مرتزقة وسلاح وإرهاب.. بصمات شر أردوغان على خريطة العالم
أردوغان طالما تغنى باتباع سياسة "صفر مشكلات" لكنها سرعان ما انهارت نتيجة بحثه الدائم عن إثارة التوترات.
مرتزقة هنا.. وسلاح هناك.. وبصمات شر تطال العالم أجمع، تلك هي حقيقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي طالما تغنى باتباع سياسة "صفر مشكلات" التي سرعان ما انهارت نتيجة بحثه الدائم عن إثارة التوترات.
عدائية عانى منها الشعب التركي الذي يدفع فاتورة سياسات نظامه القمعي، الذي بات محاطا بعداء الجميع، التقرير التالي يرصد بصمات شر أردوغان.
سوريا
وجد أردوغان في الأزمة السورية منذ بدايتها في مارس/أذار 2011 فرصة سانحة للتدخل من أجل مصالحه، واستغلال الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت فيها للتغلغل في البلد الجار؛ وعلى مدى السنوات الخمس الأخيرة، شن أردوغان عدة عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية بمعدل عملية واحدة كل عامين.
العملية الأولى كانت "درع الفرات" في عام 2016، حيث غزت فيها الدبابات التركية الأراضي السورية لأول مرة من عام 2011، ثم تبعتها بعملية "غُصن الزيتون" في 2018، التي هدفت إلى إنهاء وجود القوات الكُردية في مناطق الحدود بين البلدين التي انتهت باحتلال تركيا لعدد من مُدن الشمال السوري، ثم عملية ما يسمى "درع الربيع" في مارس/ آذار 2020.
كما شرع النظام التركي في تمكين الجماعات الإرهابية وتمويلها وتسليحها وتسهيل دخولها من وإلى سوريا عبر الحدود التركية، وتحويل إدلب إلى بؤرة للإرهاب بإشراف المخابرات التركية التي كانت ولا تزال تعيث فساداً في المنطقة.
كما ارتبط أردوغان بشراكة اقتصادية متينة مع تنظيم داعش الإرهابي، وكان المشتري الأول للنفط من التنظيم، في مقابل إمداده بالأسلحة والمساعدات الطبية واللوجستية.
العراق
ولم يسلم العراق من أطماع أردوغان الذي استغل انشغال العالم بأزمة فيروس كورونا للإعلان عن بداية تشغيل سد إليسو المثير للجدل جنوب شرق تركيا بسبب تأثيراته على إمدادات نهر دجلة.
وتصادر تركيا أغلب حصة العراق المائية من نهري دجلة والفرات وهما أطول ثلاثة أنهار في الشرق الأوسط بعد النيل، معرّضة بلاد وادي الرافدين للجفاف وإلى مخاطر في مجال الأمن الغذائي.
وعلى الجانب العسكري، نشر أردوغان قوات خاصة في بلدة "حفتنين" شمال العراق ضد القواعد الخلفية لحزب العمال الكردستاني.
واستبقت تركيا هذه العملية العسكرية التي أطلقت عليها اسم "مخالب النمر" بقصف مكثف بسلاح المدفعية على نفس البلدة.
ليبيا
أما جنوب البحر المتوسط فحدث ولا حرج، فللرئيس التركي سجل أسود في ليبيا التي تعاني من المليشيات المسلحة المدعومة من أنقرة والدوحة.
دعم فضحه الجيش الوطني الليبي، ومنظمات حقوقية وأممية ووثائق مسربة وأسلحة مضبوطة، ينتهك فيها أردوغان بكل فجاجة قرار مجلس الأمن رقم 1373 لعام 2001، ولجنة مكافحة الإرهاب الدولية المنبثقة عنه، الذي يحظر على جميع الدول تمويل الأعمال الإرهابية.
كما أشرفت تركيا بشكل مباشر على نقل مرتزقة سوريين وتمويلهم لدعم عدوانها على ليبيا.
وفي وقت سابق اليوم السبت، كشفت مصادر من الفصائل المسلحة الإرهابية الموالية لتركيا أن أنقرة أرسلت العشرات من المرتزقة السوريين مؤخراً إلى ليبيا، وسط توقعت باندلاع موجة جديدة من القتال بين الأطراف الليبية.
وتوقع متابعون للشأن الليبي بدء معارك جديدة في ليبيا تزامناً مع إرسال تركيا أعداداً كبيرة من المرتزقة السوريين بذريعة تبديل المسلحين وحماية المنشآت العامة.
وتستمر الرحلات الجوية بين مطارات تركيا والغرب الليبي سواء المدنية أو العسكرية ناقلة على متنها آلاف المرتزقة، حيث تخطى إجمالي أعداد المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا 18 ألف مرتزق، بينما أعادت بعضهم ممن انتهت عقودهم إلى سوريا، أو نقلتهم للقتال في أذربيجان، حسب تقارير.
وتعمل أنقرة على تثبيت وجودها العسكري في الغرب الليبي، طامعة في التقدم شرقا باتجاه حقول النفط والغاز، وقامت بتطوير سيطرتها وتجهيزاتها في قاعدة الوطية المحتلة، إضافة إلى قواعد أخرى في مصراتة ومعيتيقة، بالإضافة لإنشاء قاعدة بحرية في منطقة أبو ستة في طرابلس.
مصر
عانت مصر من الدعم اللوجستي غير المحدود من تركيا للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي الذي كان يسعى لبث الفوضى والعنف في البلاد.
كما يسعى أردوغان إلى ضرب استقرار مصر عن طريق الفوضى في ليبيا.
ففي يونيو/ حزيران الماضي، رسمت مصر خطوطا حمراء عند سرت والجفرة في ليبيا لمنع الأطماع التركية من التهام الدولة الجارة، والواقعة في شمال أفريقيا.
حينها، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أثناء تفقده وحدات الجيش المصري في المنطقة العسكرية الغربية: "إننا نقف اليوم أمام مرحلة فارقة، تتأسس على حدودنا تهديدات مباشرة تتطلب منا التكاتف والتعاون ليس في ما بيننا إنما مع أشقائنا من الشعب الليبي والدول الصديقة للحماية والدفاع عن بلدينا ومقدرات شعوبنا من العدوان الذي تشنه المليشيات المسلحة الإرهابية والمرتزقة بدعم كامل من قوى خارجية".
التحذير المصري الحاد دفع نظام أردوغان إلى التودد للقاهرة في العديد من التصريحات، ولكن بدا واضحاً أن تكرار تلك المحاولات تمثل مجرد مساع غير جادة لا تعكس سياسة صادقة وحقيقية على أرض الواقع، بل تكتيك لإخراج أنقرة من أزمات عديدة تتخبط فيها على الصعيد الأوروبي وشرق المتوسط وليبيا.
أفريقيا
وفي مايو/أيار الماضي، أحبطت السلطات الإثيوبية محاولة تهريب أسلحة تركية الصنع إلى البلاد، عبر إقليم أمهرة على الحدود السودانية.
ونجحت شرطة منطقة غرب جوندر بإقليم أمهرة شمال إثيوبيا في ضبط 289 مسدسا تركي الصنع وقطعتي كلاشينكوف إضافة لكمايات من الرصاص.
وعقب العملية بشهر، ضبطت شعبة الاستخبارات العسكرية السودانية، بقيادة الفرقة الثانية مشاة بالقضارف، كميات كبيرة من الأسحلة التركية فى طريقها لإثيوبيا وقبضت على 6 متهمين.
أوروبا
لم تسلم القارة العجوز التي كان يتودد إليها أردوغان على مدار سنوات من شروره، فمن الابتزاز تارة للاستفزازات تارة أخرى.
حيث يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على النظام التركي نتيجة تحركاته العدوانية وسياساته التي وصفت بـ"غير المقبولة".
فعلى مدار يومين من قمة أوروبية، انتقد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، استئناف تركيا التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، مندداً بما اعتبرها "استفزازات"، في ختام قمة في بروكسل.
وقال ميشال "نندد بتصرفات واستفزازات تركيا الأحادية"، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يعتزم دراسة الوضع في ديسمبر/كانون الأول للنظر في عقوبات ضد أنقرة.
وناقش القادة الأوروبيون هذا النزاع خلال قمة في بروكسل، بعدما أعادت تركيا سفينة أبحاث إلى المياه المتنازع عليها في تحد للدعوات الدولية التي تطالبها بالتراجع.
وحض الزعماء الـ27 في بيان قمتهم تركيا على التراجع عن خطوتها الأخيرة، وأكدوا مجددا "تضامنهم الكامل" مع اليونان وقبرص العضوين في الاتحاد الأوروبي.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل "اتفقنا على أنّ الخطوات الأحادية الأخيرة التي اتخذتها تركيا، وهي طبعاً استفزازية، تؤجج التوتر مجدداً بدلاً من تهدئته".
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فنبه قائلا "لن أتنازل عن أي شيء أمام هذه الاستفزازات".
أرمينيا
بصمة شر جديدة لأردوغان في العالم، فمع سعي الدول الكبرى للتوصل إلى حل للأزمة والتهدئة بين أرمينيا وأذريبجان، يسير أردوغان في طريق إشعال الأزمة.
فالأحد الماضي، كشف أرايك هاروتيونيان رئيس إقليم ناغورني قره باغ، عن تطورات جديدة في الدور التركي العدواني في أزمة الإقليم، وسعي أنقرة لإفشال الهدنة.
واستنكر أرايك هاروتيونيان، التدخل التركي في الأزمة الحالية، مؤكدا أن جميع الأسلحة التي تسخدم ضد الإقليم تركية الصنع خاصة الصواريخ.
وقال إن أذربيجان استخدمت صواريخ وطائرات مسيرة للهجوم على عاصمتنا ومدن أخرى بخلاف المدنيين ودور العبادة مما يرقى لجريمة حرب.
واندلع القتال أواخر الشهر الماضي بين أرمينيا وأذربيجان في مسعى للسيطرة على الإقليم المتنازع عليه الذي أعلن استقلاله عن أذربيجان بعد حرب في تسعينيات القرن الماضي.
ولعبت تركيا دورا تحريضيا في النزاع بين البلدين حول الإقليم، وأرسلت مرتزقة للقتال إلى جانب أذربيجان.
وتعيش تركيا الآن أسوأ فتراتها الاقتصادية والمالية والنقدية، وسط استنزاف في معظم مقدراتها، تحت حكم أردوغان، الذي يمارس سياسة منفرة على المستويين الداخلي والخارجي.
aXA6IDMuMTQ0LjI1LjI0OCA= جزيرة ام اند امز