السلطات التركية تحقق مع صحفية كشفت فساد صهر أردوغان
سلطات أردوغان تبدأ التحقيق مع هزل أوجاق مراسلة صحيفة "جمهورييت" المعارضة التي كتبت تحقيقا عن فساد صهره ألبيرق
فتحت السلطات التركية، السبت، تحقيقا مع مراسلة إحدى صحف المعارضة؛ لقيامها بالكشف عن فساد صادق ألبيرق، والد وزير الخزانة والمالية برأت ألبيرق، صهر الرئيس رجب طيب أردوغان، في مسألة "تسقيع الأراضي".
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" المعارضة، السبت، أن سلطات أردوغان بدأت التحقيق مع مراسلتها هزل أوجاق التي كتبت في وقت سابق تحقيقا صحفيا عن شراء ألبيرق أراضٍ على طريق قناة إسطنبول المائية عام 2003، قبل شراء أخرى ونقل ملكيتها للوزير نفسه عام 2012.
واعتبرت السلطات التركية خبر الصحفية "إهانة" لوزير المالية، في حين أنها لم تنفِ في الوقت ذاته ما كشف عنه التقرير.
التحقيق المذكور كان قد كشف هذه الواقعة في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث ذكر أن والد الوزير كان اشترى 3 أفدنة في منطقة "أرناؤوط كوى" الواقعة على مسار القناة، وبعد أن أعلن أردوغان عن هذا المشروع في 2011 اشترى 13 فدانا أخرى ونقلت ملكيتها لنجله وزير المالية.
ووفقا لما ذكره التحقيق فإن الأرض المشتراة تقع ضمن حدود المنطقة السكنية في الخطة الجديدة لقناة إسطنبول، وأشار سماسرة عقارات وخبراء إسكان إلى أن "الأراضي الموجودة بتلك المنطقة زادت قيمتها السوقية بشكل كبير".
وتشير تقارير للمعارضة التركية إلى أن وجود أردوغان وحزبه على رأس السلطة، منذ 17 عاما، سهل عملية نهب عائلته لأموال الشعب التركي وتكوين ثروات طائلة، عبر صفقات تجارية مشبوهة، في حماية أجهزة حكومة العدالة والتنمية.
ووصفت صحف تركية معارضة بلال نجل أردوغان بأنه "وزير نفط داعش" لدوره الكبير مع صهره برأت ألبيراق في تسهيل تهريب النفط الذي استولى عليه التنظيم المتطرف في سوريا، وتسويقه والتربح منه.
وأوضحت الصحف أن قيمة أصول شركته البحرية تضخمت، التي يمتلكها بالشراكة مع عمه مصطفى أردوغان، وصهره ضياء إلجين، إلى 180 مليون دولار، ونقل مقر الشركة إلى منطقة بيليربيي على مضيق البوسفور، ووصلت قيمة المقر الجديد لـ150 مليون دولار.
مسألة التحقيق مع الصحفية المذكورة ليست هي الخطوة الأولى التي اتخذها نظام أردوغان ضد كل من يتصدى للكشف عن فساده، إذ سبق أن قام النظام ذاته قبل أيام بحظر الدخول إلى مجلة "لمان"، أبرز المجلات الساخرة، بعد كاريكاتير ساخر عن وزير الخزانة والمالية.
وفي عددها الصادر يوم 22 يناير/كانون الثاني الماضي نشرت المجلة المذكورة على غلافها كاريكاتيرا يسخر من وزير المالية بخصوص شرائه قطعة الأرض.
وحظر العدد المذكور جاء بموجب قرار صدر عن الدائرة السابعة بمحكمة الصلح والجزاء في إسطنبول، الأربعاء الماضي.
ورغم المعارضة الشديدة على مختلف المستويات يصر أردوغان على تنفيذ مشروع قناة إسطنبول، وذلك على الرغم من تأكيد الخبراء الجيولوجيين أنه سيتسبب في حدوث كوارث بيئية حال تنفيذه.
وكان اتحاد الغرف التركية للمهندسين، قد أصدر في مايو/أيار 2018 تقريرا أكد فيه رفضه حفر القناة، وحذر من أن المشروع سيدمر موقعا أثريا قريبا من إسطنبول، يعود تاريخه إلى 8500 سنة.
وأضاف أنه سيتسبب في ضرر بيئي واسع النطاق، وسيدمر النظام البيئي في بحيرة كوتشوك شكجمة، وسوف يهدد الحيوانات البحرية والطيور المهاجرة.
ووصف الاتحاد المشروع بأنه "كارثة بيئية وحضرية"، وأنه يجب صرف النظر عنه، خاصة أن هناك نحو 369 ألف مواطن يعيشون في المنطقة التي قد تتأثر بالقناة، وفقا لمركز تحليل البيانات التركية.
ونبه الاتحاد إلى أن القناة ستدمر حوضين يزودان قرابة ثلث إسطنبول بالمياه العذبة، وستزيد ملوحة المياه الجوفية، ما سيؤثر على الأراضي الزراعية، وصولا إلى منطقة تراقيا المجاورة، فضلا عن أن مشروع القناة سيزيد أيضا مستويات الأكسجين في البحر الأسود، وسيؤثر بالسلب على الحياة البرية.
خبراء البيئة أكدوا أن بناء 3 مجموعات من الجزر الصناعية قبالة الساحل في بحر مرمرة، باستخدام الأتربة التي سيتم استخراجها من عمليات الحفر، ستسبب تلوثا بيئيا كبيرا.
أردوغان كان أعلن في 2011 رسميا، عندما كان رئيسا للوزراء حينها، عن مشروع القناة لربط البحر الأسود ببحر مرمرة.
ورغم هذه المعارضة الشديدة، فإنه يصر في كل مناسبة على عزمه تنفيذه، وكان آخر ذلك تصريحات أدلى بوقت سابق، حينما قال في تحدٍ للمجتمع بأكمله: "مشروع إسطنبول سينفذ شئتم أم أبيتم".
وتتراوح تكلفة المشروع بين 15 و20 مليار دولار أمريكي، وذلك وفقا لما ذكرته بيانات وزارة النقل والبنية التحتية التركية. ومن المخطط أن ينتهي من أعمال حفر المشروع بحلول عام 2023.
وقناة إسطنبول عبارة عن مشروع لممر مائي اصطناعي يربط بحر "مرمرة" بالبحر "الأسود" في الشق الأوروبي من إسطنبول، على امتداد 45 كيلومترا وبعرض 400 متر، بموازاة مضيق البوسفور.
وكان الرئيس أردوغان وجه الشهر الماضي انتقادات لرئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، أبرز معارضي المشروع، وتحداه بإتمام مشروع القناة، قائلا: "هذه المشروعات مهمة للغاية وكبيرة، لدرجة أنها لن تترك للإدارة المحلية في المدينة".
من جهته شدد إمام أوغلو على ضرورة منع تنفيذ المشروع، قائلا: "أنا أدعو المسؤولين في أنقرة. أرجعوا عن هذا الخطأ، ولا تحاولوا إهانة الشعب بخطأ لا يمكن الرجوع عنه. لن ندع لكم الفرصة لهذه الإساءة الكبيرة في حق هذه المدينة".