تركيا تختنق.. مشاريع أردوغان زعامة زائفة فضحتها الأزمة الاقتصادية
شبكة "بي بي سي" البريطانية تقول إن المشاريع المعلقة في تركيا باتت معبرة عن خراب كبير، ومكانا تنتشر فيه القوارض والحشرات.
مجرد رؤيته لاسمه مدونا فوق كبريات المشاريع التي تلتهم جيوب الأتراك، يجعله يشعر بالانتشاء، ذلك هو جنون العظمة الذي يجعل رجب طيب أردوغان يرسم بلاده على أنها قوة عظمى وهي التي تنوء تحت ثقل أزمة اقتصادية خانقة.
حالة الانتشاء التي تنتاب أردوغان وهو يرفع يده لتحية أنصاره تبدو طاغية على مسار لا يعول على الاكتفاء بأكبر مطار في العالم، وأكبر مدينة طبية، وأضخم قناة مائية، وأكبر مسجد، وإنما يرنو لاستنزاف الأتراك وإهدار أموالهم على مشاريع قيمتها المضافة الوحيدة أنها تمنح أردوغان مادة دسمة للتفاخر والتباهي.
ومع أن أردوغان يصر على إنكار الأزمة الخانقة التي تدك مؤشرات اقتصاد بلاده، إلا أن توقف أشغال عدد من تلك المشاريع «الكبرى» يفند مزاعمه.
شبكة "بي بي سي" البريطانية قالت في تقرير إن المشاريع المعلقة في تركيا باتت معبرة عن خراب كبير، ومكانا تنتشر فيه القوارض والحشرات، من ذلك مدينة أنقرة الطبية، وشق قناة مائية كلفتها 16 مليار دولار.
مسجد تشامليجا بإسطنبول
الجمعة الماضي، ضجت وسائل الإعلام الموالية لأردوغان بخبر افتتاحه مسجد تشامليجا "أكبر" مسجد في تركيا.
وفي وقت كان فيه الأتراك يكابدون من أجل مواجهة نفقات شهر رمضان جراء غلاء المعيشة وانهيار الليرة، كان أردوغان يقف خطيبا وسط حاشيته، معربا عن سعادته العارمة بـ«جامع لا يعد مجرد مسجد فحسب، بل مجمعا كبيرا يضم قاعة مؤتمرات ومتحفا للآثار الإسلامية التركية»، محاولا تصدير نفسه على أنه المدافع عن المسلمين حول العالم، أضاف: "مسجد تشامليجا هو الأكبر في تركيا ويمكن مشاهدته بسهولة من جميع مناطق إسطنبول".
استغرقت أشغال بناء المسجد نحو 6 سنوات، ويقع في أعلى قمة في مدينة إسطنبول، وتحديدا بمنطقة أوسكودار، وقد صمم على طراز الهندسة المعمارية العثمانية على مساحة 15 ألف متر مربع.
وتحيط به حدائق بمساحات كبيرة، وتزينه سجادة بمواصفات خاصة تغطي مساحة 17 ألف متر مربع، باهظة الثمن، فيما تكتمت حكومة أردوغان عن كلفة المسجد ليقينها من السخط الذي سيخلفه الرقم الضخم لدى المواطنين.
حديقة تتجاوز المليار
في مارس/آذار الماضي، افتتح أردوغان «ووندر لاند أوراسيا» أو حديقة أنقابارك، بالعاصمة التركية أنقرة، على مساحة تقدر بـ1.3 مليون متر مربع.
وادعى أردوغان أن الحديقة التي تعد الأكبر في أنقرة "لا تمثل أحد أهم رموز فخرنا في العاصمة فقط، بل في كل أنحاء تركيا".
وتضم الحديقة مرآبا يتسع لآلاف السيارات، وسكة حديد بطول 5 كيلومترات، بكلفة إجمالية مقدرة بنحو مليار و396 مليون ليرة.
مطار إسطنبول
12 مليار دولار من خزانة تركيا أنفقها أردوغان لإنجاز مطار إسطنبول الذي أراده أن يكون «الأضخم» في العالم، إرضاءً لهوس الأمجاد والزعامة الزائفتين، فيما واجه المشروع عثرات مالية وفنية ما أجبر على افتتاحه على مرحلتين.
ورغم الدعاية الهائلة التي رافقت بناء المطار وافتتاحه، إلا أن خبراء يرون أنه من المستحيل أن يحقق أرباحا قبل حلول عام 2043، ما يعني أنه لن يساهم في موارد البلاد قبل ذلك التاريخ، بل سيكون عجزا يفاقم معاناة الأتراك.
مواقع المعارضة التركية نقلت عن خلوق بيكشن، الخبير في الطيران المدني، ونائب حزب الشعب الجمهوري المعارض عن ولاية طرابزون، قوله إنه جرى طرح مشروع مطار إسطنبول في مناقصة لمدة 25 عاما مقابل 22 مليار يورو، رغم أنه في الصين طُرح مطار أكبر منه مرتين مقابل 11 مليار يورو فقط.
واعتبر الخبير أن الكلفة في تركيا «صادمة»، في إشارة ضمنية إلى وجود فساد في الملف، خصوصا أن المناقصة حصلت عليها 5 شركات موالية لأردوغان.
وأوضح أنه في الوقت الذي "تخطط فيه أنقرة لتشغيل المطار كانت هي نفسها من يدفع المال"، وفي هذا عبء إضافي وضغط على موازنة الدولة المنهارة.
وملخصا جوهر سياسة أردوغان، تابع الخبير: "إذا اقترضت المال للتفاخر، فسيأتي يوم يطاردك فيه الدائنون، وحين تكون الديون بالعملات الأجنبية، فإن أعباءها ستكون مضاعفة، خصوصا في ظل انهيار الليرة".
تركيا تختنق
يجزم الخبراء بأن الوضع الاقتصادي في تركيا لا يسمح باستثمارات باهظة في مشاريع لا تعد حيوية أو قادرة على تحقيق إيرادات حينية.
غير أن الرغبة الجامحة لدى أردوغان في ربط اسمه بأكبر المشروعات والتقاط الصور خلال افتتاحها فقط، أعمته عن الأخذ بعين الاعتبار التكاليف الباهظة لهذه المشاريع التي لا تدر دخلًا يناسب المبالغ المنفقة عليها.
ومع أنه تعهد في أكثر من مرة بعدم إقامة مشاريع استثمارية جديدة في 2019، بسبب الأزمة الاقتصادية، إلا أنه يواصل العمل على أي مشروع طالما يؤمن له وضع اسمه على يافطة ضخمة أعلاه، ويرضي نرجسيته وهوسه بزعامة زائفة.