انشقاقات واستقالات.. حزب أردوغان يتجه نحو الهاوية
الانقسامات بين حزب العدالة والتنمية أظهرت حجم الصدع الذي لحق بحزب أردوغان.
بدأت سفينة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالغرق، ومعها يتقافز رجاله منها الواحد تلو الآخر، طلباً للنجاة من مركب تائه بقيادة قبطان أرعن.
انقسامات وانشقاقات سرعان ما خرجت من الخفاء إلى العلن، لتظهر حجم الصدع الذي لحق بحزب أردوغان "العدالة والتنمية"، في ظل الاستقالات المتتالية لأعضائه، وحتى من مؤسسيه، في واحدة من أكثر الضربات إيلاماً للرئيس التركي الذي يجد نفسه في مواجهة جبهة يشكلها هذه المرة رفاق درب الأمس.
توسع الانشقاقات
مصادر تركية مطلعة قالت إن أردوغان المثقل بالهزيمة في معركة الانتخابات البلدية، يدرس حالياً خطة "هيكلة" حزبه، وذلك عقب عودته مباشرة من عطلة استجمام يأمل في أن تخفض منسوب الإحباط بداخله من خسارته المهينة في إسطنبول بشكل خاص.
تعديلات في بنية الحزب الحاكم، وفي تشكيلة الحكومة قد يجريها أردوغان في محاولة لحفظ ما تبقى له من ماء الوجه، وفي محاولة للإيهام بأن ذلك التشكيل السياسي الذي بات أقرب إلى فصيل يتيم محتضر قادر على الاستمرار في الحكم رغم الاستقالات والانشقاقات.
معادلة جديدة لم يخترها أردوغان وإنما فرضتها تغير موازين القوى عقب نتائج البلديات الأخيرة، والتقدم الذي أحرزته خلالها المعارضة، خصوصاً في إسطنبول مقابل هزيمة مرشح أردوغان بن علي يلدريم.
تلك الهزيمة سارعت من إجراءات تشكيل حزب سياسي جديد يضم منشقين عن العدالة والتنمية، ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة تشكيل أحزاب جديدة بحلول سبتمبر/أيلول المقبل، في ظل تكهنات بتأسيس كل من الرئيس التركي السابق عبدالله جول، ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان، إلى جانب أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء السابق، أحزاباً جديدة.
وتعد تلك الخطوة صادمة بالنسبة لأردوغان، خاصة أن جميع المنشقين المذكورين كانوا من كوادر العدالة والتنمية، ممن فضلوا الانسحاب مخافة من أن يذكرهم التاريخ من حاشية الرئيس التركي الذي دمر مستقبل بلاده بسياساته غير المتزنة.
انشقاق جديد
مصادر أخرى قالت إن سفينة أردوغان الغارقة تتأهب لتوديع وزير المالية السابق محمد شيمشك، مشيرة إلى أن الأخير سيعلن انضمامه لحزب داود أوغلو بمجرد الإعلان عن تأسيسه بصورة رسمية.
هذا الانشقاق تؤكده اللقاءات المتكررة التي جمعت مؤخراً أردوغان بشيمشك، في اجتماعات قالت بعض الصحف المعارضة إنها جاءت في محاولة من الرئيس التركي لإثناء الوزير السابق عن قراره، بل إن الأمر بلغ حد محاولته «رشوته» من خلال عرض توليه حقيبة وزارة الخزانة والمالية.
غير أن شيمشك رفض العرض، ربما بسبب المخاوف التي باتت تخيم على جميع المسؤولين الأتراك، بسبب تدخلات أردوغان في رسم السياسات النقدية بصورة فجة تسيء لسمعة الاقتصاد التركي، وتحمّل الوزير وزر ذلك أمام شعبه والعالم.
في الأثناء، يتوقع متابعون للشأن التركي أن ينضم شيمشك إلى حزب وزير الاقتصاد السابق علي باباجان، وجول، فيما تظل بقية الاحتمالات واردة.
لكن، وفي جميع الأحوال، فإن استقالة الوزير السابق سيكون له أثر بالغ على حزب أردوغان، خصوصاً عقب سلسلة الاستقالات التي ضربته مؤخراً، والتي كان آخرها استقالة باباجان في 8 يوليو/تموز الجاري؛ اعتراضاً على سياسات أردوغان.
ومنذ ذلك الحين، تتواتر أنباء عن نية باباجان تأسيس حزب جديد ينضم إليه المنشقون عن الحزب الحاكم.
حزب أردوغان يتآكل
ما يفاقم أزمة أردوغان هو أن المنشقين عن حزبه يحظون بتأييد غير مسبوق، من ذلك أن الحزب الذي من المتوقع أن يطلقه باباجان، حصل على دعم 4 وزراء أتراك سابقين، هم وزير الداخلية السابق بشير أتالاي، ووزير العدل السابق سعد الله إرجين، ووزير التعليم حسين جليك، بالإضافة إلى وزير العلوم والصناعة والتكنولوجيا نهاد إرغون.
ولا يبدو أن الأمر سيتوقف عند هذا الحد؛ حيث يتوقع إعلام تركي معارض المزيد من أسراب الهجرة الجماعية إلى حزب باباجان الذي من المفترض أنه سيكون حاضنة سياسية لجميع الفصائل الاجتماعية.
ووفق صحيفة "يني جازيت" التركية، فإن استقالة باباجان ستفتح الباب أمام استقالات قيادات أخرى في حزب أردوغان؛ حيث من المتوقع أن ينتقل 40 نائباً على الأقل من الكتلة البرلمانية للحزب إلى الحزب الجديد، وهذا ما يعني حسابياً تآكل الكتلة النيابية للعدالة والتنمية، ومن ثمة تفتت وانقسام وشيك سيحيل أردوغان إلى التقاعد الإجباري من السلطة.
aXA6IDE4LjIyNC43MC4xMSA=
جزيرة ام اند امز