بالصور.. أردوغان والأزمة السورية.. تاريخ من التناقضات
3 تصريحات على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أقل من 6 أشهر فيما يخص الأزمة السورية، تصريحات تظهر مدى التناقض الأردوغاني.
«نحن هناك لإنهاء حكم الأسد الوحشي الذي ينشر إرهاب الدولة»، «هدف عملية درع الفرات ليس بلداً أو شخصاً»، «خطوة إيجابية وملموسة ضد جرائم نظام الأسد، نرحب بالضربة الأمريكية ونطالب بالمزيد».
3 تصريحات على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أقل من 6 أشهر فيما يخص الأزمة السورية، تصريحات تظهر مدى التناقض الأردوغاني، والاستعداد التام للانتقال من النقيض إلى النقيض، وتغيير تحالفاته وحلفائه.
بداية التعامل التركي مع الملف السوري
ثورة شعبية تطالب نظام الأسد بالتنحي، بدأ أردوغان في دعوة حليفه السابق بشار الأسد إلى التنحي، ومع اشتعال الأزمة، ظل أردوغان على موقفه، وهو ضرورة إزاحة نظام الأسد عن السلطة، نتيجة المجازر التي يرتكبها في حق الشعب السوري.
مع اتساع رقعة الصراع السوري، وما يحدث في المنطقة من أحداث متسارعة، تخوف أردوغان من التمدد الكردي وانعكاسه على تركيا، وباتت أنقرة تفكر في توازن سياستها في سوريا بين موسكو وواشنطن.
أردوغان مع واشنطن لمواجهة الكرملين
بنى أردوغان سياسة بلاده تجاه الأزمة السورية على أساس إسقاط الأسد، الأمر الذي كانت تتفق معه واشنطن بخلاف التحالف الدولي من أجل محاربة داعش، وظل التنسيق التركي وتقديم القرابين لواشنطن.
ثم كانت أزمة السوخوي الشهيرة، حيث بدأت تركيا في تهديد روسيا، وحذرت من أي اختراق يتم لمجالها الجوي، وفي نوفمبر/تشرين ثان عام 2015 قامت تركيا بإسقاط قاذفة روسية من نوع سوخوي 24 فوق منطقة حدودية سورية محاذية للأراضي التركية في سابقة تعتبر الأخطر بين عضو حلف شمال الأطلسي وروسيا.
وشرع أردوغان في التصعيد مع بوتين، مؤكداً أن أي اعتداء على تركيا بمثابة اعتداء على الحلف الأطلسي وواشنطن، وسط تصعيد مستمر بين الجانبين.
وفي ظل دفاع واشنطن عن موقف أردوغان، اتهم الولايات المتحدة بإعطاء خطة تفصيلية عن مسار الطائرة الروسية إلى تركيا في وقت مبكر، وقالت وشنطن، إن الجيش الأمريكي لم يحصل على خريطة تظهر مسار الطائرة الروسية.
ثم زادت حدة الخلاف، حيث حذر أردوغان روسيا خلال خطاب تلفزيوني مما وصفه "باللعب بالنار"، أما الجانب الروسي، فطالب أردوغان بالاعتذار، في فترة توتر حاد بين أنقرة وموسكو، وتنسيق تام مع واشنطن، في الملف السوري.
لم يصمد أردوغان على موقفه طويلاً، حيث وجدت أنقرة أن موقف واشنطن من النزاع التركي- الروسي، والتصعيد الذي يمارسه بوتين، لا يتناسب مع كونها دولة عضو في الحلف الأطلسي.
ثم وقعت محاولة الانقلاب الفاشلة على الرئيس التركي، تلك التي بدلت سياسة أردوغان في جميع الملفات، ليتناقض أداؤه في الملف السوري بالتبعية، حيث اتهم أردوغان واشنطن بالوقوف وراء الانقلاب، بسبب عدم تسليم فتح الله كولن، والذي يصفه أردوغان بالعقل المدبر.
أردوغان وبوتين.. التطابق بعد الاشتباك
اعتذار رسمي من أردوغان إلى بوتين في حادث إسقاط المقاتلة الروسية، وبدأ التطابق التركي- الروسي، ما أثر على النظرة التركية في الملف السوري، وباتت تصريحات أردوغان ونظامه تخلو من دعوات تطالب بسقوط النظام السوري وتقتصر على محاربة، حتى وصل إلى التناقض خلال ساعات.
ففي نهاية العام الماضي، قال أردوغان في كلمة ألقاها أثناء المؤتمر السنوي الأول لرابطة "برلمانيون لأجل القدس" في إسطنبول، إن القوات التركية دخلت الأراضي السورية ضمن عملية "درع الفرات" لتحقيق العدالة، وإنهاء حكم الأسد الوحشي الذي ينشر إرهاب الدولة.
أثارت تلك التصريحات غضب بوتين، ما دفعه إلى تحميل وزير خارجيته رسالة واضحة يطلب فيها من أردوغان أن "يكذّب نفسه بنفسه"، كما أعلن دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن دهشة حكومة بلاده من هذا التصريح.
وما هي إلا ساعات، تراجع بعدها أردوغان، في كلمة ألقاها أمام زعماء محليين فيما يخص عملية "درع الفرات"، قائلاً إن "العملية لا تستهدف أي دولة أو شخص".
ولم يستمر الود التركي- الروسي كثيراً، وبدأ التوتر يظهر مرة أخرى بين الطرفين بسبب الملف السوري، الذي شهد تطابقاً تاماً مع موسكو لفترة قليلة.
مكالمة ترامب.. أردوغان يعود لأحضان أمريكا
فبراير/شباط الماضي، وبعد وصول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، جرت مكالمة هاتفية بين ترامب وأردوغان، استغرقت 45 دقيقة، تناولت عدة قضايا مشتركة بين الجانبين.
مكالمة كانت كافية لعودة قريبة لتركيا مرة أخرى إلى الحضن الأمريكي مجدداً، بحسب ما وصف المحللون.
ذلك التباين أثار قلق من الموقف التركي، وجاءت الزيارة الأخيرة لأردوغان في الكرملين، لتؤكد أن شهر العسل بين أنقرة وموسكو، يقترب من نهايته.
الضربة الأمريكية
ضربة أمريكية مفاجئة، أعادت واشنطن بقوة إلى الملف السوري، فبعد الجريمة التي شهدتها مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب السورية، قامت السفن الحربية الأمريكية في البحر المتوسط، بإطلاق 59 صاروخاً مستهدفة قاعدة الشعيرات العسكرية تابعة للنظام السوري جنوب شرق مدينة حمص وسط البلاد.
وأثارت الضربة غضب روسيا، حيث اعتبر بوتين، الهجوم على أهداف في سوريا عدواناً ضاراً للعلاقات الروسية-الأمريكية والمعركة المشتركة ضد الإرهاب.
ولكن الموقف التركي كان غريباً، حيث قال أردوغان حليف بوتين، "إن الضربة الأمريكية خطوة ايجابية وملموسة ضد جرائم نظام الأسد، نرحب بها ونطالب بالمزيد"، وهو موقف كان بمثابة إعلان الطلاق بين موسكو وأنقرة، وبداية العودة مجدداً بالملف السوري إلى البيت الأبيض، في استمرار لتناقضات أردوغانية لم تزل متواصلة.