أردوغان يشن هجوما على جنرال عسكري أنقذه من فضيحة فساد
السجال بين الطرفين بدأ بعد ظهور "باشبوغ" في أحد البرامج وإدلائه بتصريحات اتهم برلمانيين عن حزب العدالة والتنمية بالانتماء لحركة غولن
تشهد الأروقة السياسية في تركيا سجالا بين الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس هيئة الأركان الأسبق إيلكر باشبوغ الذي أنقذه سابقا من فضائح فساد ورشوة عام 2013.
ويأتي الخلاف إثر قيام باشبوغ باتهام نواب برلمانيين تابعين لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالانتماء لحركة رجل الدين فتح الله غولن، التي تدرجها أنقرة على قوائم التنظيمات الإرهابية.
باشبوغ سبق أن زج به في السجن لمدة 26 شهرا، إثر إدانته بالانتماء لتنظيم "أرغنكون" أو ما يعرف إعلاميا بـ"الدولة العميقة" قبل الإفراج عنه في مساومة مع نظام أردوغان إثر فضائح فساد ورشوة في 2013.
السجال بين الطرفين بدأ بعد ظهور باشبوغ في أحد البرامج التلفزيونية وإدلائه بتصريحات اتهم فيها البرلمانيين عن حزب العدالة والتنمية الذين صاغوا قبل عدة سنوات مقترحا يسمح بمحاكمة العسكريين بالمحاكم المدنية، بالانتماء إلى حركة غولن.
وأكد رئيس هيئة الأركان الأسبق "ضرورة إيجاد السياسيين الذين قدموا للبرلمان عام 2009 مقترحا قانونيا تم من خلاله إقصاء القضاء العسكري ومحاكمة العسكريين أمام محاكم مدنية، فإذا أنكرتم (في إشارة للنظام الحاكم) وجود الذراع السياسية لمنظمة غولن فسوف يكون ذلك مخالفا للحقيقة".
وقدم المقترح المذكور، في 26 يونيو/حزيران 2009، وتم إقراره كقانون خلال 13 دقيقة، نص على محاكمة المتهمين العسكريين والمدنيين المتهمين بتهم عسكرية أمام المحاكم المدنية فقط، ما فتح المجال أمام اعتقال العسكريين بقرارات صادرة من تلك المحاكم في إطار قضية تنظيم أرجنكون الإرهابي.
وعقب تصريحات باشبوغ شن أردوغان هجوما عليه، وطلب من نواب حزبه التقدم بشكاوى ضده لمحاكمته؛ بذريعة "سعيه لتشويه سمعة البرلمان"، وبالفعل أعلن نواب اعتزامهم تقديم شكاوى بحق الرجل.
وقال أردوغان في تصريحاته: "هناك شخص سبق أن شغل منصب رئيس هيئة الأركان (في إشارة لباشبوغ) يدلي بتصريحات مضللة للرأي العام. إنني أعرفه جيدا. فهو يتذرع بهذا المقترح القانوني ويدلي بتصريحات تضع مجلسنا الموقر في مرمى الاتهامات".
وطالب أردوغان نواب البرلمان بتقديم شكاوى ضد باشبوغ للتحقيق معه قائلا "من أجل حماية حقوق ومكانة مجلس الأمة أدعوكم لتقديم شكوى عن ذلك أمام المحكمة على وجه السرعة؛ إذ لا يحق لأي شخص مهما كان أن يشوّه سمعة البرلمان من الخارج من خلال اتهامات لا أصل لها".
وتابع قائلا: "محاولات تشويه سمعة البرلمان من خلال إلقاء مثل هذه التهم تذرعا بتعديل قانوني ساندته جميع الأحزاب السياسية قبل نحو 11 عاما ليس إلا عدم احترام لهذا البرلمان".
واعتبر الرئيس أردوغان تصريحات باشبوغ "هجوما متعمدا على إرادة البرلمان، وحصانة البرلمانيين على حد سواء، تنبع من عقلية تشتاق للوصاية العسكرية".
وبعد دعوة أردوغان هذه، أصدر باشبوغ، الخميس، بيانا، قال فيه إنه يرفض هذه التصريحات، مؤكدا أنه خلال عمله أجهض العديد من المؤامرات التي استهدفت الجيش، في إشارة لمحاولة عناصر غولن تنظيم كيانات داخله.
وشدد رئيس الأركان الأسبق على أنه "لا يوجد أي شيء يمكنه أن يمنعنا عن قول الحقائق التي تمليها علينا ضمائرنا في إطار حبنا واحترامنا للقوات المسلحة التركية والشعب".
تجدر الإشارة إلى أن قضية أرغنكون بدأت مع ضبط 27 قنبلة يدوية في إحدى الشقق بحي عمرانية في إسطنبول يوم 12 يونيو/حزيران 2007. واعتقل بسببها العشرات من الجنرالات ورجال الدولة بتهمة التخطيط للانقلاب على الحكومة المنتخبة.
واستمر نظر القضية 6 أعوام وشهرين، وفي 5 أغسطس/آب 2013 أصدرت المحكمة حكمين بالسجن المؤبد مع الأعمال الشاقة إضافة إلى السجن 99 عاما على اللواء المتقاعد "ولي كوجك"، وبالسجن المؤبد على باشبوغ، والمؤبد مع الأعمال الشاقة على رئيس حزب الوطن "دوغو بيرينجك"، إضافة إلى أحكام مختلفة بحق باقي المتهمين.
لكن بعد فضائح الفساد والرشوة التي تورطت فيها حكومة أردوغان عام 2013 (طالت عددا من الشخصيات الحكومية وأفرادا من عائلة أردوغان)، التي كشفها نواب عموم منتمون لجماعة غولن، استقوى أردوغان بأعضاء أرغنكون.
وفي مقابل إغلاق القضية، أمر عام 2014 بالإفراج عن المعتقلين العسكريين المتهمين بمحاولة الانقلاب ضده، متذرعا بأن الجماعة هي التي دبرت المؤامرة لاعتقالهم وليس هو.
إلا أن مجموعة من العسكريين الموظفين حاليا والمتقاعدين بدأوا يتهمون أردوغان بأنه وحزبه "المسؤول السياسي" عن هذه المؤامرة ويصفونهم بـ"الذراع السياسية" لمنظمة فتح الله غولن؛ السلاح الذي يوجهه أردوغان ضد كل من يختلف معه أو يعارضه.
وجاءت هذه الأحداث بعد النزاع الذي اندلع بين تركيا وروسيا بسبب الصراع على مدينة إدلب، إذ كان زعيم حزب الوطن دوغو برينجك، أحد الأعضاء في تنظيم أرغنكون الذي يوالي في الوقت الراهن روسيا، هدد الرئيس أردوغان بقوله: "إذا قمت بتسليح أوكرانيا ضد روسيا فإنك لن تستطيع البقاء في منصبك".
كل هذه التطورات تشير بما لا يدع مجالا للشك إلى أن أردوغان ليس له صديق، وأنه يحدد أصدقاءه وفق ما تقتضيه مصالحه الشخصية وبقاؤه بالسلطة، فهو من قبل كان حليفا لجماعة غولن، واليوم ينصفها تنظيما إرهابيا، كما هو الحال في قضية "أرغنكون".
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ni4yMjgg
جزيرة ام اند امز