لم يجد أردوغان أفضل من الجماعات الإرهابية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين لتنفيذ أجندات تخدم أهدافه وأطماعه التوسعية في المنطقة.
عندما وصل أردوغان إلى سدة الحكم في تركيا، حاول بشتى الوسائل الانضمام للاتحاد الأوروبي وقدّم تركيا كدولة علمانية ذات طابع غربي، ولكن الاتحاد الأوروبي الذي يدرك حقيقة "ثرثرة" أردوغان السياسية وشعاراته الفارغة رفض نهائيا انضمام تركيا له. لم يكن أمامه إلا التوجه نحو الشرق الأوسط حيث تلاقت الأحلام الإخوانية مع الطموحات الأردوغانية لإقامة خلافة عثمانية جديدة عاصمتها أنقرة تهيمن على الدول العربية.
لم يجد أردوغان أفضل من الجماعات الإرهابية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين لتنفيذ أجندات تخدم أهدافه وأطماعه التوسعية في المنطقة. ولذلك قام بدعم جماعة الإخوان ليتسيدوا المشهد تمهيدا لهيمنة تركية على المنطقة لتحقيق حلم الخلافة الموعود.
بعد الانتفاضات والاحتجاجات التي اجتاحت بعض دول العالم العربي، مطلع 2011، كانت مصر الدولة العربية الكبيرة قد سقطت تحت حكم الإخوان المسلمين، وبدا أن أردوغان يسير في الاتجاه الصحيح لتحقيق حلمه العثماني. ولكن الجيش المصري أسقط حكم الإخوان استجابة لمطالبات شعبية غير مسبوقة، وحينها جنّ جنون أردوغان ودعا دول العالم لقطع المساعدات عن مصر وجيشها، ولكن السعودية والإمارات تصديتا بكل قوة لتلك المواقف، وتعهدتا بتقديم جميع أنواع الدعم الذي تحتاجه الدولة المصرية وشعبها وجيشها في موقف تاريخي معروف.
بعد أحداث الربيع العربي، التي كشفت عن مؤامرة ضد الدول العربية كانت تقودها جماعة الإخوان المسلمين بالتحالف مع تركيا وقطر، تحركت السعودية والإمارات فوراً لمواجهة هذا المخطط التآمري، وبتنسيق كامل قامتا، ومعهما مصر، بإعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
لم يجد أردوغان أفضل من الجماعات الإرهابية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين لتنفيذ أجندات تخدم أهدافه وأطماعه التوسعية في المنطقة.
وبعد ذلك أصبحت السعودية والإمارات بحكم الواقع تقودان الدول العربية، وتحميان مصالح الشعوب العربية، ووقفتا بقوة في وجه أطماع إيران وأردوغان التوسعية التي تستهدف سيادة الدول العربية ووحدة أراضيها. وحين عاد أردوغان وبدعم قطري لتحريك أدواته الإرهابية في سوريا والعراق والسودان وليبيا، لم تقفا الدولتين مكتوفتي الأيدي، واتخذتا موقفا سياسيا صارما ضد أحلام أردوغان العثمانية.
بعد فشل مشروع أردوغان في سوريا والعراق والسودان، اتجهت بوصلة أطماعه هذه المرة نحو شرق المتوسط وليبيا، مستغلاً وضع حكومة الوفاق التي تسيطر عليها الميليشيات الإرهابية، ولكن الوقائع على الأرض حتى الآن تبشّر بهزيمة حتمية أخرى ستكتب نهاية حلم الخلافة الأردوغاني.
أعتقد الآن أن أسباب عداء أردوغان وحكومته للسعودية والإمارات أصبحت معروفة ومفهومة للجميع. وقد نختصرها بأن السعودية والإمارات هما القوة الإقليمية التي فشل أردوغان في مجاراة نفوذهما، ومثلتا شوكة في حلق "الخليفة العثماني" وأحلامه وطموحاته التوسعية.
ما يجب أن يدركه أردوغان وغيره أن السعودية والإمارات لن تتركا الدول العربية وشعوبها ملعبا للخصوم، ومصدرا لاستهداف مصالح الدولتين، وحين تصبح الفوضى مهددة للدولتين وللشعوب العربية، فإنهما ستبذلان الجهود المطلوبة لمساعدة الدول العربية على استعادة الاستقرار واستئناف مسيرة التنمية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة