الدولار والليرة يحددان مصير أردوغان السياسي
أيام قليلة ويذهب الشعب التركي للاستفتاء على التعديلات الدستورية.. ولكن هل يكون للدولار دور في تحديد رأيهم؟
رغم الخصومات التي افتعلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الداخل والخارج في حملته للحصول على سلطاته الجديدة الواسعة، إلا أن مصيره السياسي ربما يكون معلقا على أمر توقف عن الشكوى منه مؤخرا، وهو سعر عملة بلاده -الليرة-.
وبينما يتجه الشعب التركي إلى مراكز الاقتراع في 16 أبريل/نيسان المقبل للإدلاء بأصواتهم في استفتاء على تعديلات دستورية من شأنها توسيع صلاحيات أردوغان، تظل أعينهم معلقة على سعر الليرة أمام الدولار الذي بات أهم مؤشر سلامة اقتصاد بلادهم.
وقالت وكالة "بلومبرج" الأمريكية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، إن أردوغان لم يعد يوبخ البنك المركزي أو الدائنين التجاريين حول تكاليف الاقتراض التي وصلت إلى أعلى مستوياتها في 5 سنوات، فهو يراهن على أي إجراءات متخذة من شأنها منع ارتفاع الليرة، لحصد ثمارها في صناديق الاقتراع.
وباتت قيمة الليرة مقابل الدولار الأمريكي أكبر من كونها مجرد قضية موارد مالية في تركيا، حيث لا يزال ملايين الناخبين يتذكرون الهبوط المفاجئ للعملة الذي دمر سبل عيش الكثير منهم خلال العقود الأخيرة.
ونظرا لأن العجز التجاري التركي هو الأكبر بين أبرز 50 اقتصادًا مرتبطًا بمعدلات الإنتاج، وأغلب وارداته وديونه الخارجية يتم تسعيرها بالدولار، فإن الانخفاض الحاد لسعر الليرة يمكن أن يكون خرابًا على حشود من أصحاب المشاريع.
وحذر المحلل السياسي الدولي ولفانجو بيكولي مما قد يحدث لليرة بعد الاستفتاء، موضحا: "كل الناس في الشارع تراقب سعر الصرف بشكل يومي، وأردوغان يكسب دعما طالما تحافظ تركيا على استقرار الليرة، لكن التحدي يكمن في الخلفية الخارجية، فلا أحد يمكنه التنبؤ بما سيحدث".
ويقول مؤيدو التعديلات الدستورية المقترحة إن منح أردوغان سلطات واسعة جديدة هي الطريقة الوحيدة لتحقيق الاستقرار الذي يتوق إليه المجتمع وتحتاجه الشركات للازدهار.
في المقابل، يرى المعارضون أن الموافقة على الاستفتاء تُعد دعوة للديكتاتورية، خاصة أن أردوغان سجن وطرد أكثر من 100 ألف شخص يعتبرهم أعداءً بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز الماضي.
أردوغان وإصلاح الليرة.
عندما ولد أردوغان في 1954 بعد انضمام تركيا إلى حلف الناتو، كان سعر الليرة 2.6 لكل دولار، وبحلول عام 2001، كان 1.55 مليون ليرة مقابل دولار واحد، مما شكل هبوطا كبيرا ومفاجئا حتى اضطر البنك المركزي لطباعة ورقة نقدية قيمتها 20 مليون ليرة.
وتحرك أردوغان سريعًا لإنهاء هذا "العار الوطني"، على حد وصفه، بعد أن أصبح رئيسًا للوزراء في 2003، وذلك بمحو 6 أصفار وتقديمه ليرة جديدة كانت قيمتها حوالي 1.35 دولار، عندما قُدمت بشكل كامل في 2005.
لكن منذ ذلك الحين بات سعر العملة معركة شاقة، بعد أن وصلت قيمة الدولار الواحد لأكثر من 3 ليرات العام الماضي، واقترب من أربعه ليرات في يناير/كانون الثاني الماضي، ما دفع أردوغان إلى مضاعفة الجهود لحشد الناس لشراء الليرات وإنهاء "بطش الدولار".
ومع اقتراب الاستفتاء يتزاحم جميع الوزراء والمشرعين والمنظمين لإنقاذ الليرة، وإحدى اللوائح الجديدة تسمح للشركات بدفع ديونهم الدولارية للدولة بالعملة الوطنية بأسعار تفضيلية، وحتى البنك المركزي المستقل يقدم تدابير استثنائية لوضع حد للمضاربة بالعملات.
وتضيف حالة الشك السياسي حول الاستفتاء إلى العبء المالي الذي تسببت فيه محاولة الانقلاب على الاقتصاد التركي، حيث تقلص الاقتصاد في الربع الثالث لأول مرة منذ 2009، وتضغط الحكومة على الإنفاق للمساعدة في تخفيف الضربة، مما يهدد بظهور مشاكل أخرى مثل المزيد من تأجيج التضخم، الذي وصل بالفعل لأرقام مضاعفة للمرة الأولى منذ 2012.