذي يعرضه المتحف، مؤكدين أهمية الدور الحيوي لهذه المساحات الإبداعية في تعزيز الروابط الثقافية للبلدين الشقيقين.
وزار ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد والشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، بيت العائلة الإبراهيمية الذي يضمُّ ثلاث دور للعبادة، وتجوَّلا في هذا المَعلم الحضاري والثقافي، وأشادا برسالة بيت العائلة الإبراهيمية من أجل التعايش والسلام والأُخوَّة الإنسانية.
معارض ومهرجانات
ويحل العيد الوطني العماني، في وقت تشارك فيه السلطنة خلال الشهر الجاري في فعاليات النسخة الـ43 من معرض الشارقة للكتاب.
وأكدت ثريا حمد الهطالية، رئيس قسم التنمية الثقافية ممثل جناح سلطنة عمان، أن سلطنة عمان تسعى من خلال هذه المشاركة السنوية إلى تعزيز الإنتاج الثقافي والفكري بهدف نشر الثقافة العمانية في مختلف معارض الكتب العالمية.
تأتي تلك المشاركة بعد نحو شهر من مشاركة السلطنة الشهر الماضي في "مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب" في نسخته الحادية عشرة.
بدورها، شاركت الإمارات بفعالية كبيرة، في الدورة الثامنة والعشرين من معرض مسقط الدولي للكتاب الذي نظمته وزارة الثقافة والرياضة والشباب بسلطنة عمان خلال الفترة من 21 فبراير/ شباط وحتى الثاني من مارس/آذار الماضي.
وجاءت مشاركة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات في معرض مسقط الدولي للكتاب 2024، إبرازا وتأكيداً على العلاقات القوية والمتينة بين الإمارات وسلطنة عمان الشقيقة لا سيما في المجال الثقافي الذي له دور كبير في ترسيخ مكانة البلدين إقليميًا وعالميًا، إذ تعتبر الثقافة واجهة مهمة تعبّر عن تاريخ وإرث وحضارة البلدين الشقيقين.
تبادل الخبرات
ضمن هذا الإطار، زار وفد من مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية مقر وزارة الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عمان بمسقط أغسطس/آب الماضي.
وتم خلال الزيارة بحث سبل التعاون المشترك مع مسؤولي وزارة الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عمان.
وأكد الجانبان أهمية تنظيم فعاليات وندوات مشتركة في جوانب الثقافة والفنون، في البلدين الشقيقين.
أيضا أجرى وفد من جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، زيارة في فبراير/شباط الماضي لكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس ودار الأوبرا السلطانية في العاصمة العمانية مسقط، لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاستدامة الثقافية والمجتمعية وتبادل الخبرات والمعارف.
وتعكس أي زيارة متبادلة بين قادة ومسؤولي البلدين حجم التوافق الكبير في منظومة القيم المجتمعية والثقافية بين شعبي الدولتين، والحرص على تعزيز التعاون الثقافي بينهما.
التوافق بين الدولتين في منظومة القيم المجتمعية والثقافية شكل دافعا قويا لتعزيز التعاون بينهما في الجانب الثقافي.
ويحرص البلدان على المضي بتلك العلاقات قدما إلى آفاق أرحب، عبر تعزيز التعاون، وتبادل الزيارات الخبرات والاطلاع على التجارب الناجحة في البلدين لتعميم الاستفادة.
أيضا في إطار التعاون المتنامي بين البلدين، وقَّع متحف اللوفر أبوظبي والمتحف الوطني في سلطنة عُمان مايو/أيار الماضي اتفاقية إعارة جديدة بموجبها ستُعرض قطعتان مُميزتان من مجموعة اللوفر أبوظبي في المتحف الوطني في سلطنة عُمان لمدة عام واحد.
المناسبات الوطنية
أيضا تتحول المناسبات الوطنية في البلدين إلى احتفالية مشتركة تجسد أواصر الأخوة والمحبة والمصير المشترك الذي يجمع بين البلدين، والعلاقات الأخوية والروابط التاريخية التي تتوثق وتزداد تلاحما وقوة عاما تلو الآخر.
ويجسد احتفاء البلدين، قيادة وشعبا، باليوم الوطني في كل منهما عمق العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين والمصير المشترك الذي يجمعهما.
ويتقاسم البلدان موروثا ثقافيا مشتركا من فنون وآداب شكلت هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما ولجميع شعوب منطقة الخليج العربي، فيما تنعكس العادات والتقاليد المشتركة بين الشعبين على الكثير من المفردات في الشعر والنثر والقصة والموروث الشفهي والأمثال والمرويات الشعبية، إلى جانب ما يتصل بأساليب وطرائق الحياة بصفة عامة.
وتزداد الروابط الثقافية والاجتماعية بين الإمارات وسلطنة عُمان تداخلا وعمقا بدرجات كبيرة، تصل إلى مستوى العلاقات الأسرية والعائلية وتقاسم العادات والأزياء والفنون، نتيجة للتاريخ المشترك والتلامس الجغرافي.
وفي كل مناسبة وطنية يستذكر شعبا البلدين جهود القادة المؤسسين في إرساء علاقات أخوية قوية بين البلدين.
علاقات أخوية تزداد نموا وترسخا في ظل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، والسلطان هيثم بن طارق.
تلك العلاقات القوية عبر عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تصريح سابق له وصف فيه السلطنة بأنها "بلد عزيز يحظى بمكانة خاصة في قلوب الإماراتيين قيادة وشعباً".
aXA6IDMuMTQ3LjcyLjY1IA==
جزيرة ام اند امز