أسرار استباحة أردوغان ثروات الغير.. رئيس برتبة "صانع أزمات"
تسير عمليات اختلاق الأزمات الخارجية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جنبا إلى جنب مع تصاعد حدة الأزمات الاقتصادية المحلية
تسير عمليات اختلاق الأزمات الخارجية للرئيس التركي رجب أردوغان، جنبا إلى جنب مع تصاعد حدة الأزمات الاقتصادية المحلية التي تعاني منها البلاد، نتيجة فشل منظومة حزب العدالة والتنمية في إدارة السياسات النقدية والمالية والمعيشية.
ومع كل انتكاسة نقدية أو مالية أو اقتصادية أو استثمارية في تركيا، تطفو على السطح أزمات خارجية يقودها أردوغان وماكينته الإعلامية بدءا من سوريا وليس انتهاء بالصومال في شرق القارة الإفريقية، في محاولة للتغطية على الفشل المحلي.
وتستعرض "العين الإخبارية" في هذا التقرير، أبرز عناوين الفشل داخل الاقتصاد التركي خلال الفترة الماضية، وما رافقها من محاولات تغطية عليها، كإحدى أدوات الإلهاء الشعبي، للحفاظ على ما تبقى من مؤيدين للحزب الآيل إلى السقوط.
هبوط العملة
واجهت العملة المحلية في تركيا (الليرة)، مرحلة هبوط منذ عام 2017 ومنذ منذ بداية النصف الثاني، حين كان سعر صرف الدولار يعادل 3.5 ليرة، ثم أنهى ذات العام عند 3.75 ليرة لكل دولار واحد.
ومع استمرار هبوط العملة المحلية، نتيجة ظهور بوادر على أزمة شح نقد أجنبية في السوق المحلية، رافقه ارتفاع التضخم فوق 7% وسط فشل رسمي في حوارات الانضمام للاتحاد الأوروبي، لم يجد أردوغان سوى العبث بعلاقات بلاده مع الولايات المتحدة.
وفي مطلع أغسطس/ آب 2018، أعلنت تركيا اعتقال قس أمريكي بتهمة التجسس، لتكون أولى ردود الفعل الأمريكية، تهديد من الرئيس دونالد ترامب، بإرباك الاقتصاد التركي.
وخلال دقائق من تصريحات الرئيس الأمريكي عقب إعلان اعتقال القس، تراجعت الليرة التركي إلى مستوى تاريخي غير مسبوق في ذلك الوقت، إلى متوسط 6.9 ليرات ثم إلى 7.24 ليرة لكل دولار واحد.
وأمام إصرار أردوغان على تقديم القس الأمريكي للمحاكمة، على الرغم من عدم توفر أدلة كافية، تدهورت الثقة في العملة المحلية، رافقها قيام مواطنين أتراك بتحويل مدخراتهم من الليرة إلى الدولار، كانت نتيجة ارتفاع حاد في الطلب على العملة الأمريكية رافقه ارتفاع في معروض الليرة.
ولم يستجب الأتراك لطلب أردوغان من مواطني بلاده بيع النقد الأجنبي والذهب واستبدالهما بالليرة لحماية العملة المحلية، دفعه في أكتوبر/ تشرين أول 2018 إلى الإفراج عن القس ومغادرته أنقرة، بينما لم تبارح أزمة النقد البلاد حتى اليوم.
واليوم يبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 7.45 ليرة، أمام عجز من الحكومة والبنك المركزي عن استعادة الثقة بالعملة المحلية وممهدة لظهور سوق سوداء داخل المدن التركية، بحثا عن الدولار الشحيح.
التضخم الصاعد
وعلى الرغم من أن أزمة التضخم بدأت في تركيا خلال 2017، حيث لم تهبط أسعار المستهلك عن 7%، إلا أنها تسارعت منذ أزمة الليرة في أغسطس/ آب 2018، لتبلغ أسعار المستهلك 24.5% في سبتمبر/ أيلول 2018، ثم بلغت 25.2% في أكتوبر/ تشرين أول.
ويعتبر التضخم متلازمة الاقتصاد التركي إذ لم تهبط أسعار المستهلك عن 10% منذ يوليو/ تموز 2017 وحتى سبتمبر/ أيلول 2019، وفق بيانات "العين الإخبارية"، قبل أن يعاود الصعود فوق 10 منذ نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي حتى اليوم.
تآكل النقد الأجنبي
أهدر الرئيس التركي رجب أردوغان مليارات الدولارات، من احتياطيات بلاده الأجنبية دون عائد، منذ توليه مقاليد الحكم عام 2014.
وتفضح الأرقام الرسمية الصادرة عن البنك المركزي التركي ووزارة الخزانة الأمريكية، السياسات الاقتصادية والمالية الفاشلة التي اتبعها الرئيس التركي منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد.
وفي أغسطس/آب الماضي، قال البنك المركزي التركي إن احتياطي النقد الأجنبي للبلاد بلغ 45.38 مليار دولار وسط استمرار لتراجع قيمته مدفوعا بهبوط حاد لليرة، ومحاولات البنك المركزي ضخ نقد أجنبي لاحتواء الهبوط.
وأظهر مسح لـ"العين الإخبارية" أن إجمالي احتياطي النقد الأجنبي التركي المسجل في 14 أغسطس الماضي، يعتبر الأدنى منذ مطلع عام 2006، بالرجوع للبيانات التاريخية للبنك المركزي التركي، وسط توقعات باستمرار تراجع خلال 2020.
وفي العام الذي تولى فيه رجب طيب أردوغان رئاسة تركيا، كان إجمالي الاحتياطي لدى البنك المركزي قرب أعلى مستوى تاريخي مسجل له، عند قرابة 115 مليار دولار أمريكي، ووفق البيانات الرسمية، بدأ الاحتياطي التركي مسيرة متواصلة من الهبوط.
ولإيجاد مخرج لأزمة النقد الأجنبي، وتحسين الطلب على عملته المحلية، فتح أردوغان بـ"الدم السوري" الباب لتداول الليرة التركية في إدلب السورية، وهي إحدى أدوات الاحتلال النقدي، في محاولة لتوسيع انتشار العملة المحلية.
ولم يكتف أردوغان بتداول عملة بلاده المحلية في خارج حدوده اعتبارا من يونيو/ حزيران الماضي، بل إن ذلك شمل عملة "سطو" تتمظهر بشكل أخلاقي، عبر السيطرة على ما يملكه سكان إدلب من نقد أجنبي وذهب، مقابل شراء الليرة، وبالتالي توفير قنوات للنقد الأجنبي.
كذلك، يظهر اتفاق تركي ليبي، شكلا آخر من لعاب أنقرة الذي يسيل أمام رقم احتياطي النقد الأجنبي الليبي، حيث أعلن البنك المركزي التركي نهاية الشهر الماضي، توقيعه مذكرة تفاهم مع البنك المركزي الليبي، قال إنها اتفاقية تحدد شروط تعاون مستمر بين الجانبين.
وتفتح الاتفاقية باب السطو المقنن على أصول وموجودات البنك المركزي الليبي، امتدادا لرزمة اتفاقيات سابقة، فتحت الباب أمام استنزاف البلاد في قطاعات الطاقة والعقار والجمارك، وأحدثها النقد.
عجز التجارة الخارجية
قفز عجز ميزان التجارة الخارجية التركي إلى 32.9 مليار دولار أمريكي، وذلك خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، مدفوعا بهبوط حاد في الصادرات.
وجاء في مسح أعدته "العين الإخبارية" استنادا إلى بيانات وزارة التجارة التركية، أن العجز التجاري صعد بنسبة 69.5% خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، مقارنة مع 19.4 مليار دولار في الفترة المقابلة من 2019.
وتضاعفت مصاعب تركيا المرتبطة بالنقد الأجنبي الشحيح محليا، مع تراجع قيمة الصادرات التي تعد أحد مصادر الدخل الرئيسية للدولار في السوق المحلية، في وقت تسجل فيه البنوك والأسواق المحلية تذبذبا في وفرة العملة الأمريكية.
وبلغ عجز ميزانية تركيا في 2019، نحو 29.5 مليار دولار، بينما بلغ في 2018 نحو 53.98 مليار دولار، في حين بلغ العجز في 2017، نحو 74.2 مليار دولار، وبلغ في 2016 نحو 62.3 مليار دولار، وفق بيانات هيئة الإحصاء التركية.
وأمام عجز الميزان التجاري، الصاعد بدأت تركيا تبحث عن حلول خارجية لتغطية فشلها في تنافسية السلع التركية، إذ كانت البداية من شروط طلبتها تركيا لواشنطن، بإعفائها من العقوبات الأمريكية على طهران، وهو شرط ضمن مطالب مقابل الإفراج عن القس الأمريكي.
كذلك، أدى احتلال تركيا لإدلب السورية إلى توفير سوق تتألف من أزيد من مليون مستهلك بقليل، لتسويق المنتجات التركية وبالعملتين الأجنبية والتركية معا.
ولم يتوقف الأمر عن هذا الحد، بل وجدت أنقرة في ليبيا سوقا جديدة تتألف من عشرات الملايين، من خلال رزمة اتفاقيات وقعتها مع حكومة الوفاق الليبية في مجالات التجارة وإعادة الإعمار.
الذهب الأسود
لأن تركيا بلد مستورد خالص للنفط ومصادر الطاقة التقليدية، لم تجد إلا ممارسة عمليات بلطجة في مياه شرق المتوسط، للسيطرة على المياه الإقليمية لقبرص، واليونان، والبدء بعمليات تنقيب منذ منتصف الشهر الماضي، قابله رفض أممي.
وتبلغ فاتورة الطاقة في تركيا 41 مليار دولارو تصل حتى 45 مليار دولار. لذا تعتبر من أسباب تخارج النقد الأجنبي من البلاد، لذا كان البديل ش رق المتوسط، والتوجه لتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع ليبيا والصومال.
وتحت غطاء المساعدات الإنسانية والاستثمار، يتسلل النظام التركي إلى بعض الدول الأفريقية،في الوقت الذي تهدف فيه أنقرة إلى نهب ثروات تلك الدول الطبيعية.
ففي يناير/ كانون ثاني الماضي، كشفت أنقرة سريعا عن خططها لنهب ثروات ليبيا، بإعلان وزير الطاقة التركي فاتح دونماز، أن بلاده حددت 7 مناطق للحصول على تراخيص التنقيب عن النفط في ليبيا، وستتم عملية التنقيب بناء على تحليل البيانات من قبل مؤسسة البترول التركية.
أما الصومال، فوسط الصراعات التي عانت منها البلاد جراء التنظيمات الإرهابية والحرب الأهلية، يطمح أردوغان في استغلال الوضع الداخلي للدولة الإفريقية المطلة على البحر الأحمر، للسطو على احتياطياتها الكبيرة من النفط والغاز حسبما وصفتها دراسات أجرتها شركة سيسيمك جيو وشركات أخرى.
وأفصح أردوغان عن نواياه إزاء نفط الصومال خلال عودته في يناير/ كانون الثاني 2020 على متن طائرته إلى تركيا بعد مشاركته في قمة برلين الخاصة بالأزمة الليبية، إذ صرح بأن حكومة الصومال قد قدمت طلبا لبلاده تطالب فيه بالتنقيب عن الغاز والنفط قبالة سواحلها.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن أرودغان قوله، إن التنقيب عن النفط في المياه الإقليمية التابعة للصومال سوف يدر عائدا كبيرا على اقتصاد بلاده .
كما أسرع حزب العدالة والتنمية الحاكم في الحصول على موافقة البرلمان التركي لاتفاق التعاون في مجال الطاقة بين تركيا والصومال.
كل عمليات السطو والاحتلال الخارجية، كانت عبارة عن أغطية للفشل الداخلي في وقت البطالة 13% والتضخم فوق 11% وعجز التجارة يتجه لتسجيل رقم قياسي في 2020، بينما كسر عجز الميزانية خلال الشهور السبعة الأولى من العام الجاري، أكبر رقم سنوي للبلاد.
aXA6IDMuMTQ0LjQ4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز