الإثيوبية أببش غوبنا.. 35 عاما من رعاية الأيتام في أديس أبابا
صاحبة أول دار لرعاية الأيتام في إثيوبيا قصة أببش غوبنا الإنسانية بلسان طلابها
منذ 35 عاماً، بالتحديد في عام 1983 الذي شهد أسوأ مجاعة ضربت إثيوبيا وأودت بحياة الآلاف، كانت "أببش غوبنا" في رحلة إلى أحد التلال الجبلية في إقليم أمهرا شمالي البلاد، لتعثر بالقرب من المكان الذي تخيم فيه على طفلين مات والداهما للتو بسبب الجوع، فلم تستطع أن ترحل وتتركهما يواجهان مصير والديهما، لتبدأ واحدة من أكثر القصص إنسانية في إثيوبيا منذ ذلك الحين، واضعة نواة لأول دار للأيتام في البلاد.
"العين الإخبارية" التقت يتبارك تكالين، مسؤول العلاقات العامة في جمعية "أببش غوبنا لرعاية الأيتام" ليتحدث أكثر عن قصة السيدة التي تركت وراءها إرثاً كبيراً من محبة الأيتام والتقدير الدولي والمحلي. يقول "قصة غوبنا بدأت حين جاءت بطفلين من منطقة "ولو" إلى منزلها في منطقة أباكوران شمال أديس أبابا، في عام 1983، عادت بالطفلين إلى بيتها لتدخل في مواجهة قوية مع زوجها الذي رفض فكرة رعاية الطفلين، وخيرها بينه وبينهما، فقررت الانفصال عنه وتركت له البيت لتتفرغ لرعاية الصغيرين اليتيمين".
ويتابع تكالين "تعرضت غوبنا وقتها إلى كثير من الانتقاد من عائلتها وأقاربها، ونعتها معارفها بالجنون، لكنها واصلت مسيرتها في سبيل مهمة نبيلة وإنقاذ الطفلين اليتيمين من المجاعة التي لم تبق على شيء وقتها".
يضيف تكالين "سعت غوبنا إلى بناء بيت من الطين لتعيش هي والطفلان فيه، فباعت كل ما تملك لتبدأ مسيرتها في رعاية الأيتام من بيت متواضع يسع بالكاد 4 أو 5 أشخاص على الأكثر، لكنها لم تتوقف عن البحث عن ضحايا آخرين للمجاعة لتنهي عامها وهي تضم 21 طفلاً آخر في منزلها".
واجهت "غوبنا" تحديات وظروفا قاسية لتوفير المأكل والشرب للأيتام في دارها، واضطرت للخروج للعمل، فكانت تبيع المكسرات المحلية لعل عائدها يعينها على رعاية الأيتام، لتؤسس رسمياً في عام 1986 أول دار للأيتام في بلادها.
منذ ذلك الحين، انتشرت قصتها في ربوع أديس أبابا لتتعداها إلى المدن والمناطق المختلفة، فهب القادرون أيا كانت ديانتهم إلى مساعدتها ودعمها لتتمكن من رعاية أيتامها، حسب ما يقوله تكالين.
تلقت "غوبنا" عدة جوائز من منظمة الغذاء العالمي وجامعة أديس أبابا والدكتوراه الفخرية من جامعة جيما عام 2004، وجائزة أفضل امرأة من لندن.
مهري أملاك أسفا، أحد الأطفال في دار "غوبنا" طالب بالصف الثامن يقول لـ"العين الاخبارية"، إن عدد الأطفال الأيتام في الدار 34 يتيما، ويتمنى أن يكمل دراسته ويصبح مهندس حاسوب، لافتاً إلى جمال الحياة في الدار، وتقارب الجميع من بعضهم.
مدينة أول، واحدة من المستفيدين من دار غوبنا، تقول إن الدار بها عدد من مراكز التدريب المهني، التي تساعدهم على تغيير حياتهم وتأهليها من خلال الدورات التدريبية والدراسة وبناء القدرات.
أنشأت "غوبنا" عددا من مراكز التدريب المهني للأطفال الأيتام في دارها، تقدم دورات تدريبة للأطفال الأيتام من داخل الدار وخارجها، إلى جانب العمالة العائدة من دول الشرق الأوسط.
مسكرم بقلى، مديرة العيادة في الدار، تقول "نقدم الخدمات الطبية للأطفال والأمهات مجانا، إضافة إلى توفير العلاج للأمهات بأسعار رمزية بحثا عن الدخل الأساسي للدار".
تعاني دار أببش غوبنا في الوقت الحالي من شح في الدعم المالي، لكنها تكافح من أجل الصمود في وجه التحديات، من أجل مواصلة المسيرة التي بدأتها المؤسسة أببش غوبنا قبل 35 عاما.