لن يفتح الرئيس سعد الحريري باب قصر بعبدا أمام العماد ميشال عون، ولو أيد ترشيحه. ما سيحدث، إن أيده، في الظروف الراهنة
لن يفتح الرئيس سعد الحريري باب قصر بعبدا أمام العماد ميشال عون، ولو أيد ترشيحه. ما سيحدث، إن أيده، في الظروف الراهنة، أن أزمة الفراغ الرئاسي ستدخل طورا جديدا، يبقي اللبنانيين في حبائل سعي إيران الى الهيمنة على القرار العربي.
ليس صعباً استشفاف هذا الغد من رسائل أسدية، بصوت وئام وهاب، وغيره، عن ضرورة "استغفار" الحريري دمشق عن "آثامه" السياسية تجاهها، الى رسائل السيد حسن نصر الله المباشرة الى عون عن واجب استرضاء الرئيس نبيه بري، والمرشح المنافس سليمان فرنجية، فيما الأول يجاهر بأنه لن يسير بعون، والثاني يتمسك بالمنافسة، ولو لم يكن له سوى صوته. والاثنان يضمهما حلف 8 آذار، بقيادة "حزب الأمين العام" منذ "شكرا سوريا" في آذار 2005. أليس في ذلك أحجية مفتعلة، لإطالة الازمة، ولإبقاء عون بعيدا عن قصر بعبدا؟
قد يقول بعض إن تأييد الحريري سيفضح كذبة تمسك الأمين العام وحلفائه بترشيح عون. لكن التأييد مع عدم الانتخاب سيجعل ورقة "المستقبل" مستهلكة، أو تحصيلاً حاصلاً في أحسن الأحوال. وما مردود التأييد، سياسياً، اذا غرق البلد أشهراً في مساومات تشكيل الحكومة، كما بعد ترئيس العماد ميشال سليمان باتفاق الدوحة؟
ليس سهلاً استعادة الثقة بين الأطراف السياسية، قيادية وشعبية، ولا يكفي خطاب حسن نيات لمحو ماضٍ زاخر بالأحقاد. لكن الأزمة في مكان آخر، تحديداً عند من عطل الدستور منذ ما قبل أيار 2014. فـ"مرشد الجمهورية"، كحال "هوديني" الساحر الشهير، كلما تخطى عون أحجية، اخرج له "أرنباً": طوع اعتراض "القوات اللبنانية"، فطالبه بجلب تأييد "المستقبل"، وحين لمح ليونة من الحريري، حضّه على مراضاة بري وفرنجية، ولا يزال أمامه نواب البعث والقومي السوري والطاشناق والمستقلون؟
لكن، وقد اكتشف الأمين العام ضرورة استرضاء بري وفرنجية، أليس الأجدر بعون أن يسترضيهما أولاً، كي يملك قدرة أكبر على طلب تأييد الحريري؟ وهل في الأمر صدام بين طهران ودمشق، أم تناغم يبغي استمرار خلو بعبدا من رئيس؟
الواقع أن الساعات الأخيرة، وما حملت من شروط "أسدية"، كذبت كل زعم عن كون الاستحقاق الرئاسي، هذه المرة، "صنع في لبنان"، وفي الأساس، فإن تأخير الانتخاب سنتين ونصفاً صنع خارج لبنان، فكيف يأتي الحل محليا؟
ليس عدم تأييد عون للرئاسة رفضا لشخصه، بل رفض للتسليم الضمني بمشروع حلفائه. وفي ظل التوازن القلق القائم، لا ينقذ الرئاسة من الفراغ سوى العودة إلى المرشح التوفيقي، لا التوافقي، أي من يوفق بين الآراء المتضاربة، ولا يكون حكما يسترضي المتضاربين. قوة الأول في حكمته، وضعف الثاني الاحتجاج بقوته. أمر يذكر بـ"تغريدة" القائم بالأعمال السعودي عن جان عبيد "حكيم وزراء الخارجية العرب" كما وصفه سعود الفيصل.
نقلا عن / النهار
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة