ماذا يخبئ الحلف لبوتين؟.. كل ما تريد معرفته عن الناتو
ربما هي ساعات ويقفز عدد أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" رسميا من 30 إلى 32 بانضمام السويد وفنلندا.
فالحلف، الذي تعتبره روسيا "عدوا وتهديدا لأمنها القومي" كانت 12 دولة وقعت تأسيسه عام 1949، وهذه الدول كانت الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، و8 دول أوروبية أخرى، متعهدة بحماية بعضها سياسيا وعسكريا.
ونما الحلف منذ ذلك التاريخ ليصل إلى الرقم 30 قبل أن تأخذ فنلندا والسويد قرارهما بتقديم طلب رسمي للانضمام إلى الحلف، رغم الاعتراض التركي على هذه الخطوة.
التوسع الذي يريده الحلف كل يوم كان سببا مباشرا للأزمة الروسية الأوكرانية، ومع تصاعد التوترات بين الجانبين صار التساؤل عن الحلف وأهميته ودوره وتاريخه ملحا.
هو تحالف دفاعي أوروبي وأمريكي شمالي تم إنشاؤه لتعزيز السلام والاستقرار وحماية أمن أعضائه، وكان ذلك مع تصاعد الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، ويقع مقره في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وكان الهدف من التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، حماية دول أوروبا الغربية من التهديد الذي شكله الاتحاد السوفيتي، والتصدي لانتشار الشيوعية بعد الحرب العالمية الثانية، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
لماذا تخشى روسيا انضمام أوكرانيا لـ"الناتو"؟
يضم الحلف حاليا ألبانيا، بلجيكا، بلغاريا، كندا، كرواتيا، جمهورية التشيك، الدنمارك، إستونيا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، المجر، أيسلندا، إيطاليا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبرج، الجبل الأسود، هولندا، مقدونيا الشمالية، النرويج، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة.
أما أوكرانيا فليست عضوا بالناتو، لكنها طالما أملت في الانضمام له، وهذه نقطة حساسة بالنسبة إلى روسيا، التي تعارض توسع الناتو قرب حدودها.
وقد طالبت روسيا بـ"ضمانات قوية" على عدم توسع الحلف شرقا، لا سيما إلى أوكرانيا، البلد الذي كان جزءا من الكيان السوفيتي السابق، لكن واشنطن والناتو رفضوا إعطاء روسيا أي ضمانات.
تمتع الحلف بـ"سياسة الباب المفتوح"، التي تنص على أن أي دولة أوروبية مستعدة وراغبة في الاضطلاع بالتزامات وتعهدات العضوية يرحب بتقدمها طلب العضوية، بل يجب الموافقة على أي قرارات بشأن التوسع بالإجماع.
وفي أعقاب الحرب الباردة، أوضح الناتو أنه سيرحب بالتوسع شرقا، وفي عام 1997 دعيت جمهورية التشيك والمجر وبولندا لبدء محادثات الانضمام للناتو.
ومنذ ذاك الوقت، انضمت أكثر من 12 دولة من الكتلة الشرقية السابقة، بما في ذلك ثلاث جمهوريات سوفيتية سابقة إلى التحالف.
ورغم التغييرات الجيوسياسية الكبيرة منذ تأسيس الناتو، ظل هدفه المعلن كما هو.. والمبدأ الأساسي الذي يقوم عليه التحالف هو مبدأ "دفاع جماعي": "سيعتبر أي هجوم مسلح ضد واحدة أو أكثر منهم (الدول الأعضاء) في أوروبا أو أمريكا الشمالية هجوما ضدهم جميعا".
وتحدد المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي مبدأ الدفاع الجماعي، وتضمن أن موارد الحلف بأكمله يمكن استخدامها لحماية أي دولة عضو، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لعديد من الدول الصغيرة التي ستصبح دون دفاعات بغير حلفائها، فأيسلندا، مثلا، ليس لديها جيش نظامي.
وبما أن الولايات المتحدة هي أكبر وأقوى عضو بالناتو، تخضع أي دولة في الحلف فعليا لحمايتها، وهذا ما يصنع التهافت على الانضمام للحلف.
في حقيقة الأمر، كانت المرة الوحيدة التي استشهد فيها بالمادة الخامسة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول لعام 2001 على الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك انضم حلفاء الناتو لغزو أفغانستان.
ومع ذلك، اتخذ الناتو إجراءات في مناسبات أخرى أيضا، حيث اتخذ تدابير جماعية عام 1991 عندما نشر صواريخ باتريوت خلال حرب الخليج، وفي عام 2003 خلال الأزمة في العراق، وفي 2012 استجابة للوضع في سوريا، أيضًا بصواريخ الباتريوت.
هل للناتو جيش خاص؟
الإجابة: لا.
يعتمد الناتو على دوله الأعضاء المساهمة بقوات، ما يعني أنه بالقوة نفسها لمجموع كل الدول.. ويصب هذا في مصلحة التحالف بأكمله للتأكد من أن كل دولة تضع ما يكفي من الموارد للدفاع عنها.
وقد كانت هذه إحدى النقاط الشائكة في التحالف، حيث غالبا ما تنتقد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الدول الأعضاء الآخرين لعدم وضع حصتهم العادلة.
ولطالما تجاوز الإنفاق العسكري الأمريكي ميزانيات الحلفاء الآخرين منذ تأسيس الناتو في عام 1949، لكن اتسعت الفجوة كثيرًا عندما عززت الولايات المتحدة إنفاقها بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وبموجب المبادئ التوجيهية للناتو، يجب أن تنفق كل دولة 2% من إجمالي ناتجها المحلي على الدفاع، لكن لا تصل معظم الدول إلى ذلك الهدف.
وطبقًا لآخر التقديرات الصادرة عن الناتو، حققت سبع دول، هي: اليونان، والولايات المتحدة، وكرواتيا، والمملكة المتحدة، وإستونيا، ولاتفيا، وبولندا، وليتوانيا، ورومانيا، وفرنسا، هدف الـ2% عام 2021.
ويعد هذا تحسنا كبيرًا، إذ إنه في 2014 أنفقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليونان فقط أكثر من 2%.
مهام أخرى للحلف
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تطور الناتو وتوسع.. وبمرور السنوات شارك أعضاؤه في حفظ السلام في البوسنة، حيث حاربوا الاتجار في البشر، وأرسلوا قوات لاعتراض اللاجئين في البحر المتوسط.
ويستجيب التحالف أيضًا للطرق الجديدة، التي تتكشف بها الصراعات، على سبيل المثال، من خلال إنشاء مركز دفاع سيبراني في إستونيا.
ما الذي ستضيفه السويد وفنلندا للحلف؟
من الناحية الجغرافية فإن فنلندا والسويد تمثلان ضغطا على الحدود الغربية الروسية، فهناك حدود مشتركة بين روسيا وفنلندا يبلغ طولها 1300 كيلومتر، وكانت فنلندا تتجنب السعي إلى الانضمام للناتو كي لا تثير عداوة مع جارتها الشرقية.
وهددت روسيا بالفعل، بمجرد الإعلان عن الطلب الفنلندي للانضمام إلى الناتو، فقال بيان للخارجية الروسية: "روسيا ستضطر إلى اتخاذ خطوات انتقامية، ذات طبيعة عسكرية-تقنية وغير ذلك، في سبيل تحييد التهديدات المحدقة بأمنها القومي".
وتطل فنلندا على بحر البلطيق، الذي يشهد توترا متزايدا بين موسكو، التي يتبعها في هذه المنطقة جيب كالينينجراد، والغرب. وقد قامت السويد مؤخرا بتعزيز وجودها العسكري هناك.
ويذكر أن النرويج والدنمارك وأيسلندا، دول تطل جميعها على بحر البلطيق، أعضاء بالناتو، وبانضمام السويد وفنلندا يصبح الموقف الروسي في هذه المنطقة محل تهديد وضغط أكبر مما كان وضع فنلندا والسويد في خانة الحياد عسكريا.
من ناحية أخرى فإن هناك تاريخا طويلا من الحرب الدينية بين روسيا من جهة وفنلندا والسويد من جهة أخرى.
تاريخيا وجغرافيا السويد وفنلندا إذًا يدفعان كفة الناتو إلى الرجحان أمام القيصر بوتين، الذي يزيد اليوم أعداؤه من أعضاء الحلف، ولا أحد يعلم ما خطواته المقبلة على رقعة الشطرنج بعد نقلته الأولى في أوكرانيا، والتي لا تزال نتائجها معلقة بين لا ربح ولا خسارة.