أمام الجيش العربي السوري خياران أساسيان في استعادة إدلب، إما أن يتم استعادتها من خلال عملية عسكرية واسعة وإما من خلال التسوية والمصالحة
تكررت الخروقات الإرهابية في منطقة خفض التصعيد بدعم النظام التركي، بهدف إفشال قرارات ومحادثات أستانة وسوتشي، انطلاقاً من أن المجموعات الإرهابية المدعومة تركياً رفضت الالتزام بوقف إطلاق النار في مناطق محافظة إدلب، وحيال هذه المواقف الرعناء استأنفت وحدات من الجيش العربي السوري ردها الميداني في منطقة الاتفاق، وفي الوقت الذي أحرزت فيه القوات السورية تقدمها في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي أصيبت القوات الأردوغانية بحالات من القلق والاضطراب، باعتبار أن جبهة النصرة هي التي تتلقى الدعم والإسناد من أنقرة بغية تحقيق أوهام أردوغان وأحلامه الواهية.
يتمسك النظام التركي وبهلوسة بإجراء نقل المسلحين وعائلاتهم المنتشرين في أماكن متفرقة من إدلب الى الشريط الحدودي لتمييعه ديمغرافيا وتحويله الى أقلية أو على الأقل إلى وجود ديمغرافي في الشمال السوري
بقيت إدلب المنطقة الوحيدة التي فيها مسلحون غير شرعيين وبأعداد هائلة، ويتحرك الجيش السوري للحسم المؤكد، وتبدو المخاطر كبيرة في حال تصاعدت عملية الاشتباكات بين مختلف الأطراف الداخلة في معركة الحسم، بما في ذلك القوات التركية المنتشرة في أنحاء المنطقة وإصرار هيئة تحرير الشام على البقاء في إدلب والشمال السوري أدى إلى زحف أعداد هائلة من الجماعات الإرهابية إليها واعتبارها ملاذاً آمناً لهم، إضافة إلى ذلك تسببت الهيئة خلال الشهور السابقة في دخول عناصر تنظيم داعش من جديد إلى المحافظة، الأمر الذي أدى إلى دخول الهيئة وداعش وجميع التنظيمات الإرهابية في صراعات ومعارك دموية فيما بينها للفوز بنصيب وافر من إدلب والشمال السوري، حتى تأزمت الأوضاع وبلغت حداً لا يطاق.
وإدلب هي المنطقة التي يتجمعون فيها، وهي التي تتركز فيها الاشتباكات، وألا يسمح هذه المرة للمسلحين المحاصرين في إدلب بالرحيل عنها، فليس هناك مكان يذهبون إليه، وبذلك شكلت نقطة تجمع لكل تلك القوات، وما فعله الروس كان جديراً بالانتباه على المستوى العسكري؛ لأنهم حشدوا الجميع في منطقة واحدة، حيث تقدم موسكو الدعم للحكومة السورية وأنقرة تقدم دعمها لجبهة النصرة.
وأمام الجيش العربي السوري خياران أساسيان في استعادة إدلب، إما أن يتم استعادتها من خلال عملية عسكرية واسعة وإما من خلال التسوية والمصالحة عبر تنفيذ اتفاق سوتشي، لكن يبدو أن النظام التركي لم يتخذ القرار بأن يسهم إيجاباً في مسألة إدلب وحل ذلك وفق الاتفاقيات المبرمة، وبعدما رجّح بوتين أن مواد الاتفاقية ستخفف من القلق التركي إزاء الحدود الجنوبية، لكن من حيث المبدأ فإن المعاملة تقتضي بالمثل، وما تنص عليه الاتفاقية ضرورة التزام تركيا بوقف تسليح ورعاية المجموعات المعادية لسوريا، وهو ما يضع أردوغان في موقف مضطرب مع نزيف الخسائر الذي تعرضت له سوريا خلال السنوات الأخيرة بسبب الإرهاب، وتفضل هيئة تحرير الشام البقاء تحت مظلة القوات التركية المنتشرة في إدلب من أجل إضفاء الشرعية على نفسها، ووفقاً لمصادر في المعارضة السورية تدرس هيئة تحرير الشام تحويل نفسها إلى هيكل عسكري منفصل أو فصيل مسلح من حكومة الإنقاذ السورية المدنية.
ويتمسك النظام التركي وبهلوسة بإجراء نقل المسلحين وعائلاتهم المنتشرين في أماكن متفرقة من إدلب الى الشريط الحدودي لتمييعه ديمغرافيا وتحويله الى أقلية أو على الأقل إلى وجود ديمغرافي في الشمال السوري، وسيكون وجودهم خادماً للأمن التركي، ولكن هذا الطرح لم يكن جذابا للسوريين؛ لأنه يحمل الأثقال والأعباء على الدولة السورية، فهذه الجيوب ستبقى خطراً على السوريين طالما أنها فرضت عليها سياسة التتريك ثقافياً وعقائدياً، وستبقى مستوطنات نائمة لمعركة محتملة الوقوع في المستقبل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة