أردوغان ضد روسيا.. معارك خاسرة من الشرق الأوسط للقوقاز
تكتيك مفضوح النوايا بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان المسكون بهاجس افتكاك التموقع الجيوسياسي من روسيا، رغم عباءة التقارب الهش
لم يثر انقضاض تركيا على الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، استغراب كثيرين ممن كانوا على يقين بأن أنقرة ستنتهز الحرب الراهنة لنقل معاركها مع روسيا من الشرق الأوسط إلى القوقاز.
تكتيك مفضوح النوايا بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان المسكون بهاجس افتكاك التموقع الجيوسياسي من روسيا، رغم عباءة التقارب التي يضعها بسوريا في شكل اتفاقات هشة مع موسكو.
فصام يهيمن على السياسة الخارجية الواهنة لأنقرة، جعل رئيسها يحلم بمنازعة روسيا التي هيمنت لقرنين من الزمن على الشؤون السياسية والاقتصادية بين البحر الأسود وبحر قزوين.
مرتزقة أردوغان
منذ اتفاق وقف إطلاق النار عام 1994، لم تتوقف الاشتباكات قط بين أذربيجان وأرمينيا، وسط اتهامات متبادلة من الطرفين بالمسؤولية، ومحاولات تركية مستمرة لحشر نفسها بالصراع.
وفي ظل الأعمال القتالية الجارية حاليا في إقليم ناغورني قره باغ، سعى أردوغان كالعادة إلى تعويم الأزمة في القوقاز، واصطف آليا مع أذربيجان ضد أرمينيا خصمه التاريخي.
وعلى الأرض، أرسل أردوغان مرتزقته ممن انتهت صلوحيتهم في سوريا، للمشاركة بالأعمال القتالية بقره باغ، في تدخل جديد بأزمة القوقاز يتوقع متابعون أنه حركة استفزازية متعمدة ضد موسكو.
وفي تصريحات إعلامية، قال سفير أرمينيا لدى روسيا، فاردان تاغانيان، إن المسلحين الذين تم طردهم من سوريا من قبل تركيا يشاركون في الأعمال القتالية بإقليم قره باغ.
وأوضح السفير أن هناك 4 آلاف مرتزق قدموا من سوريا، وتم تدريبهم في معسكرات الإهابيين ونقلهم إلى أذربيجان.
ورغم أن أردوغان يحاول عدم التطرق بشكل مباشر لحقيقة الدور الذي تلعبه بلاده في الأزمة الراهنة ـ في ظل تأكيد أرميني ونفي أذري ـ إلا أن سياسته الملتوية لم تنجح في إخفاء أجندته بمحاولة منافسة موسكو بمناطق تواجدها.
مآرب ترمي إلى زيادة النشاط السياسي لأنقرة في المنطقة، عبر محاولات التقرب من بلدان القوقاز التي تتحالف معها، في طريق مزروعة بعراقيل كبيرة أبرزها أن موسكو لن تتخلى أبدا عن أرمينيا، وبالتالي لن تسمح أبدا بدعم الأتراك لأذربيجان.
مواجهة المحاور
أواخر يوليو/تموز الماضي، أجرت تركيا وأذربيجان مناورات عسكرية شكلت تصعيدا خطيرا واستفزازا لأرمينيا التي استنجدت بروسيا لمواجهة المحور التركي الأذري.
ظاهريا، يحاول النظام التركي التسويق لدعم أذربيجان على أنه من خطوات حماية مصالحه الطاقية، والخط النفطي بين البلدين، وأنظمة أنابيب الغاز.
غير أن المطلع على مسار العلاقات الثنائية يدرك أن المسألة أكبر من مجرد سياسة حمائية، بل هي محاولة تركية لرد الاعتبار لبلد تلاحقه اتهامات إبادة الأرمن خلال الحقبة العثمانية.
قضية ظلت ترسم العناوين الكبيرة لعداء تاريخي بين الأتراك العثمانيين والأرمن، في ظل تمسك أنقرة برفض الاعتراف بتلك الجرائم التي تصنفها 20 حكومة على أنها إبادة جماعية.
من سوريا لأذربيجان
فشل تركيا في سوريا، واتفاقاتها الهشة فيها مع روسيا، يدفع بأنقرة إلى البحث عن طريق بديل لقواتها، ونقل المعركة الباردة إلى القوقاز، بحثا عن امتداد لأطماعها الممتدة من الشرق الأوسط.
تدرك أنقرة أنه من الصعب أن تحصل على موافقة روسية لعبور معداتها العسكرية نحو أذربيجان، كما لا تريد ـ على الأقل حاليا ـ أن تتورط قواتها النظامية في تدخل عسكري يرفع رصيد تدخلاتها الخارجية الفاشلة، ولذلك توجهت نحو تزويد باكو بالمرتزقة عبر بحر قزوين.
مسلحون كانت تركيا تشحنهم لتغذية النزاعات سواء في سوريا أو ليبيا أو اليمن، قبل أن تغير بوصلتها اليوم نحو أذربيجان، لنقل توترها مع روسيا في سوريا إلى القوقاز.
تغيير يأتي في ظل خلافات تخيم على العلاقات بين روسيا وتركيا بشأن الملف السوري، وتحديدا حول الطريق الدولي «أم 4»، الذي تريد موسكو تعجيل فتحه لبدء عملية تبادل تجاري، بالإضافة إلى سحب القوات التركية من جنوبه، وحصرها بحزام عمقه 35 كيلومترا.
في المقابل، تريد أنقرة وضع قوى أمنية بالمناطق المتفق عليها ضمن تفاهم سوتشي، تشرف مع موسكو على إعدادها، سعيا نحو الحصول على مكاسب أكبر في محافظة إدلب، وهذا ما ترفضه موسكو.