عنايات الزيات.. كاتبة مصرية راحلة تبهر النقاد بـ"رواية يتيمة"
أحداث الرواية تمر بتطورات تترك آثارها في شخصية البطلة، وتتصاعد بلقائها مع أحمد إبراهيم، وتقف الأيديولوجيات حائلا بين قصة حبهما
لم تنل الكاتبة المصرية عنايات الزيات في حياتها شيئا من الاحتفاء أو حتى الاعتراف، وتركت وراءها ميراثا ثقيلا من الحزن ظل مرهونا باسمها، بعد أن أقدمت على الانتحار في ملابسات غامضة وهي في عمر الشباب، وشاع وقت هذا الحدث أنها أقدمت على ذلك الانتحار بعد أن تم رفض نشر روايتها الوحيدة "الحب والصمت".
ومنذ صدور روايتها عام 1967 بعد انتحارها بقليل، ظل استدعاء اسم عنايات الزيات في عيون النقاد قائما، ولو على فترات، إلا أنه وبمرور أكثر من 50 عاما على حادث انتحارها، يتجدد البحث في ظاهرة عنايات الزيات وروايتها اليتيمة بصورة أكثر تكثيفا، وذلك مع قيام دار نشر "المحروسة" المصرية بإعادة طبع رواية "الحب والصمت" في طبعة حديثة.
ويستدعي الكاتب والناقد المصري شعبان يوسف مع "العين الإخبارية" مقاطع من المقدمة التي كتبها للطبعة الجديدة للرواية، مؤكدا أنه سبق أن قدم الرواية من قبل إلى الدكتور حلمي النمنم عندما كان مديرا للنشر في المجلس الأعلى للثقافة، ولكنه أبلغه أن أهلها يترددون في مسألة النشر، وكان يرى أن انتظار مرور 50 عاما على رحيل الكاتبة حتى يتم نشرها.
حسب دار "المحروسة" فإنه تتلاقى في الرواية الجوانب الاجتماعية والثقافية والسياسية، بجانب السرد الذاتي والحوارات المحملة بالعديد من الإشارات التي تأتي في سياق رومانسي أحيانا وأسري أحيانا أخرى، لتخرج الرواية قطعة مكتملة توثق المشهد الاجتماعي المصري في حقبة الخمسينيات كما توثق تطور مشاعر وشخصية نجلاء بطلة الرواية.
ويصف شعبان يوسف عالم الرواية بـ"المخيف"، ويُعلل ذلك بقوله: "رغم أجواء الحب التي تهيمن على بعض تفاصيل الرواية، والعلاقات الاجتماعية التي تكاد تكون سائدة وعادية، وربما تكون مريحة لكائنات أخرى، فإننا نصطدم منذ بداية الرواية بأن البطلة/الراوية فقدت شقيقها الوحيد (هشام)، الذي كان نموذجا مثاليا بالنسبة إليها، ذلك الأخ الفاعل والمحتفى به، لكنه يرحل ذات صباح حزين دون أي وداع، فتعتقد نجلاء شقيقته أن هذا الموت هو نهاية العالم بالنسبة لها".
ورغم انتماء البطلة إلى طبقة الأثرياء فإنها كانت تبحث بكثب عن مفردات الحياة، وتفضح تلك المادية التي تسيطر على تلك المجتمعات، بما في ذلك انشغال تلك المجتمعات بكل ما هو استعراضي وهش وخارجي، دون الاهتمام بالبعد الإنساني الأكثر عمقا ودفئا وعطفا ومحبة، التي كان لا يُشاركها بها سوى شقيقها الراحل، ما ضاعف من صدمة رحيله.
وتمر أحداث الرواية بتطورات تترك آثارها في شخصية البطلة، وتتصاعد بلقائها مع "أحمد إبراهيم" الذي تقف الأيديولوجيات والطبقات الاجتماعية حائلا بين قصة حبهما.
وكتب عن عنايات الزيات عدد من كبار الكتاب والنقاد، من بينهم الكاتب الراحل أنيس منصور، والدكتور محمود أمين العالم الذي كتب عنها بأنها "تموت وهي تعلن انتصار الحياة"، والروائية سلوى بكر، والدكتورة شيرين أبوالنجا التي كتبت عنها مقالا نقديا تحدثت فيه عن الموهبة الأدبية الواضحة وسلاسة الحكي، ووضوح الرؤية، وقالت إن "المفردات والصياغة تبدو كأنها خرجت من اللحظة الحاضرة".
وتتساءل الشاعرة المصرية إيمان مرسال عن أسباب سقوط رواية "الحب والصمت" من التأريخ الأدبي، من خلال كتاب لها بعنوان "في أثر عنايات الزيات"، الذي بدأت رحلته ببحثها مصادفة عن الطبعة الأولى لرواية "الحب والصمْت" خلال جولتها في سور الأزبكيّة المخصص لبيع الكتب القديمة، ومن يومها تحولت "عنايات" إلى هاجسٍ يطرح أسئلته التي تلقتها الشاعرة المصرية بطرح أدبي وبحثي، كسؤال عمن هي عنايات الزيّات، وماذا قابلت داخل سياقاتِ الكتابة والنشر والخِطابات المُهيمنة على كتابة المرأة فى اللحظة التاريخية التي عاصرتها؟
aXA6IDE4LjExNy4xMDcuNzgg جزيرة ام اند امز