أردوغان يخوض حروباً ولا يدرك أن رحاها تدور في القطاع المالي، وأنه سيصل بتركيا لا محالة إلى الإفلاس
تشير الدراسات والأبحاث الجيوسياسية والاقتصادية إلى انهيار الليرة التركية بشكل غير مسبوق، ولا ينبغي أن يكون الأمر مفاجئا لنا لأن أردوغان منذ عام 2019 يصنع في المتوسط عدوا جديدا كل 45 يوما، ويبدو أن الرئيس التركي، وهو يخوض حروبا ومغامرات في إطار "العثمانية الجديدة"، لم يدرك أن المعارك الحالية تدور رحاها في القطاع المالي، ومع تزايد إغلاق الأبواب دوليًّا في وجهه سيصل وقت الإفلاس لا محالة حين لا يكون لدى تركيا ما يكفي من العملات الأجنبية لسداد الديون الصادرة.
وإذا كانت هناك من دولة ستسارع لإنقاذه في تلك اللحظة، فالجميع يعلم أنها ستكون قطر، وحين تصل تلك اللحظة، سنرى أمير قطر يستقبل أردوغان بالأحضان في العلن، بينما يضع يده الأخرى على رقبته سرّاً.
يعرف العالم أجمع أن أردوغان سيئ وخبيث، لكنه في الوقت نفسه ذكي، فلماذا يتصرف هكذا؟ الجواب الوحيد الممكن هو أنه يستخدم تركيا لمصالحه دون أن يعير أدنى اهتمام لمصير بلاده. يفترض أن تتصرف تركيا حاليًّا بطريقة مختلفة تماماً، وهو ما كان سيعود عليها بكثير من الفوائد، لذلك يُرجّح أن أردوغان يتصرف على هذا النحو لأنه يُحضّر مستقبله "ومستقبل عائلته".
بالنسبة لأردوغان "وقطر"، فإن الوضع معقد على العديد من الجبهات، ولعل إحداها هو أنه بعد تحذير العرب للغرب في عام 2014 من التصرفات غير اللائقة للإخوان المسلمين وأذرعها في جميع أنحاء العالم، وبعد ست سنوات، يبدو أن أوروبا والولايات المتحدة قد أدركتا الخطر المحدق.
وكان يجب الانتظار حتى حلول عام 2020 لتتحرك بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وألمانيا ضد هذا التيار. وقد نشر البريطانيون للتو تقريراً مدمراً مؤلفاً من 104 صفحات ضد جماعة الإخوان المسلمين، حيث لم يكتفوا بالكشف عن شبكات التنظيم في المملكة المتحدة فحسب، بل أماطوا اللثام أيضاً عن المنظمات التابعة للجماعة والتي تنشط في بلدان أخرى، وأظهر التقرير تركيا وقطر كممولين لهذا التنظيم وشبكاته في جميع أنحاء أوروبا.
وفي سبتمبر/أيلول سنة 2018، التقى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين، وأخبرها أنه سيستثمر 10 مليارات يورو في بلدها لتعزيز العلاقات على مدى السنوات الخمس المقبلة، بما في ذلك إمكانية إنشاء محطة للغاز الطبيعي المسال.
وفي الوقت نفسه، أعلنت مؤسسة قطر للاستثمار عن نيتها الاستثمار في القطاع المالي والتنمية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والصحة.
وفي السابق، كانت قطر قد استثمرت بالفعل أكثر من 25 مليار يورو في دويتشه بنك، وسيمانس، وفولكسفاجن وغيرها من الشركات الألمانية. ويُعد ذلك محاولة التفافية بارزة من قبل أمير قطر الذي نجح في إسكات صوت ألمانيا بطريقة غير مباشرة حتى عام 2023 فيما يتعلق بمحاولات قطر التأثير في البلاد.
وخلال السنوات الأخيرة، صنعت تركيا صديقين فقط، قطر وحماس، حيث إنه بالإضافة إلى تمويل الأخيرة، سمحت تركيا لهذه المنظمة بإنشاء قاعدة سرية لتنفيذ عمليات الحرب الإلكترونية والاستخبارات المضادة، وفقاً لأجهزة المخابرات الغربية، وفي غضون ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ضاق ذرعاً بتصرفات تركيا في ليبيا وشرق البحر المتوسط وناغورني قره باغ، عن حظر جماعة الشيخ ياسين المرتبطة بحركة حماس في بلاده؛ لأن أحد أتباعها قطع رأس أستاذ فرنسي. فهل يُعد ذلك محض صدفة؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة