شيراك والسبسي.. العالم يودع قادة بارزين في 2019
وسائل الإعلام الفرنسية وصفت شيراك بأنه كان جزءا من تاريخها وشخصيتها وواحدا من أبرز وجوهها السياسية وأيقونة السياسة المستقلة والمتوازنة.
تُذكر السنوات بمن ولدوا فيها كذلك تٌعرف بمن رحلوا خلالها، ويسجل عام 2019 رحيل عدد من القادة والزعماء المؤثرين على المستويين الدولي والإقليمي، لما قدموه لبلادهم من منجزات.
وعلى رأس قائمة الراحلين في 2019، يأتي الرئيسان الفرنسي الأسبق جاك شيراك والتونسي الباجي قايد السبسي، كقامتين سياسيتين استطاع كل منهما أن يصنع مسيرة حافلة لنفسه في العمل العام، واشتركا في تصديهما للحظة حاسمة من عمر وطنيهما.
جاك شيراك
طوت فرنسا في 26 سبتمبر/أيلول الماضي صفحة مهمة في تاريخها بوفاة رئيسها الأسبق جاك شيراك عن عمر ناهز 86 عاماً.
ووصفت وسائل الإعلام الفرنسية شيراك بأنه كان "جزءا من تاريخها وشخصيتها، وواحدا من أبرز وجوهها السياسية، وأيقونة السياسة الفرنسية المستقلة والمتوازنة".
بينما اعتبرت صحيفة لوموند مسيرة شيراك السياسية "استثنائية"، مشيرة إلى نعي رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) ريتشارد فيران، الذي عده "جزءا من تاريخ فرنسا".
ولفتت الصحيفة إلى تسمية شيراك في رحلة صعوده بـ"البلدوزر" لبدئه مشواره السياسي في ستينيات القرن المنصرم وكسب معركته الأولى ليصبح مستشارا في بلدية سانت فيريول الواقعة في إقليم كوريز، ثم في 1967 حصل على مقعد في البرلمان، ليمتد تاريخه السياسي نحو 40 عاماً.
وسلطت صحيفة لوفيجارو الفرنسية الضوء على حنكة شيراك السياسية وقدرته على احتواء الجماهير، وهو السبب الرئيسي لشعبيته، مشيرة إلى أنه أدى دورا مهما في أحداث مايو 1968 بالتفاوض الذي أدى إلى توقيع اتفاقيات "جرينبيل" مع العمال لوضع حد لحركات الإضراب.
وبعد الانسحاب السياسي لشيراك، وهو المولود عام 1932، لأبوين من مدينة كوريز الفرنسية، واصل نضاله الإنساني من خلال (مؤسسة شيراك) الناشطة من أجل السلام.
أما مجلة لوبوان الفرنسية لفتت إلى الحالة الصحية لشيراك، موضحة أن حالته تدهورت منذ غادر قصر الإليزيه عام 2007، بعد سكتة دماغية تعرض لها عام 2005.
وخارجيا، كان لشيراك بصمات تاريخية، حيث لفتت (لوموند) إلى أن الرئيس الأسبق طوال مشواره كان متمتعاً بشعبية كبيرة لدى الفرنسيين والعالم العربي لمواقفه الشجاعة حيال قضايا الشرق الأوسط، أبرزها القضية الفلسطينية، ورفض مشاركة فرنسا في غزو العراق.
الباجي قايد السبسي
في 26 يوليو/تموز الماضي، أعلنت الحكومة التونسية الحداد الوطني لمدة 7 أيام وتنكيس الأعلام بالمؤسسات الرسمية، إثر وفاة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي.
قايد السبسي ولد في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1926 في ضاحية سيدي بوسعيد بالعاصمة التونسية؛ حيث اختار دراسة المحاماة. وهنا يقول عنه مقربون منه إنه كان مولعا بالقانون، مقبلا على دراسته، شغوفا بالتفاصيل ومستمعا جيدا، حتى إن أصدقاءه كانوا يلجؤون إليه في المدرسة والجامعة لحل مشاكلهم.
تخرج السبسي عام 1950 في كلية الحقوق بالعاصمة الفرنسية باريس، وبعد عامين عاد إلى تونس والتحق بمكتب شهير للمحاماة.
وغداة الاستقلال، وتحديدا في 28 أبريل/نيسان 1956، دعاه الحبيب بورقيبة الذي كان حينها وزيرا أولا إلى ديوانه وكلفه بمتابعة ملف الشؤون الاجتماعية، لتكون تلك بداية المناصب السياسية في مسيرته.
وفي عام 1963 عين رئيسا لإدارة الأمن التونسي خلفا لـ"إدريس قيقة"، الذي تمت إقالته حينها على خلفية محاولة انقلابية كشف عنها في ديسمبر/كانون الأول 1962.
وبعد 3 سنوات أي في 1965 تقلد السبسي مهام كاتب دولة (برتبة وزير) للداخلية بعد وفاة الطيب المهيري، ومنها إلى وزارة الدفاع التي عين على رأسها في 7 نوفمبر/تشرين ثاني 1969.
وبقي في منصبه الأخير، حتى تعيينه سفيرا لبلاده في باريس، في يونيو/حزيران 1970.
ولعه بالسياسة برز منذ شبابه، حيث انخرط في الحزب الدستوري الجديد، وهو في الـ15 من عمره، متأثرا بمحيطه العائلي الذي كان مقربا جدا من حكام تونس في العهد العثماني، أو "البايات" نسبة إلى اللقب الذي كان يطلق على الحاكم حينها.
وبدأت تجربته السياسية تتراكم، فجمد نشاطه في الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم في 1971 على خلفية تأييده لإصلاح النظام السياسي، ثم انسحب منه 1974 لينضم 4 سنوات بعد ذلك إلى حركة "الديمقراطيين الاشتراكيين" بقيادة أحمد المستيري.
انطلق السبسي مسكونا بثنائية الإصلاح والانفتاح الديمقراطي، مولعا بالتغيير، مفعما بحماس جعله يتقلد أكثر من مهمة، فتولى بالتزامن مع نشاطه السياسي إدارة مجلة "ديموكراسي" المعارضة.
روبرت موجابي
"أُعلن ببالغ الحزن وفاة الأب المؤسس والرئيس السابق لزيمبابوي روبرت موجابي.. لترقد روحه بسلام"، بهذه الكلمات أعلن رئيس زيمبابوي إمرسون منانجاجوا، في 6 سبتمبر/أيلول الماضي، وفاة أحد أكبر زعماء القارة السمراء عن عمر يناهز 95 عاما.
مصادر صحفية أكدت أن موجابي توفي في سنغافورة، حيث كان يتلقى العلاج هناك في السنوات الماضية، إلى أن أعلن منانجاجوا عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وفاة الزعيم المؤسس لزيمبابوي.
تولى روبرت موجابي حكم زيمبابوي على مدار 37 عاما امتدت خلال الفترة بين 1980 و2017، حيث تولى السلطة في "روديسيا" السابقة عند استقلالها عام 1980 والتي تحولت إلى زيمبابوي لكنه خلال عهده، تحول من بطل الاستقلال المقرب من الغرب إلى متسلط مارس قمعا دمويا ضد المعارضة السياسية وتسبب في انهيار اقتصاد بلاده، ويعد حكمه أحد أطول العهود في أفريقيا.
وفي عام 1980، تولى رئاسة الحكومة بعد نضال طويل ضد النظام الأبيض برئاسة يان سميث، ثم في 30 ديسمبر/كانون الأول 1987، أصبح رئيسا للبلاد، وانتهج سياسة المصالحة حفاظا على وحدة زيمبابوي، ما جلب له ثناء الجميع لا سيما الغرب.
لكن التأييد الغربي له تبدد وانقلب إلى تنديد نتيجة قمعه الدموي للمعارضة وما شهده حكمه من أعمال عنف وعمليات تزوير انتخابي وسياسة الإصلاح الزراعي المثيرة للجدل التي باشرها عام 2000.
يذكر أن الجيش في زيمبابوي أطاح بموجابي في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017 لينهي حكمه الذي استمر 3 عقود.
"أنا روبرت موجابي أسلم رسميا استقالتي كرئيس لجمهورية زيمبابوي مع مفعول فوري".. بهذه الجملة التي تلاها رئيس برلمان زيمبابوي، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 أمام نواب البرلمان، أُسدل الستار على حكم هذا الرجل إلى الأبد.
ياسوهيرو ناكاسوني
في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كان رئيس الوزراء الياباني الأسبق ياسوهيرو ناكاسوني، أحد أبرز الراحلين في العام 2019، عن عمر ناهز 101 عام.
واشتهر ناكاسوني، الذي تولى رئاسة الوزراء بين 1982 و1987، على الساحة الدولية بصداقته مع الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان.
وفي الداخل، حارب البيروقراطيين لإجراء إصلاحات شاملة، ومنها خصخصة السكك الحديدية والاتصالات وصناعة التبغ، فيما يقول منتقدون إنه لم يفلح في تنفيذ مجموعة مقترحات إصلاحية لمساعدة الاقتصاد الياباني في النمو.
وظل ناكاسوني يفاخر بوضع اليابان عالميا، إلا أنه فشل في تحقيق حلمه ومراجعة قانون بلاده السلمي الذي صاغته الولايات المتحدة، وذلك بهدف إزالة الغموض واللبس عن وضع الجيش وتعزيز دوره الدولي.
ثم في عام 1983، أصبح أول رئيس وزراء ياباني يقوم بزيارة رسمية لكوريا الجنوبية مصلحا العلاقات مع بلد استعمرته اليابان من 1910 إلى 1945.
وكان ناكاسوني من زعماء الحزب الديمقراطي الحر، وولد في منطقة تاكاساكي الجبلية بشمال غربي طوكيو في 27 مايو/أيار 1918 لأب ثري يعمل في تجارة الأخشاب.
البطريرك الماروني نصرالله صفير
عن عمر ناهز 99 عاما، رحل البطريرك الماروني السابق نصرالله بطرس صفير، بعدما شكّل خلال توليه منصبه علامة فارقة في تاريخ لبنان ورأس حربة في مواجهة احتفاظ مليشيا حزب الله بسلاحها وكذلك الهيمنة السورية على لبنان في التسعينيات.
صفير الذي يعد شخصية دينية أدت دوراً محورياً في تاريخ لبنان الحديث، نعاه الرئيس اللبناني ميشال عون قائلا: "ستفتقد الساحة الوطنية رجلاً صلباً في دفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه".
أما رئيس الحكومة سعد الحريري فنعاه: "يترك صفحة مشرقة في تاريخ لبنان".
وانتخب صفير في أبريل/نيسان 1986 البطريرك الـ76 للموارنة، وهي الطائفة المسيحية الأكبر في لبنان، ثم قدّم استقالته في عام 2011 ليخلفه الكاردينال الحالي بشارة بطرس الراعي.
عايش خلال سنوات حياته التي قاربت المائة حقب مفصلية عدة في تاريخ لبنان، وهو الذي أصبح كاهناً عام 1950 بينما كان في الثلاثين من عمره، بعد سنوات من استقلال لبنان.
وكان صفير رأس الطائفة المارونية، الطائفة الأبرز مسيحياً في لبنان، والتي ينتمي إليها رئيس البلاد، ومنح صفير الغطاء المسيحي لإبرام اتفاق الطائف في السعودية عام 1989، الذي وضع حداً للحرب الأهلية (1975-1990) في لبنان.
وبعد خروج الجيش السوري في عام 2005، إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، لم يتردد صفير في انتقاد حزب الله بشدة لرفضه التخلي عن سلاحه، معتبرا أنه يشكل "حال شاذة" في البلاد، مؤكداً أن السلاح يجب أن يكون حصراً بيد الدولة.
ولد صفير في ريفون في منطقة كسروان وسط لبنان في 15 مايو/أيار 1920، ودرس اللاهوت في المدرسة الإكليريكية البطريركية المارونية، ثم تابع دروسه اللاهوتية والفلسفية في جامعة القديس يوسف في بيروت.
سيم كاهناً في مايو/أيار 1950، ومنحه البابا يوحنا بولس الثاني رتبة الكاردينالية في 1994 تقديراً لخدمته الرعوية ودوره الوطني.
نجاسو قدادا
الأمير متعب بن عبدالعزيز آل سعود
ويحمل الأمير متعب شهادة البكالوريوس تخصص العلوم السياسية من الولايات المتحدة الأمريكية عام 1955، كما يشغل حالياً نجله الأكبر الأمير منصور منصب وزير دولة وعضو بمجلس الوزراء مستشار للملك سلمان.
وبوفاته يبقى 6 من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، ممن لا يزالون على قيد الحياة.
aXA6IDE4LjExOC4xOTMuMjgg جزيرة ام اند امز