تعسف طوارئ أردوغان يدفع 46 موظفا تركيا للانتحار
تقرير تركي يفيد بأن من بين المنتحرين الـ46، مدعيا عاما وأستاذا مساعدا بالجامعة ومديري أمن وعميدين بالجيش.
أدت حالة الطوارئ التي أعلنها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ 2016، إلى انتحار 46 موظفاً ممن تم فصلهم تعسفيا بموجب مراسيم رئاسية على خلفية مزاعم بالانضمام والترويج لـ"منظمة إرهابية".
جاء ذلك بحسب تقرير نشره، الأربعاء، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض ولي آغ بابا عن حالة الطوارئ التي تم إعلانها في 20 يوليو/تموز 2016 حتى 17 من الشهر ذاته 2018، وفق ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" المعارضة.
يذكر أن نظام أردوغان بدأ بعد المحاولة الانقلابية المزعومة عام 2016، حملة انتقامية بحق كل التيارات المعارضة له.
وشملت الحملة عمليات فصل تعسفي كانت تتم بموجب مراسيم رئاسية تصدر عن أردوغان مباشرة، بعد أن أمسك في يده بزمام كل السلطات؛ عقب تحول البلاد من نظام برلماني إلى رئاسي في يونيو/حزيران 2018.
وتمنح حالة الطوارئ السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة لفصل الموظفين، وفرض حظر التجوال وتنفيذ الاعتقالات بحرية تامة، دون الرجوع للسلطات التشريعية والقضائية.
وأوضح المعارض التركي، في تقريره، أن "وضع الاستغلال غير القانوني بدأ بنظام قانون الطوارئ واستمر بالنظام الرئاسي".
ولفت إلى أن "التأثيرات السلبية لحالة الطوارئ على الديمقراطية في تركيا، والنظام القضائي ما زالت مستمرة".
وشدد آغ بابا على أن "مَن فصلوا من عملهم بموجب المراسيم الرئاسية تعرضوا للظلم، بشكل كبير، ناهيكم عما يعانونه حاليا من ضغوط في حياتهم اليومية".
وتابع "من المفصولين من يعجز عن إيجاد عمل، وآخرون يعملون في ظروف صعبة للغاية. ومن ثم فإن هذا اليأس، وضرورة العمل في تلك الظروف، أديا إلى انتحار العديد منهم".
وأوضح التقرير أن من بين المنتحرين الـ46 مدعيا عاما وأستاذا مساعدا بالجامعة ومديري أمن وعميدين بالجيش.
التقرير أشار كذلك إلى أن "نظام أردوغان قام بمصادرة جوازات سفر المفصولين عن العمل بموجب المراسيم الرئاسية، وقُيدت حريتهم في الانتقال دون وجود أي مبرر قانوني".
وما زال الأمر على ما هو عليه رغم مرور نحو عام على إلغاء حالة الطوارئ التي يصفها المعارض التركي بالتعسفية وغير المبررة.
ونوه بأن نظام أردوغان أقال 5 من رؤساء البلديات المنتخبين في الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد يوم 31 مارس/آذار الماضي.
وسحب أردوغان من أعضاء بعض مجالس البلديات وثيقة التنصيب، بذريعة أنه سبق فصلهم من عملهم من قبل بموجب مراسيم رئاسية غير قانونية، في تجاهل لإرادة مئات الآلاف من الناخبين.
وذكر أيضا أن اللجنة التي تم تشكيلها للنظر في الانتهاكات التي تمت خلال فترة حالة الطوارئ لم تبت حتى 28 يونيو/حزيران 2019 سوى في 77 ألفا و900 طلب من أصل 120 ألفا و200.
وقبلت اللجنة من تلك التي بتت فيها بقرار، بتظلم 6 آلاف حالة فقط، أي أنها رفضت 93% من تلك الطلبات التي رفعها متظلمون من انتهاكات نظام أردوغان خلال حقبة الطوارئ.
وعن أضرار حالة الطوارئ اقتصاديا، قال آغ بابا إن "الأزمات الاقتصادية ظهرت مع إعلان حالة الطوارئ، وبلغت ذروتها بعدها؛ ليصل عدد العاطلين عن العمل بحسب معطيات مؤسسة التشغيل عن شهر يونيو/حزيران الماضي إلى 4 ملايين و417 ألفا و814 عاطلا، وهذا رقم قياسي لم تشهده البلاد من قبل".
وبيّن أن عدد العاطلين عن العمل زاد بمقدار 2 مليون شخص منذ انتهاء حالة الطوارئ قبل عام.
والإثنين الماضي 15 يوليو، حلّت ذكرى انقلاب مزعوم شهدته تركيا صيف 2016، كشفت عن كثير من الوثائق أنها تمت بعلم الرئيس أردوغان ووزير دفاعه آنذاك خلوصي أكار، الذي كان قائد المجموعة الانقلابية التي أصدرت أوامر التعبئة، وأعلنت الحكم العسكري.
وخلال تلك الفترة، دأبت السلطات التركية، بشكل منتظم، على شن حملات اعتقال طالت الآلاف منذ المحاولة الانقلابية، تحت ذريعة الاتصال بجماعة رجل الدين فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير تلك المحاولة والوقف وراءها.
الاعتقالات التي تمت طيلة هذه الفترة جاءت تأكيدا لمقاربة المعارضة حول أحداث تلك الليلة، إذ تراها "انقلاباً مدبراً" لتصفية المعارضين من الجنود وأفراد منظمات المجتمع المدني.
وأسفرت هذه الأحداث عن مقتل 251 شخصا وإصابة ألفين و194 آخرين، كما أن نظام أردوغان استغلها جيدا لإعلان حالة الطوارئ التي استمرت عامين كاملين مُددت خلالهما 7 مرات.
وبحسب تقرير صدر عام 2019 عن لجنة تحقيق إجراءات حالة الطوارئ، بمناسبة ذكرى المحاولة الانقلابية، فإن حكومة أردوغان قامت خلال هذه المدة باتخاذ 131 ألفا و922 "تدبيرا"، وفصلت 125 ألفا و678 موظفا عموميا من وظائفهم بموجب مراسيم بحكم القانون أصدرها أردوغان، ونزع رتب 3 آلاف و213 عسكريا.
وأغلقت السلطات التركية ألفين و761 مؤسسة وهيئة، فضلا عن إغلاق 204 مؤسسات إعلامية، أُلغي قرار الإغلاق بشأن 25 منها.
في سياق متصل، ذكر تقرير حول "التكلفة الاجتماعية لحالة الطوارئ خلال عامين" الذي نشر في يناير/كانون الثاني 2019، أن "الرقم الحقيقي لضحايا ومتضرري حالة الطوارئ، والقوانين بحكم القانون التي أصدرها أردوغان خلال تلك الفترة أكثر من 250 ألف شخص، فيما بلغت أعداد أقارب الضحايا ما يقرب من مليون و500 ألف شخص".
وبحسب تصريحات أدلى بها وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في وقت سابق، فإن السلطات التركية قامت بإلغاء 234 ألفا و419 جواز سفر، فضلا عن قيود فرضتها على ما يقرب من 80 ألف جواز.
وبحسب تقرير حقوقي آخر، فإنه تم فصل 6 آلاف و81 أكاديميا من الجامعات التركية المختلفة، وألف و427 موظفا إداريا بتلك الجامعات.
التقرير ذاته ذكر أن عدد سجناء مراسيم الطوارئ تجاوز 50 ألف سجين، بينهم نحو 18 امرأة و800 طفل.
ووفق تصريحات وزير الداخلية في مارس 2019، تم خلال الفترة من يوليو 2016 حتى تاريخ تلك التصريحات، توقيف 511 ألف شخص، اعتُقل منهم 30 ألفا و821.
وفي 3 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن الوزير ذاته أن عدد المعتقلين في عام 2018 بلغ 750 ألفا و239 شخصا، بينهم أكثر من 52 ألفا فقط بشبهة الانتماء إلى غولن.
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز