نفط كردستان العراق.. 15 عاما من التمرد على قوانين بغداد
من جديد يتصاعد الخلاف بين بغداد وأربيل بشأن عقود كردستان النفطية عقب قرار المحكمة الاتحادية الذي بت في عدم شرعيتها.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أصدرت في 15 فبراير/شباط، حكما يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، الصادر عام 2007، وإلغاء القانون لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلا عن إلزام الإقليم بتسليم الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية.
وكان إقليم كردستان قد بدأ في بيع النفط بمعزل عن الحكومة الاتحادية، بعد أزمة مالية خانقة نتيجة انهيار أسعار النفط خلال اجتياح "داعش" لمناطق في العراق، فضلا عن الخلافات مع بغداد التي دفعت الأخيرة إلى إيقاف صرف رواتب موظفي الإقليم.
وكانت حكومة الإقليم بدأت بتصدير وبيع النفط الخام إلى الأسواق الدولية في أكتوبر/تشين الأول 2012، بعد تعاقدها مع شركات عالمية كبرى من بينها "إكسون موبيل"، للتنقيب واستخراج النفط، مما أثار غضب سلطات بغداد التي عدتها خروجاً على نصوص الدستور.
ومنذ ذلك الحين تعيش بغداد وأربيل حالة من الجدل والخلاف بشأن عائدات النفط ودقة أرقام الكميات المصدرة عبر كردستان، فضلاً عن الصراع الدائر بشأن المناطق المتنازع عليها بين المركز والإقليم.
وطالما دعت سلطات بغداد، حكومة الإقليم إلى تقديم كشوفات بصادراتها النفطية وإلزام تسليم وارداتها المالية إلى الخزينة الاتحادية بعد أن اشترطت ذلك مقابل تأمين النفقات التشغيلية الخاصة بكردستان.
وكان وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار، قد اقترح في أبريل/نيسان الماضي، تأسيس شركة نفط جديدة في أربيل تقوم بإدارة مجمل النشاط النفطي بموجب صلاحيات ومعايير وأصول يتم إعدادها وتقديرها من قبل شركة النفط الوطنية ووزارة النفط الاتحادية.
وبحسب المقترح ذاته، دعا عبد الجبار، إلى فتح حساب ضمان مصرفي في أحد المصارف العالمية لغرض إيداع كافة إيرادات بيع وتصدير النفط الخام، على أن يُملك لوزارة المالية ويستخدم لتأمين مدفوعات لصالح الإقليم في حال تأخير إرسالها من وزارة المالية الاتحادية.
وفي 19 من مايو/أيار الماضي، وبعد فشل المفاوضات مع أربيل، طلبت وزارة النفط العراقية من شركات النفط والغاز العاملة في إقليم كردستان توقيع عقود جديدة مع شركة التسويق المملوكة للدولة (سومو) بدلا من حكومة الإقليم، في محاولة جديدة للسيطرة على الإيرادات من الإقليم شبه المستقل.
واكدت وزارة النفط أنها ستبدأ تنفيذ حكم المحكمة الاتحادية الصادر في فبراير/شباط "والذي اعتبر الأسس القانونية لقطاع النفط والغاز في إقليم كردستان غير دستورية بعد فشل محادثات مع حكومة الإقليم".
وتنص المادة 11 من الدستور العراقي النافذ لعام 2005، على أن: "النفط والغاز ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات".
كما تعرف المادة (112): أولاً - تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكلٍ منصفٍ يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد.
حكومة كردستان، وعقب قرار المحكمة الاتحادية الأخير، ردت في بيان غاضب أشارت فيه إلى أنها أقرت قانون النفط والغاز في كردستان طبقاً للمادتين 112 و117 اللتان أجازتا للإقليم المضي بذلك الأمر، بحسب تفسيرها للنص الدستوري الاتحادي.
ووصفت حكومة أربيل، قرار المحكمة العليا بأنه "غير عادل وغير دستوري"، مؤكدةً أنها "ستتخذ "جميع الإجراءات الدستورية والقانونية والقضائية لضمان حماية جميع العقود المبرمة في مجال النفط والغاز".
وأمس السبت، أمرت وزارة النفط العراقية الشركات الدولية العاملة في كردستان بإعادة التفاوض على عقودها، مؤكدة مرة أخرى أن النفط ينتمي إلى الحكومة المركزية.
وقالت وزارة النفط العراقية إنها "ستسعى لاتخاذ إجراءات قانونية بحق الشركات في إقليم كوردستان التي لا تتفاوض مع بغداد لإعادة هيكلة العقود".
من جانبه يقول المتحدث الإعلامي باسم شركة "سومو" الوطنية ، للتسويق النفطي، حيدر الكعبي، "إننا ذاهبون نحو التطبيق الحرفي لقرار المحكمة الاتحادية بخصوص نفط الإقليم".
وأوضح الكعبي خلال حديث لـ"العين الإخبارية، أن "شركة النفط الوطنية العراقية ستكون مسؤولة عن إدارة ملف الطاقة داخلياً، ووزارة النفط ستكون المسؤولة عن التعاطي مع وزارة المالية والجهات الدولية والخارجية".
واشار الكعبي إلى أن "البدء في تنفيذ أحكام القرار لا يعني قطع الحوار"، موضحا: "نرحب بالأخوة مسؤولي الملف النفطي في الإقليم في حال رغبوا بفتح النقاش مرة أخرى".
وقال: "أكدنا للإقليم أكثر من مرة أنه لا رغبة لبغداد في السيطرة على النشاط النفطي في إقليم كردستان، إنما تنظيم ذلك النشاط وتحويله إلى نشاط تجاري حقيقي واضح وشفاف"، متسائلاً "ما هو السند القانوني لأن يقوم أي جزء من البلد بتصدير مادة للطاقة في حين جزء آخر من البلد يحتاجها وهذا غير موجود حتى في الدول الفيدرالية القديمة".
الخبير النفطي عباس الغالبي ، يرى أن "المشكلة متراكمة ومتراكبة منذ سنوات ما بين بغداد وأربيل بشأن استخراج النفط في كردستان وأحقية البيع والتصدير وهي تحمل في طياتها دوافع سياسية أكثر من جوانب فنية".
وأوضح الغالبي، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "المادة الدستورية 111 من الدستور واضحة ولكنها اشترطت أن يشرع ذلك بقانون مما جعلها حمالة أوجه وقابلة للتفسير السياسي وهذا ما عملت عليه حكومة كردستان منذ عام 2007".
وأضاف أن "أسباب الأزمة والجدلية الدائرة بين الاتحاد والمركز ترجع لعدم وجود تشريع قانون للنفط والغاز من قبل البرلمان العراقي الذي من شأنه أن يحسم النزاع".
وقدمت عبر الدورات السابقة لمجلس النواب الكثير من المسودات لتشريع قانون للنفط والغاز الاتحادي ولكن جميعها لم يبصر النور بسبب الخلافات السياسية.
وبلغت صادرات إقليم كردستان من النفط الخام للأسواق العالمية خلال العام الماضي، 152 مليون برميل بإيرادات بلغت 9 مليارات دولار.
aXA6IDMuMTM3LjIxOS42OCA= جزيرة ام اند امز