أردوغان يشعل إدلب.. تنديد أمريكي وتحذير روسي
التصعيد التركي جاء بعد النجاحات الميدانية التي حققها الجيش السوري في تطهير شمالي البلاد من التنظيمات الإرهابية
بدأت تركيا الأيام الماضية في إشعال صراع جديد داخل الأراضي السورية، ما أدى إلى نزوح أكثر من نصف مليون شخص وفق الأمم المتحدة.
وجاء التصعيد التركي بعد النجاحات الميدانية التي حققها الجيش السوري في تطهير شمالي البلاد من التنظيمات الإرهابية التي تتلقى دعما ماليا وعسكريا ضخما من أنقرة، بحسب مراقبين وبحسب الاتهامات الروسية.
التقرير التالي يرصد خطوات تركية لإشعال شمالي سوريا.
إدلب.. المعقل الأخير
نجحت قوات الجيش السوري بعد 6 أشهر من حالة التأهب لحصار الفصائل المسلحة الموالية لتركيا في ريفي إدلب وحلب، بالسيطرة على مدينة معرّة النعمان جنوبي إدلب.
وتعتبر المدينة الاستراتجية إحدى كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي، وأحد أهم معاقل جبهة تحرير الشام في سوريا (جبهة النصرة سابقا).
وتطلبت السيطرة عليها بالكامل استعادة 7 بلدات رئيسية في محيطها قبل التقدم نحو مركزها ومحاصرته.
وأثناء تقدمها أحاطت قوات الجيش السوري بنقاط المراقبة التركية في معرة النعمان، والتي نُشرت بموجب اتفاق خفض التصعيد الموقع بين أنقرة وموسكو وطهران قبل 3 سنوات بالعاصمة الكازاخية.
ويعني هذا التقدم أن اثنتين من 13 نقطة مراقبة تركية في المنطقة المنزوعة السلاح باتت الآن مطوقة من قبل قوات الجيش السوري.
والأسوأ بالنسبة لتركيا هو أن سيطرة قوات الجيش السوري على معرة النعمان تمنحها آليا السيطرة على امتداد الطريق السريع أم 5 (حلب-حماة)، ما يعني قطع طريق الإمداد الرئيسي إلى نقطة مراقبة تركية بالقرب من قرية معرة حطاط في محافظة إدلب.
وباتت قوات النظام على بعد 8 كيلومترات جنوب شرق مدينة إدلب بعد تقدمها غرب سراقب.
وتُشكل سراقب نقطة التقاء بين طريق دولي، يُعرف باسم "أم فايف" ويربط مدينة حلب بدمشق ويعبر مدناً رئيسية عدة وصولاً إلى الحدود الجنوبية، وطريقا ثانيا يُعرف باسم "أم فور"، ويربط محافظتي حلب وإدلب باللاذقية غرباً. وترغب دمشق باستعادة السيطرة على أجزاء من الطريقين خارج سيطرتها.
عدوان أردوغان الرابع
وشهد محيط سراقب ليل الأحد-الإثنين تصعيداً نادراً بين القوات السورية والتركية، التي أدخلت تعزيزات عسكرية كبرى في الأيام الأخيرة إلى إدلب.
وأمس الإثنين، أطلق الرئيس التركي عملية عسكرية بمدينة إدلب في رابع عدوان تشنه أنقرة على مناطق شمال غربي سوريا خلال نحو 4 سنوات.
وزعم أردوغان أن بلاده ترد على هجمات ضد قواتها في منطقة إدلب، بعد تأكيد مقتل 4 جنود أتراك وجرح 9 في قصف من قبل الجيش السوري.
وأضاف: "لقد استجبنا لهذه الهجمات وسنواصل القيام بذلك، سواء كان ذلك بالمدفعية أو بقذائف الهاون لدينا. نحن مصممون على مواصلة عملياتنا".
وأشار إلى أنه تم استهداف 40 موقعا في سوريا، لافتا إلى استخدام مقاتلات إف 16 في عملية إدلب.
من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 6 جنود سوريين وإصابة أكثر من 20 آخرين في قصف صاروخي تركي في إدلب.
تحذيرات دولية
وردا على التصعيد وخرق الاتفاقات من جانب أنقرة، حثت روسيا، الثلاثاء، تركيا على أهمية التنفيذ الفوري لاتفاقيات سوتشي بشأن إدلب شمالي سوريا.
وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي إن "تركيا لم تستطع الوفاء بعدد من الالتزامات الأساسية لحل مشاكل إدلب، وكذلك فصل المعارضة عن الإرهابيين، ونحن نتلقى معلومات حول نشر تركيا قواتها في إدلب".
كما كذبت روسيا، الرئيس التركي بعد اتهامه موسكو بخرق اتفاقية الهدنة بشمالي سوريا.
وعقب التحذير الروسي، خفف أردوغان من لهجته التي يصفها مراقبون بـ"الاستعراضية"، قائلا: "لا توجد حاجة لخلاف خطير مع روسيا.. بالطبع سنجلس ونناقش كل شيء. لكن دون غضب" في محاولة منه لاحتواء الغضب الروسي.
وقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي اتفقا على اتخاذ إجراءات فورية لتحسين تنسيق تحركات البلدين في سوريا، وضرورة الالتزام بالاتفاقات بين البلدين بشأن منطقة إدلب والتي تضع تصورا لزيادة التعاون من أجل "تحييد الإرهابيين".
ومن الجانب الأمريكي، أدانت الولايات المتحدة الاعتداءات "المستمرة وغير المبررة" على المدنيين في محافظة إدلب السورية.
كما أعلنت الأمم المتحدة أن المعارك في شمال غرب سوريا شرّدت نحو نصف مليون شخص توجه معظمهم نحو الحدود التركية، علما بأن أنقرة تستضيف أصلا أكثر من 3,6 ملايين لاجئ سوري.