يوم المرأة الإماراتية.. مبادرات ملهمة في رحلة التمكين
إنجاز تلو آخر تحققه الإمارات في رحلة تمكين المرأة، عبر مبادرات ملهمة، عززت المكانة الريادية لابنة الإمارات في مختلف المجالات.
إنجازات عابرة للقارات، تتجاوز الأرض إلى الفضاء، تؤكدها الأرقام وتشيد بها التقارير الدولية حتى أضحت الإمارات نموذجاً عالمياً رائداً في تمكين المرأة وحماية حقوقها.
وتحتل الإمارات المركز الأول إقليمياً و18 عالمياً في مؤشر الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين، وتتطلع إلى دخول قائمة العشرة الكبار عالمياً.
كما تحتل الإمارات المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير البنك الدولي "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون" 2021، محققة العلامة الكاملة في 5 محاور هي: حرية التنقل، والعمل، والأجور، وريادة الأعمال، والمعاش التقاعدي.
ولم تكتف الإمارات بدعم تمكين المرأة وحماية حقوقها داخل الدولة فقط، بل أطلقت مبادرات عدة لدعم تمكين المرأة حول العالم.
مبادرات وإنجازات تحتفي بها المرأة الإماراتية في يومها الذي يوافق 28 أغسطس/آب من كل عام، وهي تجني ثمار النهج الذي خطّه لها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في دعم المرأة وتمكينها، ويواصله الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
إنجازات تحققت أيضاً بجهود حثيثة من الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية "أم الإمارات"، قائدة الجهود الوطنية لتمكين المرأة، والارتقاء بقدراتها في خدمة الوطن لتصبح شريكاً أساسياً في مسيرة التنمية المستدامة.
ما تحقق للمرأة الإماراتية تقف خلفه العديد من العوامل والإجراءات التي يمكن إيجازها في تعزيز البيئة التشريعية الداعمة للمرأة بدءاً من الدستور إلى سلسلة القوانين الاتحادية والقرارات الوزارية والمحلية التي كفلت تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة، بالإضافة إلى الآليات الوطنية وجهات الدعم المتمثلة في مؤسسات تمكين المرأة وعلى رأسها الاتحاد النسائي العام الذي كان له الدور الأكبر منذ قيام الدولة في تذليل الصعوبات أمام نهوض وتمكين المرأة، عبر إطلاقها البرامج والمبادرات التي ساهمت في بناء قدرات المرأة في مختلف المجالات.
التمكين السياسي.. مبادرة تاريخية
من أبرز المبادرات والقرارات التاريخية التي أسهمت في تحقيق التمكين السياسي للمرأة، بل جعل الإمارات نموذجاً عالمياً ملهماً يحتذى به في هذا المجال، هو القرار التاريخي للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50%.
أسهم القرار في بلوغ المرأة الإماراتية في "انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2019" ذروة مسيرة التمكين بوصولها إلى تحقيق المناصفة الكاملة مع الرجل تحت قبة البرلمان، في واحدة من السوابق التاريخية على مستوى العالم.
أيضاً ظهر التمكين السياسي للمرأة جلياً في تمثيلها في التشكيل الوزاري في دولة الإمارات الذي يتضمن 33 وزيراً بينهم 9 نساء.
كما حرصت الإمارات على تعزيز مشاركة المرأة في مجالات العمل الدبلوماسي، إذ إن قرابة 49.5% من موظفي وزارة الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات من النساء.
محطات فارقة.. مجلس التوازن واستراتيجية التمكين
من المحطات التاريخية الفارقة في رحلة تمكين المرأة في الإمارات، كان إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة في دولة الإمارات، وتأسيس مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين عام 2015.
أطلقت الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة في دولة الإمارات 2015-2021، التي توفر إطاراً عاماً ومرجعياً وإرشادياً لكل المؤسسات الحكومية (الاتحادية والمحلية) والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني في وضع خطط وبرامج عملها، من أجل توفير حياة كريمة للمرأة لجعلها متمكنة، ريادية، مبادرة، تشارك في كل المجالات العملية التنموية المستدامة، بما يحقق جودة الحياة لها.
ومن أهم أهداف الاستراتيجية إيجاد إطار تشريعي ومؤسسي داعم للمرأة، يتماشى مع أفضل الممارسات في مجال تمكين المرأة، ويتوافق مع التزامات الإمارات بالمواثيق والمعاهدات الدولية، إضافة إلى رفع مستوى مشاركة المرأة كمًّا ونوعاً في مختلف المجالات، ونسبة تمثيلها في مواقع السلطة وصنع القرار، وهو ما نجحت الاستراتيجية في تحقيقه بالفعل.
أيضاً من المبادرات المهمة في رحلة التمكين، إطلاق مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، الذي أعلن عن تأسيسه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في فبراير/شباط 2015.
وعمل المجلس منذ تأسيسه على تحقيق رؤية وتوجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالعمل على تقليص الفجوة بين الجنسين بجميع قطاعات الإمارات والارتقاء بمكانة الدولة في التقارير والمؤشرات العالمية، وذلك من خلال إطلاق مبادرات نوعية وتكثيف التعاون مع الجهات الاتحادية المعنية والقطاع الخاص، فضلاً عن تعزيز الشراكات العالمية مع المنظمات والدول صاحبة الخبرة المميزة في التوازن بين الجنسين.
قوانين تقود للخمسين
على صعيد البيئة التشريعية الداعمة لتمكين المرأة، يمكن القول إن عامي 2019 و2020 كانا عامي المرأة بامتياز في دولة الإمارات التي أصدرت خلالهما نحو 11 قانوناً جديداً وتعديلاً تشريعياً انصبت جميعها في مصلحة تعزيز حقوق المرأة وتمكينها في جميع المجالات.
من أبرزها المرسوم بقانون اتحادي رقم 6 لسنة 2020 الخاص بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 8 لسنة 1980 في شأن تنظيم علاقات العمل، والذي نص على مساواة أجور النساء بالرجال في القطاع الخاص، ومنح العامل في القطاع الخاص "إجازة والدية" مدفوعة الأجر لرعاية طفله، لتكون بذلك دولة الإمارات أول دولة عربية تمنح إجازة الوالدية للعامل في القطاع الخاص.
كما أصدرت الإمارات قراراً في عام 2019 بالمساواة في الرواتب والأجور بين الجنسين في الجهات الحكومية، لتكون الإمارات بذلك أول دولة في المنطقة تصدر تشريعاً من هذا النوع.
وينص القانون الإماراتي على إلغاء جميع القيود المفروضة على النساء العاملات في ساعات الليل والعمل في الوظائف الشاقة كقطاعات التعدين والإنشاءات والتصنيع والطاقة والزراعة والنقل، لإعطاء المرأة الحق في العمل في هذه الصناعات، كما لا يسمح القانون لصاحب العمل بإنهاء خدمة المرأة العاملة أو إنذارها بسبب حملها، كذلك يحظر قانون تنظيم العمل التمييز بين الموظفين في الحصول على الوظائف والترقي، كما يحظر التمييز بين الجنسين في الأعمال ذات المهام الوظيفية الواحدة.
كما أن الدستور الإماراتي كفل الحقوق المتساوية لجميع مواطني الدولة، حيث تتمتع المرأة بحقها في التملك، والتعليم، وشغل الوظائف.
كذلك كانت دولة الإمارات في عام 2012 أول دولة في المنطقة تسن تشريعاً يقضي بإلزامية تمثيل المرأة في عضوية مجالس إدارة الهيئات، والشركات، والمؤسسات الحكومية.
تعديلات وتشريعات تواكب دور المرأة في استراتيجية الخمسين عاماً القادمة لدولة الإمارات مع تمكينها من استمرارية نجاحاتها طوال المسيرة الناجحة للدولة في الخمسين عاماً الماضية والبناء عليها نحو آفاق أرحب من الإنجازات في مختلف القطاعات والمجالات.
التمكين الاقتصادي.. إشادة دولية
تلك التشريعات أسهمت بشكل كبير في تمكين المرأة في المجال الاقتصادي من خلال مراعاة ظروف المرأة والتي تسهل انخراطها الكامل في ريادة الأعمال وفي غيرها من الأنشطة لما في ذلك من أهمية في تحقيق استقرار المجتمعات وازدهارها.
هذا التمكين تكشفه الأرقام التي تفيد بأن عدد الشركات المرخصة والمملوكة من نساء بلغت 80 ألفاً و25 شركة، فيما بلغ عدد سيدات الأعمال في الإمارات 32 ألف سيدة أعمال إماراتية يدرن مشاريع تقدّر قيمتها بحوالي 45 إلى 50 مليار دولار.
ترجمة لهذا التمكين حققت دولة الإمارات المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2021" الصادر عن البنك الدولي.
وأشار التقرير إلى أن الإمارات واحدة من أفضل الدول على مستوى العالم في التحسينات التي وثقها البنك في مجال تمكين المرأة اقتصادياً وفقاً لمؤشرات هذا التقرير الذي يُعد من أهم المراجع العالمية المعنية برصد جهود الحكومات حول العالم فيما يتعلق بوضع القوانين والتشريعات الرامية إلى حماية وتمكين المرأة اقتصادياً، من خلال 8 محاور هي: حرية التنقل، مكان العمل، الأجر، الزواج، الوالدية، ريادة الأعمال، الممتلكات، والمعاش التقاعدي.
تمكين في قطاع الفضاء
ومن الأرض إلى الفضاء، امتد تمكين المرأة في الإمارات في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والفضاء، وهو ما ظهر جلياً في نجاحها في وصول "مسبار الأمل" الإماراتي إلى مدار كوكب المريخ، حيث وصلت نسبة مشاركة المرأة الإماراتية في مشروع "مسبار الأمل" إلى 34% من فريق العمل و80% من الفريق العلمي الخاص بالمسبار.
تميّز المرأة الإماراتية في قطاع الفضاء، أكد مجدداً أنها قادرة على العطاء في كل ميدان تتولى فيه المسؤولية، بعملها الدؤوب لضمان تحقيق رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في صياغة مستقبل ريادي للدولة في مجال الفضاء وإلهام الأجيال القادمة لخدمة الوطن والبشرية.
تمكين المرأة في السلام.. انفراد إماراتي
وتعبيراً عن الثقة بالقدرة الفعالة للمرأة الإماراتية والخليجية والعربية على إحلال السلام واستتباب الأمن والتآخي والتعايش السلمي، تم إطلاق مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن، في سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وذلك امتداداً لجهود الإمارات لتعزيز مشاركة المرأة في السلام والأمن.
وتأسست مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن "برنامج تدريب المرأة والسلام والأمن سابقاً" بالشراكة بين وزارة الدفاع والاتحاد النسائي العام، وبدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
وتهدف المبادرة إلى بناء قدرات المرأة وزيادة مشاركتها في العمليات العسكرية وعمليات حفظ السلام، وقد أطلقت بعد توقيع مذكرة تفاهم بين كل من وزارة الدفاع والاتحاد النسائي العام وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في سبتمبر/أيلول 2018 بمدينة نيويورك، بحضور الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، ما يشير بشكل واضح إلى التزام الإمارات بتعزيز أجندة المرأة والسلام والأمن.
وشمل البرنامج 357 مشاركة من عدة دول عربية وأفريقية وآسيوية في دورتيه خلال عامي 2019 و2020، حيث أشاد الشركاء الاستراتيجيون به كنموذج فريد وناجح.
وتم إطلاق اسم مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن على هذا البرنامج التدريبي الرائد في سبتمبر 2020 على هامش احتفالات هيئة الأمم المتحدة بالذكرى العشرين لإطلاق أجندة المرأة والسلام والأمن، واحتفاء بمرور عشرين عاماً على اعتماد قرار مجلس الأمن 1325 في عام 2000.
دعم عابر للحدود
وعلى صعيد ذي صلة، وقفت دولة الإمارات في مقدمة الدول المناصرة لحقوق المرأة على المستوى العالمي عبر سلسلة من المبادرات والبرامج التي تستهدف دعم وتمكين المرأة في العديد من المجتمعات والدول، مستندة في ذلك إلى تجربتها المحلية الرائدة التي باتت محل إشادة وتقدير إقليمي ودولي.
ومنذ قيام اتحاد الإمارات في عام 1971، حرصت الإمارات على الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية التي تعنى بقضايا المرأة وحماية حقوقها، من بينها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 2004، والاتفاقية الخاصة بساعات العمل في الصناعة في عام 1982، والاتفاقية الدولية المتعلقة بالعمل الجبري أو الإلزامي في عام 1982، والاتفاقية الدولية بشأن تفتيش العمل في الصناعة والتجارة في عام 1982، والاتفاقية الدولية بشأن عمل النساء ليلا في عام 1982، والاتفاقية الدولية بشأن مساواة العمال والعاملات في الأجر في عام 1996، والاتفاقية الدولية المعنية بإلغاء العمل الجبري في عام 1996، والاتفاقية الدولية المعنية بالحد الأدنى لسن الاستخدام في عام 1996.
وتتمتع دولة الإمارات بعلاقة قوية ومتنامية مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، حيث كانت عضواً في المجلس التنفيذي للهيئة ما بين عامي 2013 و2018، وتولت رئاسة المجلس التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في عام 2017.
وقدّمت الإمارات للهيئة منذ إنشائها في عام 2010 دعماً مالياً بلغ نحو 36 مليون دولار أمريكي بهدف تعزيز جهودها في تمكين المرأة على مستوى العالم، لتحتل الدولة المرتبة الأولى عربياً والعاشرة عالمياً.