الانقلاب الفاشل يطارد أردوغان.. أسرار جديدة حول "التمثيلية المدبرة"

الانقلاب الفاشل عصا "موسى السحرية" التي استخدمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتصفيه كل من يخالف طموحات ومخططات السلطان التركي.

انقلاب الخامس عشر من يوليو/ تموز الماضي كان بمثابة عصا "موسى السحرية" للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتصفية كل من يخالف طموحات ومخططات السلطان التركي، اعتقالات بالآلاف وفصْل المئات ومصادرة صحف وتكميم أفواه، والسبب المعلن دعم منظمة الداعية فتح الله كولن، الذي اتهمه أردوغان بتخطيط للانقلاب بعد ساعات من تحركات الجيش وبدون أي تحقيق. 

جريدة زمان التركية، سلطت الضوء اليوم، على تصريح صادر من الجيش والمخابرات التركية بأن اجتماع رئيس الأركان خلوصي آكار مع رئيس المخابرات هاكان فيدان عُقد قبل يوم واحد من الانقلاب، أي في الرابع عشر من يوليو/ تموز الماضي بسبب ضيق الوقت، في محاولة منهما لإزالة الشبهات الواردة حول مضمون هذا الاجتماع الثنائي قبيل الانقلاب الفاشل.

من جانب آخر، أشار حزب الشعب الجمهوري المعارض إلى هذا الاجتماع الغامض في تقريره عن الانقلاب الفاشل باعتباره أقوى دليل على أن أحداث الخامس عشر من يوليو/ تموز كانت انقلابًا مدبرًا، من أجل تصفية الخصوم، وكان آخرها اليوم وهي محاكمة 17 شخصا، بينهم صحفيون بارزون، والمحاكمة هي الأولى التي تضم صحفيين تم توقيفهم بموجب قانون الطوارئ الذي تم فرضه بعد وقت قصير على الانقلاب الفاشل، وستحال قضايا أخرى متعلقة بالانقلاب إلى المحاكم في الأشهر القليلة المقبلة.

وبالعودة إلى ذلك التوقيت كانت رئاسة الأركان والمخابرات اتخذت قرارًا بعقد هذا الاجتماع في الخامس عشر من يوليو/ تموز الماضي، أي يوم الانقلاب الفاشل، لكن الطرفين قدما موعده إلى الرابع عشر من يوليو/ تموز أولاً، ثم قررا إرجاءه إلى الثامن عشر من الشهر نفسه، ليستقر رأيهما أخيرًا على عقده في الرابع عشر من يوليو/ تموز، أي قبل يوم واحد من الانقلاب الفاشل، وكان حزب الشعب الجمهوري المعارض قد ذكر في تقريره أن أكار وهاكان عقدا لقاءً في حديقة مقر قيادة القوات الخاصة. 

لا تحاول خداعنا

يعيش المجتمع التركي منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، حالة انقسام غير مسبوق بسبب حملات الاعتقالات والفصل من العمل بخلاف قيام أردوغان بتولي جميع السلطات ومفاتيح الحكم في تركيا.

يأتي هذا في الوقت الذي تتوالى فيه التقارير الاستخباراتية التي تكشف حقيقة ما حدث في محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، وخروج أردوغان على العالم في اليوم التالي، بقائمة من الاتهامات المجهزة بعناية، معلنا أن فتح الله كولن، هو العقل المدبر للانقلاب وموجها أصابع الاتهام إلى حركة الخدمة بأنها من دبرت الحركة الانقلابية، ليستخدمها كتهمة سابقة التجهيز، لضرب كل أعدائه بحجر واحد.

بعد أسبوع واحد من محاولة الانقلاب بدأت المخابرات الأوروبية وبالأخص البريطانية، كشف حقيقة ما حدث، حيث أشارت إلى أنها حصلت على مكالمات هاتفية وبريدية مشفرة لمسؤولي الحكومة التركية أثناء حدوث الانقلاب الفاشل، تكشف أنهم خططوا لإلصاق الجريمة بحركة الخدمة حتى يختلقوا ذريعة لإطلاق حملة تصفية موسعة في أجهزة الدولة.

وفي فبراير/شباط الماضي أعد مركز الاستخبارات في الاتحاد الأوروبي تقريرا يؤكد بشكل صريح أن أردوغان هو من دبر هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة، لكي يتمكن من الحصول على ذريعة لتصفية معارضيه، ووصف التقرير ادعاء أردوغان، إن فتح الله كولن، كان وراء المحاولة الانقلابية “بالاحتمال البعيد”.

كما أعلنت مصادر بارزة في حلف شمال الأطلسي لموقع aldirmer.no النرويجي الشهير أن قادة الحلف يعلمون أن أردوغان هو من دبر انقلابا على نفسه، ونقل الموقع عن مسؤول في الناتو قوله "إن ضباطا مخضرمين في الحلف ويتعاملون مع تركيا منذ 30-40 عاما، ويشرفون على تدريب الضباط الأتراك منذ 4 و 5 سنوات، لا يرون أن ما حدث في تركيا كان انقلابا.

المعارضة التركية التي عانت من مقصلة أردوغان عقب العملية الانقلابية الفاشلة، شكلت لجانا لتقصي الحقائق، واتهمت أردوغان علنا بتدبير الانقلاب والانقلاب المضاد لخلق ذريعة من أجل أن يتمكن من تصفية خصومه، وتمرير تعديلاته الدستورية والتي من خلالها احكم أردوغان قبضته الحديدة على البلاد.

تحركات رجال أردوغان 

برونو كال، رئيس الاستخبارات الخارجية في ألمانيا، قال إن هاكان فيدان حاول إقناعه بوقوف كولن وراء الانقلاب لكنه لم ينجح في ذلك، مشيراً إلى أن المخابرات الألمانية كانت على علم بموجة التصفية الكبيرة التي خططوا لها قبل الانقلاب.

كما نشرت صحيفة "حريت" التركية في أكتوبر الماضي حوارا مع ديفيد كينز؛ صاحب برنامج وتطبيق بايلوك، حيث أكد أن التطبيق توقف تداوله قبل ستة أشهر من وقوع الانقلاب الفاشل، وأن التطبيق استخدمه حوالي 600 ألف شخص، وهو مفتوح للجميع، وليس مقتصرا على المنتمين إلى حركة الخدمة، مكذبا بذلك مزاعم أردوغان بأن “بايلوك” كان الوسيلة السرية للتواصل بين الانقلابيين وأنه لا يمكن تحميله إلا من خلال بلوتوث.