رواية بوتين عن أزمة الطاقة.. الأسباب وبصمات واشنطن وفرصة أوروبا للعودة
وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسائل مباشرة لأسواق الطاقة حملت وجهة نظره عن أسباب الأزمة الحالية والدور الأمريكي فيها وكيفية العودة إلى نقطة التوازن.
وفي كلمته خلال منتدى أسبوع الطاقة الروسي الذي ينعقد حاليا بموسكو ولمدة 3 أيام، كشف بوتين عن وجهة نظر بلاده في الأسباب التي قادت إلى أزمة طاقة تنكوي أوروبا بنارها حاليا.
بذرة أزمة الطاقة
ولفت بوتين إلى أن بذرة الأزمة كانت في إصرار الأوروبيين على ربط أسعار الغاز بالنفط، ورفضهم إبرام عقود طويلة الأجل لاستيراد الغاز الروسي.
وتشير كلمات بوتين هذه إلى الفترة التي سبقت التعافي العالمي من جائحة كورونا، حيث كانت أسعار النفط منخفضة ما دفع الأوروبيين لمحاولة استغلال الأمر عبر الحصول على غاز روسيا بسعر رخيص.
وبالإضافة إلى ذلك، رفض الأوروبيون عقد صفقات طويلة الأجل للحصول على الغاز، وهو القرار الذي دفعت القارة العجوز ثمنه الباهظ حتى قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، إذ ازداد الطلب بشكل مفاجئ على الغاز الروسي في الشتاء الماضي، وسرعان ما أخذت الأسعار تتزايد.
وقال الرئيس الروسي إن آلية التسعير الفوري للغاز، التي تصر عليها أوروبا، ستؤدي إلى خسارة بقيمة 300 مليار يورو للقارة العجوز.
بوتين لفت أيضا إلى البصمات الأمريكية في أزمة الطاقة، إذ شجعت واشنطن الأوروبيين على التخلي عن الغاز الروسي ومن ثم طرحت نفسها بديلا لكن بأسعار أعلى.
ومع ذلك، يشير بوتين إلى أن أمريكا لم تكن مصدرا موثوقا، إذ سرعان ما فضلت بيع صادراتها من الطاقة بأعلى سعر بغض النظر عن الجهة المستفيدة.
وفي هذا الصدد، أكد بوتين على فكرته بضرب مثال عن حاملة غاز أوروبية أعطت ظهرها للأوروبيين في منتصف رحلتها بمجرد أن حصلت على عرض سعري أعلى من دولة أخرى.
- "قوة سيبيريا 2".. خط غاز يربط روسيا بالصين ويهدد "نورد ستريم 2" للأبد
- إسرائيل تتذوق غاز كاريش بعيدا عن مائدة المفاوضات مع لبنان
كما أكد بوتين أنه لا ينبغي "تسييس" قضية الطاقة المتجددة، واتهم الاتحاد الأوروبي بتقليل الاستثمار في النفط والغاز.
واتهم الاتحاد الأوروبي بالترويج للطاقة الخضراء على حساب تطوير قطاع النفط والغاز.
الدفاع عن أوبك+
وفي ذات السياق، دافع بوتين عن قرارات مجموعة أوبك+ بخفض إنتاج النفط قائلا إنها تستهدف استقرار أسواق الطاقة وتحقيق المصلحة للمنتجين والمستهلكين معا.
وأضاف: "خفض الإنتاج ليس وراء ارتفاع الأسعار، وهناك من يحاول تعليق أخطائه على شماعة الآخرين".
ولطالما حذرت الدول المنتجة من أن التدخل غير المنطقي في أسواق الطاقة وبغرض واحد فقط هو خفض سعر النفط، وقالت إن هذا التدخل من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية إذا قرر المنتجون خفض استثماراتهم الحيوية والضرورية للإبقاء على مستويات الإنتاج المرتفعة.
وتواجه أسواق النفط بالفعل قصورا في القدرة على الإنتاج، بدليل أن الولايات المتحدة والتي هي أكبر منتج للنفط في العالم، غير قادرة على زيادة الإنتاج بسبب قصور في الاستثمارات ومخاوف الشركات من ضخ الاستثمارات في سوق متقلبة.
وقال بوتين إن الحوار الروسي مع أوبك+ يتسم بالصراحة، مؤكدا أن التعاون سيستمر.
والرد الروسي يواجه بشكل مباشر الانتقادات الأمريكية التي طالت تحالف أوبك+ عقب قراراها الأخير بخفض إنتاج النفط بمقدار 2 مليون برميل يوميا.
كما انتقد بوتين عمليات السحب من الاحتياطيات النفطية قائلا إنها أداة لن تغير الوضع بل ستلحق ضررا بالدول الأكثر فقرا.
وقال إن فرض سقف على أسعار النفط قد يعقبه إجراء مماثل في قطاعات أخرى.
الإرهاب الدولي
وعرج بوتين إلى مسألة استهداف خطي الغاز "نورد ستريم 1" و"نورد ستريم 2"، قائلا إن التفجيرات التي طالتهما هي محض عمل إرهابي دولي وسابقة خطيرة.
وأعرب الرئيس الروسي عن استغرابه من استهداف "مشروع اقتصادي" تشارك فيه الشركات الروسية والأوروبية على قدم المساواة.
وأكد أن صاحب المصلحة من هذا الهجوم لا يعنيه سوى قطع العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي من أجل إضعاف أوروبا.
كما انتقد عدم إشراك موسكو في التحقيقات المتعلقة بالتفجيرات للوقوف على حقيقة ما حدث.
فرصة العودة
وقدم بوتين عرضه مجددا للأوروبيين بتأكيده أن موسكو مستعدة لضخ الغاز إلى أوروبا عبر "نورد ستريم-2"، مضيفا: "كل ما سنفعله هو فتح الصنبور".
وحذر بوتين، الأوروبيين، من مغبة السير على نفس الطريق، وقال إنه إذ استمرت أسعار الطاقة في الارتفاع فسيلجأ الغرب إلى طباعة النقود غير المغطاة "كما فعلوا خلال الفترة الطويلة الماضية".
بينما يرى بوتين أن موسكو قادرة على زيادة صادرات الغاز والنفط الروسية إلى الأسواق العالمية الناشئة.
وأكد أن روسيا تعتزم إبقاء معدلات إنتاج وصادرات النفط عند المستويات الحالية حتى عام 2025، مضيفا أن موسكو لن تتخلى عن مكانتها الرائدة عالميا في سوق الطاقة العالمية رغم العقوبات الغربية.
aXA6IDE4LjIyMS4yMzguMjA0IA== جزيرة ام اند امز