الشعر الإماراتي يحيي أمسيات مدريد.. والإسبان يصدحون "أُوليه"
الشعراء قدموا نماذج مختارة من التجربة الإبداعية، في الوقت الذي قرأت الشاعرة غاريلو مختارات مترجمة للغة الإسبانية.
استضاف البيت العربي في العاصمة الإسبانية نخبة من شعراء وشاعرات الإمارات في أمسيتين شعريتين، جمعت جمهور الأدب العربي في مدريد، والباحثين والنقاد المستعربين المتخصصين في القصيدة العربية المعاصرة.
جاء ذلك ضمن فعاليات الاحتفاء بالشارقة ضيف شرف الدورة 37 من معرض ليبر الدولي للكتاب - مدريد 2019.
وجمعت الأمسية الأولى التي أدارتها الكاتبة إيمان اليوسف كلاً من الشاعرة الإسبانية تيرازا غاريلو، والشاعرة الإماراتية الهنوف محمد، والشاعر عبدالله الهدية، والشاعرة شيخة المطيري.
وقدّم كل من الشعراء نماذج مختارة من التجربة الإبداعية، في الوقت الذي قرأت الشاعرة غاريلو مختارات مترجمة للغة الإسبانية من قصائد عدد من الشعراء الأندلسيين القدامى.
وكشفت الأمسية الثانية التي أدارتها الكاتبة صالحة عبيد، عن المشهد الشعري النسوي في الإمارات، وما تمثله تجارب الأجيال المؤسسة والرائدة والمعاصرة فيه، إذ جمعت كلاً من الشاعرة خلود المعلا، والشاعرة بشرى عبدالله، والشاعرة نجاة الظاهري، إلى جانب المترجمة والكاتبة العراقية باهرة عبداللطيف التي قدمت بعض القصائد المترجمة للغة الإسبانية.
التقت خلال الأمسيتين جماليات النص الشعري العربي والإسباني، حيث استهلت القراءات الشاعرة تيرازا غاريلو بقصيدة للشاعر الأندلسي ابن زيدون قالت فيها:
"إنّي ذكرْتُكِ بالزّهراء مشتاقاً :: والأفق طلق ومرْأى الأرض قد راقَا
وللنّسيم اعتلال في أصائله :: كأنه رقّ لي فاعتلّ إشفاقاً".
وأخذ الشاعر عبدالله الهدية جمهور الأمسية إلى ذاكرة المكان والإنسان الإماراتي، حيث قرأ:
"أطلقت في مدك المحظور أشرعتي :: وجئت أحبو على أشلاء أمنيتي
لملمت بعضي على بعضي على أملي :: كي أجمع الكل من أنقاض أزمنتي".
واختارت الشاعرة الهنوف محمد مجموعة من القصائد التي تعبر عن شواغلها الذاتية، وعلاقتها مع المفاهيم الإنسانية وتجربة العيش ومتغيراتها، فألقت:
"أعلم بأن لا هوى إلا هواك
ليتني ألجم تمردي
أحوله إلى تأدب زاهد
أعدمني بفيضك
حتى تشاء لأكون فأكون
كل هذا الهوى
فامنعني عمن يلوح من خلفي
ولن أبكي
ولن أشتكي لسواك"
وكعادتها في مجمل الأمسيات التي تقرأ فيها، وجهت الشاعرة شيخة المطيري تحية ورسالة سلام للأطفال الذين ماتوا في الحروب والصراعات، حيث قرأت: "كفّنت أحلام الصغار، المتعبين من الطفولة والبراءة، والرغيف اللا يجيء.. زمن يعيش بوجههم، يقتات أعينهم ويكبر ألف عام.. زمن يعيث برأسهم، زمن الظلام.. من أين يكبر طفلهم، وبأي مدرسة يموتُ؟، دق الجرس، ودقت قلوب الخائفين".
أما الأمسية الثانية فاستهلتها الشاعرة نجاة الظاهري بمختارات من قصائدها التي تستند فيها إلى شكل قصيدة التفعيلة، وتبني فيها عوالم جمالية منسوجة بلغة محكمة ومجددة، حيث قرأت:
"أضعتُ سبيلنا الأولى
فكيف سأبلغُ القصدَ
وماذا الزادُ والحوتُ
الذي خبّأتُه ارتدّا
وما من صخرةٍ توحي
بما يهدي وما يُهدى
ضياعٌ.. أيها النجمُ العزيزُ
المُعتلي بُعدا"
بدورها فتحت الشاعرة بشرى عبدالله الباب كاملاً على تجربتها الشعرية، حيث قدمت مجموعة من القصائد التي تعتمد على الصورة والتجسد ومحاولة فيهم المشاعر واللامرئي بتجسيد شكله وتصور هيئته، إذ قرأت:
"هنالك في الروح بابان
نافذتان
وشمسٌ لها رغبةٌ في البكاءِ
وصمتٌ يلوِّحُ للشمسِ
ألا بكاءَ سيروي الحنين".
أما الشاعرة خلود المعلا فما إن اختتمت قراءتها حتى تعالى صوت الجمهور بـ"أُوليه، أُوليه"، الكلمة الإسبانية التي تعبر عن الإعجاب، حيث كثفت المعلا تجارب عميقة وإنسانية مفارقة بنصوص تسند إلى البساطة الحادة، والإيقاع الهادئ في ظاهره والهادر والقاسي في عمقه، فقرأت:
"أميل بروحي أحياناً توجساً من أرقي
أستند إلى ما لا أراه من وميض الروح
أقترف حلماً عوالمه لا حد لها
أحرك جسداً في الخفاء
اجتاز الحدود التي يرتبها الآخرون
أتعدد في المرايا
كي لا أكون وحدي"