حقوق الإنسان في تركيا.. طوارئ تعزز دكتاتورية أردوغان
الخارجية الأمريكية أصدرت تقريرها السنوي لحقوق الإنسان للعام 2018، والذي قدم وثيقة تدين أنقرة بجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان.
محاولة انقلاب في تركيا حيكت على المقاس من أجل أن تمنح الرئيس رجب طيب أردوغان «شرعية» تصفية معارضيه وإخراس أصوات منتقديه، ما جعل أوضاع حقوق الإنسان بهذا البلد تتآكل حد التلاشي.
وبقدر ما تسعى السلطات التركية إلى تفنيد تصريحات المعارضين بهذا الخصوص، وتكذيب تقارير إعلامية تطرقت إلى المأساة الحقوقية للأتراك منذ محاولة الانقلاب المزعومة قبل أقل من 3 سنوات، إلا أن الحجج والبراهين ما تنفك بدورها تفند أقوال أردوغان وحاشيته.
الخارجية الأمريكية أصدرت، قبل يوم، تقريرها السنوي لحقوق الإنسان للعام 2018، والذي رصد أوضاع نحو مئتي بلد ومنطقة حول العالم، والأهم أنه قدم للأوساط الحقوقية الدولية وثيقة أخرى تدين أنقرة بجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان.
الطوارئ والإرهاب.. فزاعة لشرعنة الانتهاكات
التقرير الأمريكي جاء ليؤكد سيل الاتهامات المتفجرة بوجه أردوغان بالقتل والخطف والاعتقالات بدون محاكمة، علاوة على الإخفاء القسري وغيرها من الانتهاكات التي باتت تشكل ملامح المشهد اليومي لحياة الشعب التركي.
فمنذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في يوليو/ تموز 2016، فتح أردوغان أبواب الجحيم أمام معارضيه، مستخدما جميع الوسائل التي تتيحها له حالة الطوارئ المفروضة بالبلاد بعد وقت قصير من المحاولة، علاوة على ترسانة من قوانين مكافحة الإرهاب سنها على مقاس مناهضيه وخصومه.
التقرير استعرض لمحة عن انتهاكات أنقرة بطرد الآلاف من أفراد الشرطة والعسكريين بحجة الإرهاب، وباستخدام مراسيم حالة الطوارئ وقوانين مكافحة الإرهاب الجديدة، كجزء من ردها على محاولة الانقلاب.
وقادت السلطات التركية حملة مسعورة، حيث فصلت 130 ألف موظف مدني عن عملهم، كما اعتقلت نحو 80 ألف مواطن، وأغلقت أكثر من 1500 منظمة غير حكومية.
أما التهمة، فتكاد تكون نفسها مع تغيير بسيط قد يشمل تفاصيل معينة وفق الشخص المستهدف، وهي الإرهاب، وحين نقول الإرهاب في تركيا، فذلك يعني آليا أحد الأمرين: إما إلصاق تهمة الانتماء لـ«منظمة فتح الله غولن»، الداعية ورفيق أردوغان سابقا، والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب.. وإما الانتماء إلى حزب العمال الكردستاني، والذي تسميه أنقرة «منظمة بي كا كا»، وتصنفه تنظيما إرهابيا.
التقرير أشار أيضا إلى وقوع حالات قتل تعسفي ووفيات مشبوهة لأشخاص محتجزين، وحالات اختفاء قسري وتعذيب واعتقال تعسفي لعشرات الآلاف من الأشخاص، بما في ذلك أعضاء معارضون في البرلمان ومحامون وصحفيون ومواطنون أجانب، إضافة لثلاثة موظفين أتراك يعملون في البعثة الأمريكية في تركيا، بسبب صلاتهم المزعومة بجماعات "إرهابية".
وفي ما يتعلق بحزب العمال الكردستاني، لفت التقرير إلى أن الاشتباكات بينه وقوات الأمن التركي استمرت طوال العام الماضي، وإن كان بمستوى منخفض مقارنة بالسنوات السابقة.
حلم الانضمام لأوروبا يتبخر
ملف حقوق الإنسان في تركيا يشكل إحدى العقبات الرئيسة بوجه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، حيث يجزم متابعون أن الخروقات الجسيمة المسجلة بهذا الصدد بددت آخر آمال أنقرة بالانضمام للتكتل الأوروبي.
ملف تصدر في العديد من المرات، المحادثات التركية مع مسؤولي الاتحاد، وخصوصا مسؤولة السياسة الخارجية فيديريكا موغيرني، ومفوض التوسعة يوهانس هان.
ولا تزال أنقرة متشبثة بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وتقول إن عضويته تشكل أحد أهدافها الاستراتيجية العليا، لكن هان شدد من جانبه، في أكثر من مناسبة، على أن الأمانة تقتضي إنهاء محادثات الانضمام، ومحاولة إبرام شراكة بديلة مع تركيا، وهو ما يثير جنون أردوغان.
وفي الواقع، زادت حدة المعارضة داخل الاتحاد الأوروبي لعضوية تركيا جراء الحملات والانتهاكات ضد المعارضين وجميع منتقدي النظام، وفي ظل مخاوف جدية من أن تركيا تسير نحو حكم الرجل الواحد.
ومع أن الحكومة التركية رفعت في يوليو/تموز الماضي، حالة الطوارئ التي فرضتها على مدى عامين عقب الانقلاب، لكن معارضين يقولون إن أردوغان احتفظ بمعظم السلطات في ظل الرئاسة التنفيذية التي دخلت حيز التنفيذ إثر انتخابات يونيو/حزيران الماضي.
وتعقيبا على الموضوع، قال الباحث الحقوقي هيثم شرابي، إن أردوغان «قدم لسنوات، الكثير من التنازلات سواء الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية، بما يتعارض مع قيم وثقافة الشعب التركي من أجل الانضمام للاتحاد الأوربي».
وأوضح شرابي، في تدوينة عبر موقع «فيسبوك» أن التكتل الأوروبي يعلم جيدا أن أردوغان يحتاج هذه العضوية لتحسين أوضاع اقتصاد بلاده، ولذلك ترفع مجموعة اليورو سقف مطالبها أمام الرئيس التركي، وكلما نفذها طالبوه بغيرها وهم يغازلون حلمه في الانضمام».