"صادات".. واجهة دفاعية لأنشطة أردوغان السرية
تانري فردي رئيس شركة "صادات" الدولية للدفاع يعرف بأنه رئيس "الجيش السري" لأردوغان، وقائد "الحرس الثوري الخفي" لـ"العدالة والتنمية".
تعد الشركة الاستشارية الدولية للدفاع، المعروفة اختصارا باسم "صادات"، أكثر مليشيات أردوغان قوة ووحشية، ويستخدمها ذراعا عسكرية سرية لحمايته ونشر الإرهاب، لعدم ثقته في الجيش النظامي التركي.
ومؤخرا بدأ الرأي العام في تركيا والعالم- بحسب وسائل إعلام تركية- يتحدث عن شركة "صادات" الغامضة التي تأسست عام 2012 وقفزت إلى الواجهة بسبب التصريحات التي أدلى بها الجنرال المتقاعد ورئيسها عدنان تانري فردي، حين قال: "نحن نستعد لمجيء المهدي".
وتواجه هذه الشركة اتهامات عدة، بدءًا من تدريب الجماعات المسلحة في سوريا وليبيا، واختطاف الرجال من الخارج، والاضطلاع بدور هام في مسرحية الانقلاب المزعوم في تركيا يوليو/تموز 2016.
كما تشير تقارير إعلامية إلى أن "صادات" ليست شركة أمنية خاصة مثلما تدعي على موقعها الرسمي، بل مليشيا عسكرية لحماية أردوغان عندما يتعرض لأي خطر.
وتشرف الشركة على الفعاليات والعمليات السرية لحزب العدالة والتنمية الحاكم منذ عام 2012 داخليا وخارجيا.
تأسيس "صادات" وقوامها
لا يُعرف على وجه الضبط عدد العاملين ضمن شركة صادات، التي أسسها أفراد الجيش المطرودون بعد الانقلاب الرابع في عام 1997 ، والذي سمي بـ"الانقلاب الأبيض"، حيث أُجبر رئيس الوزراء نجم الدين أربكان على الاستقالة بضغط من قادة الجيش. كاتب: "صادات" وراء الزج بالجيش التركي في جحيم معارك إدلب
ويترأس تلك الشركة عدنان تنري فردي، الذي تُطلق عليه المعارضة التركية رئيس "الجيش السري" للرئيس رجب طيب أردوغان، وقائد "الحرس الثوري الخفي" لنظام أنقرة وحزب العدالة والتنمية الحاكم.
وفي عام 2012، وعقب تأسيس شركة "صادات"، تقلد إدارتها حتى عام 2016، لكن يبدو أن أردوغان بات في حاجة أكبر إليه بعد محاولة الانقلاب منتصف يوليو/تموز من العام الأخير، فعينه مستشارا عسكريا له.
وفي يوليو/تموز 2018، أجرى أردوغان تعيينات لشخصيات جديدة في الهيئات السياسية الرئاسية، كان من بينهم عدنان تنري فردي رئيس الشركة التي يعتبرها الأتراك شبكة أردوغان الإجرامية في البلاد وخارجها.
في حينه، حصل تانري فردي على منصب بهيئة السياسات الأمنية والخارجية، وقال موقع "بيرجون" الأمريكي إنه شارك في اجتماع "قمة أمنية" ترأسها أردوغان يوم 20 يناير/كانون الثاني 2018، أي بالفترة التي كان فيها الجيش التركي يشنّ هجمات على عفرين السورية في إطار عملية "غصن الزيتون" العسكرية.
وكان فردي قد عمل في كل من شعبة العمليات الخاصة التابعة لرئاسة الأركان العامة ومنظمة الدفاع المدني التابعة لقبرص التركية، وكان وزير الدفاع الحالي خلوصي أكار بين الطلاب الذين ألقى عليهم محاضرات في الأكاديمية العسكرية التركية.
علاقات فردي وأردوغان
وعدنان تانري فردي صاحب نزعة متطرفة جعلته جنرالا خارج الخدمة، وأُجبر على التقاعد عام 1996 لهذا السبب أيضا، وكان يتقلد مهام رئيس الخدمات الصحية العسكرية في هيئة الأركان العامة التركية.
وحين أُحيل إلى التقاعد المبكر، توجه للكتابة في صحيفة "يني أكيت" المحلية المعروفة بولائها لتنظيم الإخوان الإرهابي.
كما التحق بعد تقاعده بجمعية المدافعين عن العدالة (ASDER)، التي أسسها جنود طُردوا من الجيش، ثم خطف الأضواء من خلال طرح أفكار لإعادة هيكلة القوات المسلحة التركية عبر مركز "المدافعين عن العدالة" للبحوث الاستراتيجية (ASSAM).
وتعود علاقاته بأردوغان إلى عام 1994، حيث كان الأخير مرشحًا لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، في حين كان تانري فردي يشغل منصب قائد اللواء في منطقة مالتبه.
وتحولت العلاقة بين أردوغان وتانري فردي في تلك الفترة إلى صداقة بعدما تعرفا على بعضهما البعض عن طريق شخصية مقربة لكل منهم، ثم تطورت العلاقات بينهما، خاصة بعد فترة انقلاب 28 فبراير/شباط 1997.
كما استقال في 8 يناير/كانون الثاني الماضي من منصبي رئيس لجنة الاستشارات وعضوية لجنة الأمن والسياسة الخارجية على حد سواء جراء ردود الفعل والانتقادات التي تلقاها بعد قوله: "نحن نهيئ الأجواء لقدوم المهدي".
وكانت رئيسة حزب الخير مرال أكشنار قالت قبل عامين إن شركة "صادات" تمتلك معسكرات تدريب مسلحة في مدينتي قونيا وتوكات التركيتين.
أما محمد علي جولر، أحد كتاب جريدة "جمهوريت" التركية، فأكد خلال مقال له في 6 فبراير/شباط الجاري، أن فكرة إنشاء نقاط مراقبة تركية في إدلب السورية تعود إلى شركة "صادات".
وتقول تقارير صحفية إن شركة "صادات" تمارس أنشطتها في المناطق القريبة من تركيا في المقام الأول، بالإضافة إلى كل البلدان الإسلامية أو ذات نسب عالية من السكان المسلمين.
وتفيد بأن "صادات" أجرت بعض المباحثات في اليمن وليبيا وسوريا حتى الآن، أما في عام 2013، وقعت الشركة بروتوكولين للنوايا الحسنة مع الجيش الليبي لإنشاء منشأة رياضية عسكرية ومركز صيانة وإصلاح المركبات المدرعة.
وعقب إطلاق الجيش الليبي عملياته لتطهير الأراضي الليبية من الإرهابيين في 2013 حال دون تنفيذ هذه الاتفاقات، فيما تقوم هذه الشركة بدعم المليشيات المسلحة والمرتزقة الجانب بحكومة فايز السراج ضد الجيش الوطني الليبي.
وكانت وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية المعروفة بقربها من إدارة بوتين أكدت مؤخراً أن فرقا عسكرية من شركة "صادات" تولت مهمة نقل مسلحي الجيش السوري الحر (معارضة سورية مدعومة من أردوغان) إلى ليبيا.
كما دخلت الشركة مؤخرا إلى ألمانيا أيضًا، حيث افتضاح أمرها حين طالب بعض النواب من الحزب اليساري بألمانيا، وعلى رأسهم علا جيلبك وأندريه هان وغوكاي أكبولوت، بتقديم استجواب للحكومة حول أنشطة شركة "صادات" في ألمانيا.
ويقول خبراء: إن أردوغان لا يمكن أن يكتفي بشركة "صادات" فقط، مرجحين تأسيسه كيانات ومنظمات سرية أخرى مشابهة، مؤكدين أنه يستعد لاستخدام هذه الكيانات في سبيل ضمان بقائه في السلطة بعدما أدرك استحالة ذلك بالطرق الديمقراطية، وأنه لن يتردد في إشعال حرب أهلية عند الضرورة لحماية منصبه.
وبحسب تقارير إعلامية تركية وأمريكية، تولى رئيس الشركة تانري فردي، بتعليمات من أردوغان، تدريب عناصر الجماعات الإرهابية في سوريا وليبيا، وتنفيذ جميع الأعمال القذرة التي لم يكن الرئيس التركي يجرؤ على تكليف الجيش بها.
وتقول قيادات من المعارضة التركية إن تانري فردي يحظى بثقة كبيرة لدى أردوغان، ولذلك يستعين به من أجل قتال المنشقين داخليا، وتدريب جهاديين للقتال في حروبه الطائفية الخارجية.
وكان عدنان فردي حاضرا أيضا باسم أردوغان في ليبيا منذ 2011، أي حتى قبل إعلان ولادة "صادات"؛ حيث درب عددا كبيرا من التكفيريين والإرهابيين بهذا البلد، ثم تكررت زياراته إليه، وعقد اجتماعات كثيرة مع ضباط ليبيين سابقين، وحظي باستقبال دبلوماسي رسمي من قبل القيادات الإخوانية في السفارة التركية بطرابلس.
ولاحقا، نقل عدنان فردي البعض من هؤلاء الإرهابيين إلى أنقرة لتعقب المعارضين وأعداء أردوغان وتصفيتهم، كما استخدمهم لقمع الأكراد الأتراك والسوريين، واستعملهم لتهريب تكفيريين إلى أوروبا لتنفيذ عمليات إرهابية، بحسب موقع "ديكان" التركي.
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OCA= جزيرة ام اند امز