خطر العبوة الصامت.. هل تسرّع مشروبات الطاقة تطور خلايا السرطان؟

رغم شعبيتها المتزايدة بين الرياضيين والمراهقين ومحبي الألعاب الإلكترونية، تواجه مشروبات الطاقة تحدياً جديداً .
في دراسة حديثة نُشرت في دورية Nature، أشارت إلى أن أحد مكوناتها الأساسية، "التورين"، قد يسهم في تسريع تطوّر بعض أنواع السرطان، خصوصاً سرطان الدم "اللوكيميا".
الدراسة كشفت أن خلايا اللوكيميا لا تنتج التورين بنفسها، لكنها قادرة على امتصاصه من محيطها واستخدامه كمصدر طاقة للنمو والانقسام. وعند منع امتصاص التورين في خلايا سرطانية باستخدام تقنيات جينية، تباطأ تطور المرض بشكل ملحوظ، ما يفتح الباب أمام إمكانيات علاجية جديدة قائمة على حجب هذا الحمض الأميني.
التورين، الموجود طبيعياً في العضلات والقلب والدماغ، يُستهلك بشكل يومي عبر الغذاء الغربي بنسب تتراوح بين 40 إلى 400 ميليغرام. ويمكن للجسم أيضاً تصنيعه ذاتياً من أحماض أمينية أخرى كالميثيونين والسيستئين، شرط توفر فيتامين B6، الموجود في أطعمة مثل التونة والدجاج والموز.
ويصنّف التورين ضمن قائمة "المواد الآمنة" لدى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، بينما ترى الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية (EFSA) أنه يمكن استهلاك ما يصل إلى 6 غرامات منه يومياً دون ضرر. وللمقارنة، تحتوي عبوة مشروب طاقة مثل ريد بُل أو مونستر على حوالي غرام واحد فقط من التورين.
لكن القلق لا يكمن في التورين وحده، بل في "الخلطة" التي تقدمها مشروبات الطاقة، حيث يجتمع التورين مع نسب مرتفعة من الكافيين والسكر، ما قد يضع ضغطاً على القلب، يؤثر في النوم، ويزيد احتمالية حدوث مضاعفات، خاصة لدى من يعانون أمراضاً مزمنة أو يتناولون أدوية منشطة.
المفارقة أن بعض الدراسات السابقة كانت قد أشارت إلى إمكانية أن يخفف التورين من الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي في حالات اللوكيميا، ما يجعل أثره مرهوناً بجرعته، وطريقة استخدامه، والحالة الصحية للشخص.
ورغم كل هذه المعطيات، لا تزال الصورة غير مكتملة. فشرب عبوة مشروب طاقة بين الحين والآخر لا يبدو مقلقاً بالنسبة للبالغين الأصحاء، لكن الإفراط في التناول اليومي أو اللجوء إلى مكملات التورين دون استشارة طبية قد لا يكون الخيار الأمثل، خصوصاً إذا أثبتت الدراسات القادمة علاقته بتسارع نمو السرطان.