أسواق الطاقة.. أوروبا في ورطة داخلية "غريبة" والسبب "ألمانيا"
يفتح هذا الخلاف الباب واسعا، أمام عدة خلافات مستقبلية، وقد يصل بها الحال إلى احتمالية إعادة النظر في موقف دول أوروبية من الحرب.
يبدو أن الحلول التي تضعها دول الاتحاد الأوروبي منفردة، لا تلقى قبولا من دول أخرى، خاصة تلك التي لا تملك أية سيولة نقدية تقدم خلالها حوافز وتسهيلات لشعوبها، كما قامت دول أخرى متقدمة وصناعية بصدارة ألمانيا.
الشهر الماضي، أقرت ألمانيا حزمة دعم وحوافز للأسر والشركات بقيمة 200 مليار يورو، تهدف إلى مساعدتهم في دفع فواتير الطاقة الكهربائية، لعبور أحد أصعب فصول الشتاء على الإطلاق في البلاد، منذ الحرب العالمية الثانية.
وتجادل ألمانيا بأن حزمتها العملاقة البالغة 200 مليار يورو لحماية الشركات والأسر من تكاليف الطاقة المرتفعة ليست أنانية، بل إنها إحدى طرق حماية أكبر اقتصاد أوروبي.
- أزمة الطاقة.. ماكرون يدعو برلين إلى إبداء "تضامن" أوروبي
- وسط أزمة الطاقة.. فرنسا تضخ الغاز مباشرة في شرايين الاقتصاد الألماني
وترى الحكومة الألمانية أن الفوائد التي تعود على أكبر اقتصاد في أوروبا ستنتقل إلى الجميع، في إشارة إلى بقية دول التكتل، بحكم وزن الاقتصاد الألماني في منطقة اليورو وعملتها.
بالإضافة إلى ذلك، ترى ألمانيا أن انتقادات دول أوروبية لحملتها التحفيزية للأسر والشركات، ليست الوحيدة، بل إن دولا أخرى بما في ذلك كل من إسبانيا والبرتغال وفرنسا، أعلنت عن بعض الإجراءات لاحتواء الأسعار.
لكن المشكلة تكمن في الحجم النسبي للحزمة؛ ألمانيا لديها القدرة على تحمل الديون لدفع الإعانات المالية، بينما دول أخرى لا تملك هذه القوة المالية، ما يجعل برلين في نظر بعض الدول أنانية.
وتعاني دول أوروبية مثل فرنسا ودول شرق أوروبا كافة من أوضاع مالية تجعلها عاجزة عن تقاسم فواتير الكهرباء مع مواطنيها، ما يجعل الوحدة الأوروبية في إدارة الأزمة الحالية متباينة من دولة إلى أخرى.
ويفتح هذا الخلاف الباب واسعا، أمام عدة خلافات مستقبلية، وقد يصل بها الحال إلى احتمالية إعادة النظر في موقف دول أوروبية من الحرب الروسية الأوكرانية، بينما قد تضطر دول أخرى إلى مراجعة موقفها من استيراد الغاز الروسي.
قد يكون أحد الحلول، هو نوع من التسهيلات المالية الأوروبية لإقراض الحكومات الوطنية لدعم أسعار الطاقة؛ لكن حجم الدعم يجب أن يكون محدودا قدر الإمكان، في وقت يشهد الدين العالمي نموا متسارعا.
يستهلك السوق الأوروبي ما يقرب من 4000 تيراوات/ساعة سنويا؛ ويكلف الغاز الآن حوالي 145 يورو لكل ميجاوات/ساعة؛ وإن تعويض الفرق بين ذلك والأسعار التاريخية بحوالي 20 يورو/ميجاوات ساعة سيكلف 500 مليار يورو سنويًا بالنسبة لأوروبا.
وبالتالي وبالنسبة لأوروبا، فإن دفع هذا النوع من المال يبدو غير قابل للتطبيق وغير مرغوب فيه؛ لأنه من شأنه أن يعزز الطلب على الغاز فقط عندما تحتاج أوروبا إلى تقنين.
ولم تلبث أوروبا أن خرجت من جائحة كورونا والتكاليف المالية الباهظة التي تحملتها إلى جانب تلك السيولة التي فقدتها من الناتج المحلي الإجمالي بفعل عمليات الإغلاق والقيود على التنقل وعلى الطلب.
بالعودة إلى الحزمة الألمانية البالغة 200 مليار يورو، فإن برلين تصر على المضي قدما في الخطة، على الرغم من التحفظات الأوروبية العلنية عليها.. وهو ما ترى فيه موسكو فرصة قوية لاستعادة موقعها في سوق الغاز من خلال تراجع المواقف الأوروبية المحتملة من الأزمة الواقعة في شرق القارة العجوز.
aXA6IDMuMTQ0LjExNi4xOTUg جزيرة ام اند امز