العام الإثيوبي الجديد.. تهنئة وأزمة داخلية وتحديات إقليمية
تستقبل إثيوبيا العام الإثيوبي الجديد 2014، السبت، وسط أزمة داخلية مازالت لم تبارح مكانها في إقليم تجراي.
والتقويم الإثيوبي يختلف في عدد شهوره عن أي تقويم آخر، إذ يتضمن العام الإثيوبي 13 شهرا، وينقسم الشهر إلى 30 يوما باستثناء الشهر الأخير.
وفي الأثناء، يخوض الجيش الفيدرالي الإثيوبي والقوات الخاصة لإقليم أمهرة وعفار حربا ضد مقاتلي جبهة تحرير تجراي التي يصنفها البرلمان الإثيوبي "إرهابية"، فيما يمثل النزاع الحدودي مع السودان وقضية سد النهضة تحديات إقليمية ما زالت تواجه البلاد.
وبدأت إثيوبيا احتفالاتها باستقبال عامها الجديد 2014، مطلع الأسبوع الجاري، بعد أن ودعت عام 2013، حيث ما زالت البلاد تتعامل بتقويمها الخاص الذي يختلف عن التقويم العالمي بما يقارب 8 سنوات وفق التقويم القبطي.
ودأبت إثيوبيا تحتفل بعامها الجديد على طريقتها، إذ تستمر الاحتفالات أكثر من أسبوع تتخلله برامج رسمية لمدة 5 أيام، بجانب الاهتمامات الشعبية من توزيع الهدايا والبرامج الأسرية المتكاملة والتي من بينها الذبائح والحرص على الاحتفالات بالمناطق الأصلية.
أزمة داخلية
مثلت الحرب التي اندلعت في إقليم تجراي شمالي البلاد بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وجبهة تحرير تجراي التي يصنفها البرلمان الإثيوبي "إرهابية" منعطفا تاريخيا في إثيوبيا، حيث أدخلت البلاد في منعطف تاريخي وأزمات تجاوزت الإقليم لتوتر في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بسبب حرب تجراي.
وتعود أزمة تجراي بعد أن اتهمت الحكومة الفيدرالية جبهة تحرير تجراي بالاعتداء على القيادة الشمالية لقوات الجيش الإثيوبي في مدينة مقلي، عاصمة إقليم تجراي، لتندلع الحرب بينهما غير أن الحكومة الإثيوبية أسمتها "عملية إنفاذ سيادة القانون على إقليم تجراي".
وشهد إقليم تجراي مواجهات عسكرية استمرت لنحو 3 أسابيع أطاحت بالجبهة من إقليم تجراي لنحو ثمانية أشهر بعد أن فر قيادات جبهة تحرير تجراي إلى الجبال بدخول قوات الجيش الإثيوبي إلى الإقليم، غير أن الحكومة الإثيوبية أعلنت في قرار مفاجئ وقف إطلاق النار ضد الجبهة وسحب قوات الجيش الإثيوبي كاملا من الإقليم لتعود جبهة تحرير تجراي مجددا للإقليم وتسيطر عليه، ثم سرعان ما بدأت جبهة تحرير تجراي اعتداءات على إقليمي أمهرة وعفار بعد أن دخلت عدة مناطق ومدن أسفرت عن مقتل المئات من المدنين ونزوح أكثر من نصف مليون شخص بالإقليمين.
وأعلنت الحكومة الإثيوبية على خلفية هذه التطورات إلغاء وقف إطلاق النار أحادي الجانب في الـ10 من أغسطس الماضي وإعلان حالة الاستنفار في كامل البلاد، ثم بدأ الجيش الإثيوبي الفيدرالي والقوات الخاصة لإقليمي أمهرة وعفار عمليات عسكرية مشتركة ضد جبهة تحرير تجراي لإجبارها على الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها بالإقليمين في مواجهات عسكرية خلفت أكثر من 5600 قتيل من قوات جبهة تحرير تجراي، بحسب الجيش الإثيوبي.
ولا تزال المواجهات العسكرية جارية على عدة جبهات بإقليمي أمهرة وعفار بين الجيش الإثيوبي والقوات الخاصة لإقليمي أمهرة وعفار، ضد جبهة تحرير تجراي.
أزمة الحدود مع السودان
شهد العام الإثيوبي المنصرم بالتوازي مع أزمة إقليم تجراي أيضا توترا في العلاقات مع السودان على خلفية إعلان الخرطوم، في الـ31 ديسمبر الماضي، سيطرة الجيش السوداني على كامل أراضيها في منطقة "الفشقة" الحدودية مع إثيوبيا، فيما تعتبر إثيوبيا تلك الخطوة من الجيش السوداني اعتداء على أراض إثيوبية متنازع عليها استغلت الخرطوم فرصة اندلاع حرب تجراي لتسيطر عليها.
وتطالب إثيوبيا مرارا في عدة مناسبات الخرطوم بسحب قوات الجيش السوداني لمواقعه من تلك الأراضي التي دخلها إلى ما قبل الـ6 من نوفمبر الماضي، وتضع ذلك شرطا لأي مفاوضات وحوار مع السودان حول هذا النزاع.
ومنذ ذلك تشهد العلاقات السودانية الإثيوبية حالة من الفتور بسبب تصاعد الخلافات حول سد النهضة والحدود، تخللها في بعض الأحيان استدعاء سفراء.
وتوحي وتيرة التصريحات بين الجانبين بما يشابه حربا إعلامية بين البلدين، وفق مراقبين، وانسداد قنوات التواصل الدبلوماسي بين الخرطوم وأديس أبابا، رغم وجود سفيري الدولتين على رأس العمل.
وسبق أن رفضت الحكومة الإثيوبية لعب السودان دور الوساطة في أزمتها مع "جبهة تحرير تجراي"، واصفة الخرطوم بأنها "ليست طرفا ذا مصداقية".
وعلى إثر ذلك الرفض استدعت الخرطوم سفيرها بأديس أبابا للتشاور، قبل أن يعود لمباشرة مهامه.
سد النهضة
لا تزال المفاوضات المتوقفة رسميا منذ أبريل/نيسان الماضي بشأن سد النهضة تمثل أحد التحديات التي تواجه إثيوبيا في علاقاتها مع مصر والسودان (دولتي المصب) حيث تطالب مصر والسودان بالتوصل لاتفاق ملزم قبل الملء الثاني لسد النهضة الذي نفذته إثيوبيا بالفعل.
وكانت إثيوبيا أعلنت اكتمال عملية الملء الثاني لسد النهضة، في يوليو/تموز الماضي وسط اعتراضات من مصر والسودان للخطوة الأحادية.
وعلى مدار الجولات السابقة تمسكت القاهرة والخرطوم بالتوصل لاتفاق ملزم قبل الملء الثاني لسد النهضة، لكن إثيوبيا طمأنت مرارا دولتي المصب (مصر والسودان) وأكدت أن مشروعها القومي الذي تأمل أن يولد 6 آلاف ميجاوات من الكهرباء مع استكماله، لن يؤثر سلبا على البلدين.
تهنئة بالعام الجديد
هنأ رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الإثيوبيين بالعام الإثيوبي الجديد، وقال إن الاحتفال بالأعياد يمنحنا الفرصة لتوسيع نطاق عطائنا مع الآخرين، بمشاركة الأمل والتمنيات الطيبة مع من هم في وسطنا.
جاء ذلك عقب زيارة له لأسر المحتاجين في مختلف مناطق العاصمة أديس أبابا وقال: "مع ترحيبنا بالعام الجديد دعونا ندرج حظا لعطائنا".
وقال آبي أحمد في كلمة له بمناسبة العام الإثيوبي الجديد إن "إثيوبيا تحتفل بالعام الجديد وسط تحدٍ وطني بالغ الأهمية وأمل للخروج من هذه التحديات".
وأضاف أن الإثيوبيين مروا بالعديد من الاختبارات والمنعطفات التاريخية، ولهم القدرة على تحويل هذه المحن إلى فرصة لوحدتهم وتعاونهم وازدهارهم.
وتابع قائلا: آمل أن يكون هذا العام الجديد عاما يمكننا فيه التغلب على التحديات التي واجهتها إثيوبيا خلال السنوات الماضية، وتشكيل الحكومة الجديدة، والتعافي من التحديات التي نواجهها وتحويل انتباهنا إلى ازدهار إثيوبيا وأن يكون العام الجديد عاما تتعزز فيه الوحدة الوطنية، وتتطور قيم الديمقراطية، وتتبلور الإصلاحات التي بدأتها البلاد.
وتحتفل إثيوبيا في الـ11 من سبتمبر من كل عام بعامها الجديد بحسب التقويم المحلي، ولا يزال هذا البلد الأفريقي متمسكا بتقويم الكنيسة القبطية والمعروف محليا بالتقويم الإثيوبي، الذي يتأخر عن التقويم الميلادي بـ8 سنوات.
ومن أبرز أسماء الشهور الإثيوبية، مسكرم وهو الشهر الأول، طقمت، هيدار، تهساس، طر، يكاتيت، مغابيت.
ويتميز التقويم الإثيوبي بزيادة الشهر الـ13، ويعرف بشهر "باجمي"، ويكون في آخر العام، ولا تدفع فيه الأجور للموظفين والعمال.
و"باجمي" من الأشهر المقدسة بالنسبة لمسيحيي إثيوبيا، خاصة أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، حيث يستحم فيه أتباع الكنيسة الأرثوذكسية لمدة 6 أيام في الأنهار والبحار، وتعتبر أيام الغسل من الذنوب، وهي من المعتقدات التي ما زالت موجودة في إثيوبيا.