متحف "دري داوا".. 110 أعوام من تاريخ إثيوبيا
تاريخ مدينة دري داوا الإثيوبية يرتبط بشكل مباشر مع إنشاء سكة القطارات بها في عام 1902، إذ بدأت نهضتها التجارية والثقافية
تتمتع مدينة دري داوا، شرق إثيوبيا، على بعد 523 كلم من العاصمة أديس أبابا بحكم خاص كربيبتها أديس أبابا، إذ تنال أهميتها الحضرية بعد إنشاء مشروع سكة الحديد الإثيوبي الجيبوتي عام 1902م، كما أن متحفها العتيق الذي يقع في قلب المدينة يمثل أحد معالمها الرئيسية لما يحتويه من حكايات عن المدينة قبل 100 عام.
تقول بيزا هيلو، مسؤولة المتحف، إن مدينة دري داوا من أقدم المدن الإثيوبية، وتعد رمزا للحضارة والتعايش والتسامح، والمتحف يؤرخ لهذه الحضارة والتاريخ العريق.
وأضافت لـ"العين الإخبارية": "نرغب في توسعة هذه المبنى التاريخي الذي يحوي جميع موروثات المدينة وتاريخها".
ويقع المتحف في 3 أجنحة رئيسية اختزلت فيه كل حكايات المدينة وتاريخها المعتق بتجارب يمكن أن تمثل نموذجا للتعايش ليس بين قوميات إثيوبيا المتعددة التي أوجدت لنفسها مساحات داخل المدينة فحسب، وإنما للأجانب الذين يشكلون تاريخ وحضارة المدينة، ذات اللمسة الإسلامية العربية، بجانب ما تركه الاستعمار الإيطالي، رغم قصر فترته التي لم تتجاوز 5 سنوات.
تفخر مسؤولة المتحف بمدينتها التي تحتضن العديد من القوميات الإثيوبية، وتقول: "المدينة يعيش بها أغلب مكونات الشعوب الإثيوبية بمختلف طقوسهم الدينية ولغاتهم المحلية، إلى جانب الأجانب من مختلف البلدان".
وتوضح هيلو أن المتحف يتكون من 3 أجنحة رئيسية، القسم الأول يتحدث عن القطار وارتباطه بالمدينة، ويحتوي على صور لأول قطار استخدم فيها والهواتف التي كانت تستخدمها هيئة القطار الإثيوبي قديما، لافتة إلى أن تاريخ مدينة "دري داوا" الحديث يبدأ من عام 1902، مع إنشاء سكة حديد ومحطة القطار، وهو ما يُعبر عن ارتباط المدينة بالقطار الذي يربط البلاد مع الجارة جيبوتي على بعد بـ313 كلم.
القسم الثاني من المتحف يروي قصص الشخصيات المشهورة وعمد مدينة دري داوا الذين تعاقبوا على إدارتها، منذ إنشائها حتى الآن ويعنى بتاريخ قادة المدينة ودورهم السياسي، أما القسم الثالث فيجمع ويعبر عن الإثنيات التي تعيش في المدينة.
تقول هيلو: "هذا التنوع والعدد الكبير من مختلف القوميات الإثيوبية زاد من خصوصية المدينة، فدري داوا مدينة قومية أكثر منها مدينة حضرية".
نشأة رسمية
أحمد محمد بوح، عمدة مدينة دري داوا، يتحدث مع "العين الإخبارية" عن التنوع الذي تتميز به مدينته، قائلاً: "المدينة يقطنها المواطنون من مختلف قوميات إثيوبيا مع أجانب من مختلف البلدان، ولا تجد مثل هذه القيم المزدوجة في المدن الإثيوبية الأخرى".
ويضيف بوح أن تأريخ نشأة المدينة يعود إلى أواخر عام 1890، إلا أن نشأتها الحديثة بدأت 1902، وأصبح لها مكتب إداري رسمي كمدينة تابعة للحكومة المركزية.
ويؤكد عمدة المدينة أن "دري داوا" تعتبر مدينة حضرية، إذ أنشا فيها الأجانب أول بنك وأول مدرسة نظامية والبنية التحتية، لافتا إلى أن المدينة تنقسم لجزأين؛ "الجزيرة" وكانت منطقة خاصة بالأجانب، والآخر منطقة "مغالا" وكان يقطنها المواطنون المحليون، وتفصل بين المنطقتين كثبان رملية.
اتسعت المدينة مؤخرا لتصبح 9 محليات وضواحي ريفية ممتدة على الحدود مع دولة جيبوتي شرقا، وإقليم هرر الإثيوبي شرق غرب، فيما يطوق المدينة إقليم أوروميا، وإقليم الصومال الإثيوبي غربا.
نهضة تجارية وصناعية
تعتمد الحركة التجارية بالمدينة على الصناعة والخدمات والزراعة، وكانت الشركات الفرنسية تمد المدينة بالمياه الجوفية والكهرباء لدى تأسيسها.
ويعتبر البنك الإندوجيني بمدينة "دري داوا" أول بنك في إثيوبيا، فيما تعتبر مدرسة أليانس إثيوبي فرانسيس هي أولى المدارس وتأسست عام 1908، حسب ما يقول عمدة المدينة.
ويضيف أحمد محمد بوح: "توجد بالمدينة شركتان لصناعة الأقمشة، وناشنال لصناعة الأسمنت التي أنشئت خلال فترة الاحتلال الإيطالي. وما زالت معالم (دري داوا) تعبر عن عراقتها، كما أن هناك دور العبادات الوافدة مثل الكنيسة الكاثوليكية ومدرستين ما زالتا تعملان، فضلا عن اليونانية والجالية الهندية وكنيسة أرمنيا، والمسجد العتيق".
ولفت نوح إلى أن العرب يوجدون بالمدينة منذ نشأتها ولهم تأثير كبير، خصوصاً المصريين واليمنيين، فإن لهم دوراً كبيراً في تأسيس وتطوير دري داوا، فأغلبية المباني السكنية وفي الأسواق تطغى عليها التصاميم ذات الثقافة العربية، كغرفة الاستقبال أو "الصالة"، كما أن الأطباق العربية والأوروبية والهندية موجودة بشكل دائم على موائد الإثيوبيين.
aXA6IDMuMTQ5LjIzLjEyNCA=
جزيرة ام اند امز