حكومة إثيوبيا تتجاوز اختبار إقليم أمهرة.. هدوء بعد "عاصفة عنيفة"
أيام ستة من الاحتجاجات العنيفة على تعديل مزمع للقوات المحلية، كانت بمثابة تحد أمني جديد أمام حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي، إلا أنها تمكنت من تجاوزه.
وفي أعقاب حرب استمرت عامين في إقليم تيغراي المجاور وانتهت بهدنة في نوفمبر/تشرين الثاني، لقي ما لا يقل عن خمسة أشخاص حتفهم خلال المظاهرات التي اندلعت في إقليم تيغراي.
إلا أن سكانًا قالوا إن المتاجر فتحت اليوم الأربعاء، أبوابها من جديد واستؤنفت الحركة المرورية في المراكز الحضرية بإقليم أمهرة الإثيوبي، بعد ستة أيام من الاحتجاجات.
ويقول محتجون إن إعادة الدمج المزمعة لقوات أمهرة الخاصة في الشرطة الاتحادية أو الإقليمية والجيش الوطني ستجعل الإقليم عرضة للهجمات من الأقاليم الأخرى، فيما قال آبي أحمد إن الخطوة اتُخذت من أجل الوحدة الوطنية.
وقاتلت قوات أمهرة مع قوات آبي أحمد ضد قوات تيغراي خلال الصراع الذي استمر قرابة عامين، وانتهى بهدنة نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
عودة الهدوء
وقال سكان في جوندار ودبري برهان وبحر دار عاصمة إقليم أمهرة إن المتاجر والمصارف والمكاتب الحكومية استأنفت نشاطها، مشيرين إلى أن حركة المرور في انسيابية. وتحملت المدن الثلاث العبء الأكبر للاحتجاجات.
وقال أحد سكان دبري برهان طالبا عدم ذكر اسمه "عادت المدينة الآن إلى طبيعتها تقريبا".
وقال باكالا جيبري رئيس المديرية الصحية في دبري برهان أمس الثلاثاء إن السلطات ما زالت تتحرى وقوع قتلى أو مصابين جراء الاحتجاجات. ولم يتضح سبب انخفاض حدة الاحتجاجات.
وعلى الرغم من تحالف أمهرة مع حكومة آبي أحمد خلال الحرب، فإن قادة ونشطاء أمهرة اتهموا الحكومة في الأشهر القليلة الماضية بغض الطرف عن الفظائع المرتكبة بحق مجموعة أمهرة العرقية التي تعيش في إقليم أوروميا المجاور وبالتخطيط لإعادة أراض تم الاستيلاء عليها من قوات تيغراي.
ماذا حدث خلال الأيام الماضية؟
نُظّمت مظاهرات في مدن عدة في ولاية أمهرة بعدما أعلنت الحكومة الفيدرالية الخميس بدء عملية استيعاب عناصر قوات محلية أنشأتها سلطات محليّة بقرارات أحادية، في الشرطة أو الجيش الفيدرالي.
وفي بحر دار، العاصمة الإدارية لأمهرة "أغلق متظاهرون الطريق بإطارات محترقة وحجارة"، بحسب ما روى مقيم لوكالة "فرانس برس"، مؤكّداً أنّه "سمع إطلاق نار في المدينة دون معرفة أين حدث ذلك بالضبط".
وأعلنت منظمة "كاثوليك ريليف سيرفيسيز" غير الحكومية، مقتل موظفين بالرصاص في منطقة أمهرة الواقعة في شمال إثيوبيا، مضيفة: "قتل شوول تونجييك المسؤول في الأمن والسائق اماره كينديا بالرصاص في سيارة تابعة للمنظمة في منطقة أمهرة في طريق العودة من أديس أبابا في ختام مهمة".
وأضافت المنظمة غير الحكومية الكاثوليكية ومقرها في الولايات المتحدة أن "ملابسات مقتلهما لم تتضح بعد".
من جانبها، أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الثلاثاء في تغريدة عن قلقها من "الهجمات التي وقعت مؤخرا ضد سيارات الإسعاف وطواقم الرعاية الطبية الذين كانوا يقومون بإجلاء المرضى الذين كانوا يواجهون خطر الموت في منطقة أمهرة".
وأكدت اللجنة في تغريدتها أنّ "العاملين في المجال الطبي وسيارات الإسعاف والمستشفيات ليسوا أهدافاً ويجب احترامهم وحمايتهم في جميع الأوقات".
قيود
وكان "مركز القيادة" العسكرية، فرضت يوم الإثنين الماضي قيودًا لا سيما على التنقل ليلا والتجمع، في ثلاث مدن في أمهرة هي غوندارو ديسي وديبره برهان، مما يعطي الانطباع بأن الجيش الفدرالي بات يمسك بالأمن.
وشملت القيود منع عربات التوك توك من التجوّل من الساعة 20,00 وحتى الساعة 6,00 كما بات يتعيّن على الحانات والملاهي الليلية أن تغلق أبوابها عند الساعة 21,00. كما تم حظر أيّ إضراب في المدينة وبات يتعيّن إبلاغ السلطات مسبقا بأي تجمّع مزمع تنظيمه.
كما يحظّر نقل أي سلاح أو أدوات يمكن أن تستخدم على هذا النحو من "سكاكين وخناجر وقضبان حديدية"، ويحظّر أيضا إطلاق المفرقعات أو الألعاب النارية.
وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الأحد، أن عملية نزع السلاح ستنجز "مهما كان الثمن"، وحذر من أن "القانون سيطبق على كل الذين يساهمون في زعزعة الاستقرار".
وتؤكد الحكومة أن العملية تنفذ في كل المناطق وأن الاضطرابات محصورة في أمهرة التي وفرت "القوات الخاصة" النافذة فيها مساعدة أساسية للجيش الفدرالي خلال النزاع المسلح الذي استمر سنتين بين السلطات وإقليم تيغراي.
وأكد آبي أحمد أن المبادرة ترمي إلى الحفاظ على "وحدة" البلاد، محذّرا من أن تدابير أمنية ستتّخذ بحق أي معارضة "هدّامة".
ماذا نعرف عن القوات الخاصة؟
والوحدات العسكرية التي تُطلق عليها تسمية "قوات خاصة" شكّلت خلافا للدستور، وسمح ببقائها قائمة إلى أن صدر قرار نزع سلاحها، علماً بأنّ ولايات إقليمية عدّة أنشأتها قبل نحو 15 عاما.
وأثارت هذه القوات جدلا كبيرا خصوصا إبان الحرب التي شهدها إقليم تيغراي مدى عامين، إذ قدّمت قوات خاصة في أمهرة دعما قويا للجيش الفدرالي، لكنّها اتّهمت أيضا بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
ويتيح الدستور الإثيوبي للولايات الـ11 التي تتألف منها البلاد والتي تتوزّع بحسب اللغة والثقافة، أن تنشئ شرطتها الإقليمية الخاصة، لكن خلال السنوات الـ15 الأخيرة، أنشأت بعض الولايات قواتها الخاصة في ممارسة لا ينص عليها الدستور.
والإثنين، أصدر حزب الازدهار الحاكم بيانا وصف فيه التقارير التي تشير إلى أن تفكيك القوات الإقليمية يقتصر على أمهرة بأنها "كاذبة بالكامل".
ويوم السبت، أعرب نائب رئيس أركان الجيش الفدرالي أبيباو تاديسي عن معارضته تشكيل قوات خاصة على أسس "عرقية" مشددا على وجوب ألا تطغى أي منطقة على الأخرى.
وغوندار كانت عاصمة الإمبراطورية الإثيوبية الغابرة، كما أنّ الأمهرة هم ثاني أكبر إثنية في إثيوبيا ولطالما شّكلوا النخبة السياسية والاقتصادية في البلاد.