أدين في أمريكا بدعم إيران.. استقالة غامضة لمدير بورصة إسطنبول
تطور جديد تشهده قضية بنك "خلق" التركي، والمدان بالمشاركة في صفقة بمليارات الدولارات للتهرب من العقوبات المفروضة على إيران.
التغير الجديد في القضية بطله، محمد هكان أتيلا، المدير التنفيذي لبورصة إسطنبول، المتورط بانتهاك العقوبات المفروضة على إيران، حيث أعلن استقالته من منصبه اليوم الإثنين.
وتتهم الولايات المتحدة الأمريكية، بنك خلق المملوك للحكومة التركية، في قضية غسل أموال لها علاقة بإيران خلال سنوات العقوبات الأمريكية، قيمتها تزيد على 20 مليار دولار.
وتعود القضية إلى منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2019، عندما اتهم مدعون أمريكيون في نيويورك، "بنك خلق" بالمشاركة في صفقة بمليارات الدولارات، ويتعلق الادعاء في مقاطعة نيويورك الجنوبية بخطة استمرت بين عامي 2012 و2016، وفقاً لقرار الاتهام.
وكان محمد هكان أتيلا الذي تولى منصب نائب المدير العام لمصرف "خلق بنك"، أدين في 2018 بالتخطيط لمساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات الأمريكية.
وأطلق سراح أتيلا من السجن في الولايات المتحدة بعدما أمضى عامين خلف القضبان. وعين في أعقاب ذلك مديرا للبورصة في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
واستقال أتيلا "بملء إرادته" وفق ما جاء في بيان لبورصة إسطنبول، حسبما نقلت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء.
ومن المتوقع أن تنظر محكمة فيدرالية أمريكية في وقت لاحق هذا العام في 6 اتهامات موجهة لـ"خلق بنك" تتعلق بالفساد وغسيل الأموال وخرق عقوبات في 2019.
ورفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتهامات مشددا على أن القضية المرفوعة ضد أتيلا ذات "دوافع سياسية".
وتأتي استقالته في وقت تسعى تركيا لبناء علاقات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لم يتصل بأردوغان.
والعلاقات بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي متوترة على خلفية قضية خلق بنك والنزاع في سوريا وقضايا دولية أخرى.
تاريخ أسود
تأسس خلق بنك عام 1938، لأغراض إمداد التجار والحرفيين بشروط مواتية لتعزيز التنمية الاقتصادية، باعتباره اتحادا ائتمانيا من قبل التعاونيات الصغيرة.
وبين عامي 1938-1950، استغل البنك ودائع الفقراء من المزارعين والحرفيين، وأعاد إقراضها بنسب فوائد مرتفعة، أدت إلى توسعه وخلال فترة لم تتجاوز 10 سنوات، توسع البنك في مختلف أنحاء البلاد، على أكتاف أموال الفقراء.
ومع توسع البنك في أعماله، وإيهام الطبقة الفقيرة والكادحة في المجتمع التركي، بأنه يمثل بنك الفقراء، تمكن من جمع حجم كبير من ودائع العملاء في السوق المحلية، واستمر في التوسع داخل المناطق النائية.
إضعاف القطاع المصرفي
وطوال تسعينيات القرن الماضي، نمت أصول البنك بعد أن تمكن من السيطرة على غالبية أصحاب الودائع، وتسبب في إضعاف القطاع المصرفي التركي، لتكون النتيجة استحواذه على عدد من البنوك التركية آنذاك.
وفي عام 1992، استحوذ البنك على "بنك العطاء - Tö bank"، بينما أعلن في 1993 عن تحويل الأصول والخصوم في "بنك سومر - Sümer bank" إليه، وفي عام 1998، تم تحويل أصول ومطلوبات "بنك اللحوم - Etibank" إلى شبكة موجوداته.
وخلال العام 2001، تم تحويل 96 فرعا من "البنك العقاري - Emlakbank"، وهو بنك حكومي آخر كان في مرحلة التصفية إلى بنك خلق؛ بينما في 2004 قام البنك بالاستحواذ على "بنك النسيج - Pamuk Bank"، تبعها قيام بنك خلق بتنفيذ إعادة هيكلة لنفسه.
وبينما كانت الحكومة التركية تتجه إلى بيع البنك للقطاع الخاص، إلا أن قرار مفاجئا بإلغاء عملية البيع، وتم استبداله بخصخصة 25% من الأسهم من خلال الاكتتاب العام في 2007، في محاولة من البنك للحصول على سيولة مالية.
غسل الأموال
وفي 2012، قام البنك بخصخصة 23.9% من أسهم البنك مع إبقاء سيطرة الحكومة عليه، في وقت كان المصرف يمارس فسادا، عبر عمليات غسيل أموال تم الكشف عنها في عام 2013.
وإلى جانب بنك خلق، تملك الحكومة 9 بنوك حكومية أخرى من أصل 50 عاملة في السوق التركية، إذ تمارس البنوك العشرة مختلف العمليات النقدية للحكومة التركية، ومن خلالها تتحكم في المعروض النقدي المحلي والأجنبي داخل تركيا.
قضية الفساد
ونعود إلى القصة الأصلية وهي قضية الفساد التي يواجهها بنك خلق وتعود للعام 2013، فإن التحريات الجنائية كشفت عن تورط شخصيات بارزة في الحكومة التركية، في عمليات مالية مشبوهه عبر البنك.
ومن بين المتورطين سليمان أصلان، مدير بنك خلق، ورجل الأعمال الإيراني رضا ضراب، وعدد من أعضاء مجلس الوزراء بتهم الرشوة، الفساد، التزوير، الغش غسيل الأموال وتهريب الذهب.
وكان في قلب الفضيحة مخطط "الغاز مقابل الذهب" المزعوم مع إيران، وتورط فيه أصلان، الذي كان يحتفظ بمبلغ 4.5 مليون دولار نقداً في خزنة داخل صندوق للأحذية بمنزله، وضراب، الذي تورط في صفقة ذهب قيمتها 9.6 مليار دولار في 2012.
وبدأ تطبيق المخطط بعد أن وجد مسؤولون في الحكومة التركية ثغرة في العقوبات الأمريكية ضد إيران سمحت لهم بالحصول على النفط والغاز الإيراني.
صفقة مشبوهة
ووفقا للصفقة المشبوهة فإن الأتراك قامو بتصدير ذهب إلى إيران بقيمة 13 مليار دولار بشكل مباشر، ما بين مارس/ آذار 2012 ويوليو/ تموز 2013؛ في المقابل، حصل الأتراك على الغاز الطبيعي والنفط الإيراني، وتمت المعاملات المالية للصفقة عن طريق بنك خلق.
وفي يناير/ كانون ثاني 2013 قررت إدارة أوباما سد الثغرة لكن بدلاً من تحميل البنك المسؤولية، سمحت الحكومة الأمريكية باستمرار أنشطة تجارة الذهب حتى يوليو/ تموز 2013، لأن تركيا كانت حليفاً هاماً للولايات المتحدة،وفق ما ذكر جون بولتون في كتابه.
وعند اندلاع الفضيحة، كان رئيس الوزراء في ذلك الوقت رجب طيب أردوغان، الذي كان يبحث عن مصادر مستدامة للطاقة وبأسعار رخيصة لإمداد بلاده، التي تفتقر لأية مصادر تجارية من النفط والغاز الطبيعي.
ومنذ بداية التحقيق، بدأت حكومة حزب العدالة والتنمية بعملية إقالة لعشرات من قادة الشرطة، أشهرهم حسين شابكين، رئيس شرطة إسطنبول.
ووصف أردوغان التحقيقات بأنها مؤامرة دولية، تقودها جهات معلومة وغير معلومة ضد أكبر بنك حكومي في تركيا، لكن الحقائق تؤكد أنه هو من قاد البنك لساحة المحاكم الأمريكية.
aXA6IDE4LjExNy4xODguMTA1IA== جزيرة ام اند امز