الفيدرالية.. نظام الحكم المجرب في إثيوبيا يجابه جدل الإثنية والمواطنة
خبراء لـ"العين الإخبارية": المشكلة الحقيقية للفيدرالية الإثيوبية تكّمن في تطبيقها على أسس إثنيةٍ دون اعتماد المواطنة كمرجع
ظلت التجربة الفيدرالية الإثيوبية تمثل واحدة من أبرز التجارب في القارة الأفريقية، كونها "فيدرالية إثنية"، التي تم بموجبها تقسيم إثيوبيا إلى 9 أقاليم وإدارتين،وفقًا للتوزيع الجغرافي للقوميات الموجودة بها.
وأثار نظام "الفيدرالية الإثنية" القائم في إثيوبيا جدلاً بين الائتلاف الحاكم "الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية" التي ما زالت تعتبر النظام القائم ضرورة حتمية لاستقرار المجتمع، بل إنّه "صمام أمان لوحدة الشعوب الإثيوبية".
- الأسلحة التركية في إثيوبيا.. تأجيج لعنف قبلي وعرقلة لإصلاحات آبي أحمد
- كتاب وفنانون بمكتب "العين الإخبارية" في إثيوبيا: إضافة حقيقية للإعلام
ويرى بعض الباحثين والخبراء وزعماء الأحزاب السياسية أن المشكلة الحقيقية في الفيدرالية الإثيوبية تكّمن في تطبيقها على أسس إثنيةٍ دون اعتماد المواطنة كمرجع، مشيرين إلى أن كيفية تطبيقها تمثل هي الأخرى معضلة أفرغت النموذج من محتواه السياسي والإداري، ما أدخل البلاد، في نزاعات قبلية بين القوميات والشعوب التي ظلت تتعايش مع بعضها البعض لعقود.
ويرى الكاتب والصحفي المتخصص في شؤون القرن الأفريقي ،هاشم على حامد، أن اختيار إثيوبيا لنظام الحكم الفيدرالي كان موفقاً، نسبة لوجود أكثر من 80 قومية فيها، وأضاف أنها عندما اختارت هذه الطريقة في الحكم اللامركزي عملت على تنمية الأقاليم كلها عبر تخصيص ميزانية لها، كما شددت على زيادة التنافس بينها.
وأوضح حامد، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن التجربة الفيدرالية نجحت إلى حد كبير في إثيوبيا، إلا أنها كانت مصحوبة ببعض التقصير فيما يتعلق بترسيم الحدود بين الأقاليم والقوميات، حيث أدى تأجيلها إلى بعض المشاكل في إطار التنافس الطبيعي بين القوميات التي تحاول كل واحدة منها المحافظة على مكاسبها.
ودعا إلى إعادة النظر في النظام الفيدرالي بطريقة علمية من أجل معالجة المشاكل والإفرازات التي ظهرت خلال الفترة السابقة، خاصة مسألة الحدود وقضية صقل القوميات فيما بينها لتكوين الجسم الوطني المتماسك.
وأشار إلى أن عملية التنافس الإيجابي بين القوميات في إطار الحكم الذاتي الذي يمكن أن يؤدي إلى تماذج بين الشعوب تعتبر من الميزات التي يمكن أن تقود إلى التوافق والتعاون وخلق دولة إثيوبية قوية ومتماسكة.
فيما يرى رئيس حزب الأزرق الإثيوبي المعارض، يشواس أسفا، أن المشكلة الحقيقية ليست في النظام الفيدرالي كطريقة حكم متبعة في البلاد، فهو نظام قديم اتبعته الحكومات المتعاقبة على أرض الهضبة.
وشدد أسفا في حديثه لـ"العين الإخبارية"، على أن معضلة النظام الفيدرالي في إثيوبيا هي تبنيه أسسا إثنية ولغوية ليس على قاعدة المواطنة، التي يجب أن يبنى عليها النظام.
وزاد: "النظام الفيدرالي في الحكم لا مفر منه بالنسبة لإثيوبيا، لكن يجب تطبيقه على أساس المواطنة".
واعتمدت إثيوبيا النظام الفيدرالي عام 1994 عقب تولى الائتلاف الحاكم مقاليد الأمور، ويتضمن التعددية الحزبية على أساس الحكم اللامركزي الذي يمنح إدارة ذاتية للأقاليم الـ9 المكونة للبلاد، وبعد عقدين من تطبيق النظام أصبح محط التساؤلات، وخاصة عقب تفاقم أعمال العنف والاضطرابات في بعض المناطق والأقاليم.
ويقول الباحث والناشط في مجال حقوق الإنسان، زلالم جرما: "إن نظام الحكم الحالي هو السبب في المشاكل التي تواجهها البلاد الآن بما في ذلك العنف".
وأضاف في حديثه لـ"العين الاخبارية"، أن تركيبة الحزب الحاكم التي تتألف من 4 أحزاب ذات أساس إثني جعلت السياسة الإثيوبية تدور حول العرقية.
وتابع جرما: "نظام الحكم القائم على أساس إثني، يمهد الطريق أمام زيادة التعصب بين مختلف المجموعات العرقية، ويؤدي إلى تزايد الهجمات على مختلف القوميات".
وأعرب عن أمله في أن يتم تغيير الوضع الحالي، ضمن الإصلاحات التي تعزز المواقف القائمة على المواطنة.
وشهدت إثيوبيا احتجاجات على مدى السنوات الثلاث الماضية نتيجة لعوامل متعددة، مثل غياب المؤسسات الحكومية القوية، وقضية ممارسة السلطة بين الأقاليم الإثيوبية، وغياب الحكم الرشيد والفساد، وتأثير الائتلاف الحاكم على المؤسسات الحكومية.
ويتولى السلطة في إثيوبيا منذ العام 1991 ائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الذي تشكل عام 1989 من "جبهة تحرير شعب تجراي"، و"حزب الأورومو الديمقراطي" والأمهرا الديمقراطي"، و"الحركة الديمقراطية لشعوب جنوب إثيوبيا".