مشروع أوروبي لابتكار روائح القرن الـ16.. ما القصة؟
باشرت مجموعة تضم مؤرخين وخبراء في الذكاء الاصطناعي وعلماء وعطّارين مشروعا لإعادة ابتكار الروائح التي كانت تنتشر بأوروبا في الماضي.
ويقضي مشروع "أودوروبا" بالتعرف على الروائح التي كانت تنبعث في أوروبا من القرن السادس عشر إلى القرن العشرين، وإعادة تركيبها، وفي الوقت ذاته إنشاء موسوعة للروائح.
ويقول الخبراء إن كل حقبة من التاريخ لها روائحها الخاصة، منذ أن كانت الزراعة عماد النشاط الاقتصادي للمجتمعات، إلى إنشاء المصانع خلال الثورة الصناعية، وصولا إلى النزوح إلى المدن وتوسعها.
وأوضح بيان صادر عن جامعة أنجليا راسكن (كامبريدج)، إحدى الهيئات الأوروبية الستّ المشاركة في المشروع، أن الموسوعة التي ستكون الأولى من نوعها "ستتيح لمتصفحي الإنترنت أن يكتشفوا كيف طبعت الروائح مجتمعاتنا وتقاليدنا".
كذلك سيسمح هذا المشروع بإعادة إدراج الروائح التي لا تزال موجودة في سياقها التاريخي، مثل رائحة إكليل الجبل التي كانت شائعة الاستخدام في القرنين السادس عشر والسابع عشر إذ كان يعتقد أنها قادرة على إبعاد الطاعون.
وسيعمل علماء الكيمياء والعطارون في المشروع على استخدام مؤشرات يتم رصدها بواسطة الذكاء الاصطناعي في نصوص تاريخية أو رسوم قديمة، لإعادة تركيب الروائح الرئيسية التي كانت طاغية في بعض الحقب، مثل رائحة التبغ مثلا، وفي بعض المواقع، مثل نتانة المدن مع انطلاق الصناعة.
وروى البروفسور ويليام توليت، اختصاصي التاريخ في جامعة أنجليا راسكن، مبدياً حماسته للمشروع، أن "أحد باحثينا يعمل على لوحات وسيحاول إعادة ابتكار رائحة (معركة) واترلو".
وسيتم إرسال عينات الروائح التي يعاد ابتكارها اعتبارا من العام المقبل إلى متاحف أوروبية عدة، لتمكين الزوار من الانغماس في الماضي من خلال حاسة الشم.
وأوضح المؤرخ المتخصص في الروائح أن من بين الأنشطة المقبلة، التعاون مع مواقع تعيد ابتكار حقب أو أحداث من التاريخ، ومتاحف سيُطلب من زوارها ربط كل من الروائح باللوحة المناسبة لها.
وقال الباحث: "ما يهم الناس هو معرفة كيف كانت الحياة في الماضي، ما كانت رائحتها"، معرباً عن رغبته في "إعطاء الناس تجربة أكثر حميمية مع الماضي" و"تشجيعهم على التفكير في الروائح المنتشرة اليوم من حولهم".
ولفت إلى أن انعدام القدرة على الشم نتيجة الإصابة بفيروس كورونا المستجد سلّط الضوء على أهمية هذه الحاسة.
ويساهم مشروع "أودوروبا" البالغة كلفته 2,8 مليون يورو، في طرح تساؤلات حول أهمية الروائح، وتساءل الدكتور توليت "هل ينبغي اعتبار الروائح جزءا من تراثنا الثقافي؟ وإن كان ذلك صحيحا، فهل يتحتم علينا الحفاظ عليها من أجل المستقبل؟".
وأضاف زميله البروفسور بيتر بيل من جامعة فريدريش ألكساندر في "إرلانجن-نورمبرج" في ألمانيا أن المشروع يقضي أيضا بتطوير "(أنف كمبيوتر) قادر عن رصد روائح وتجارب تتعلق بحاسة الشمّ في نصوص رقمية" بلغات عدة.