أبي أحمد.. تحدٍّ جديد لبناء نظام ديمقراطي في إثيوبيا
في خطوات متسارعة، يسابق رئيس الوزراء الإثيوبي الزمن؛ من أجل تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي.
شكل التحول السياسي الذي تعيشه إثيوبيا مفارقة سياسية منذ تولي أبي أحمد رئاسة الحكومة في أبريل 2018، ومثَّلت خطواته المتسارعة نحو إصلاح سياسي منشود واقتصاد واعد "التحول الكبير" في نقل أديس أبابا من خانة الصراعات، إلى دولة تنشد تطبيق الديمقراطية التعددية، وإرساء نظام يحتضن جميع القوى السياسية.
وفي مسعى منه لتحقيق هذا الهدف، يسابق رئيس الوزراء الإثيوبي الزمن؛ من أجل تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي، بهدف إعادة وضع بلاده على طريق مواصلة نهوضها الاقتصادي، وتجنيبها صراعات سياسية أو عسكرية محتملة.
انفتاح على المعارضة
وعقد أبي أحمد، ولأول مرة من تسلمه رئاسة الوزراء في إثيوبيا، مناقشات مع قادة 52 حزبا قوميا وإقليميا، تناولت قضايا الحكم والمستقبل السياسي لإثيوبيا.
وخلال المناقشات أكد أن تطبيق ديمقراطية تعددية، هو المخرج الوحيد لأزمات البلاد السياسية، وقال إنه يتعين على إثيوبيا تطبيق ديمقراطية متعددة الأحزاب، تدعمها مؤسسات قوية تحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون.
وأضاف: "لا خيار سوى تطبيق ديمقراطية تعددية في ضوء الوضع السياسي الحالي"، وتعهد بإجراء مزيد من الحوارات مع أحزاب المعارضة والقوى السياسية الأخرى، للاستفادة من أفكارهم في بناء نظام تعددي ديمقراطي.
تيجستو أولو، رئيس حزب الوحدة الإثيوبي المعارض، قال لـ"العين الإخبارية" إن اجتماع رئيس الوزراء بأحزاب المعارضة والقوى السياسية، كان من أنجح اللقاءات التي حضرها، مشيرا إلى أنهم تناولوا عدة قضايا مع أبي أحمد، وكان النقاش فيها مستفيضا وهادفا وبحرّية تامة.
وتابع أن عددا من الأحزاب السياسية، أشاد بالقرارات التي اتخذها رئيس الوزراء الإثيوبي، خلال الفترة الوجيزة الماضية، والتي يمكن لأن تؤدي إلى توافق سياسي يصل إلى بناء ديمقراطية تعددية في البلاد.
ولفت "أولو" إلى أن الحوار مع رئيس الوزراء سيتواصل، مشيرا إلى أن بعض الأحزاب أثارت عدة قضايا، بينها تشكيل حكومة انتقالية، وإصلاح منظومة الانتخابات في البلاد.
وفي تصريحات منفصلة مع "العين الإخبارية"، رأى خبراء في إثيوبيا، أن التغيرات التي تشهدها البلاد في ظل قيادة أبي أحمد الحالية، ستفضي إلى تحقيق توافق وطني جامع يساعد على إرساء دعائم الدولة الديمقراطية العادلة.
آدم جبريل، المهتم بالشأن السياسي الإثيوبي، اعتبر لقاء الأحزاب السياسية المعارضة والقوى الأخرى في غاية الأهمية، خاصة أنه يأتي بعد أن اختلف المشهد السياسي في أديس أبابا كليا، داخليا وخارجيا، منذ وصول أبي أحمد إلى السلطة.
وقال إن انتهاج أبي أحمد سياسة الحوار مع جميع أحزاب المعارضة التي كانت مهمشة سياسيا واقتصاديا طيلة السنوات الماضية، يعكس تغير السياسات الداخلية الإثيوبية في تعاطيها مع القضايا الداخلية الحرجة، والتي كانت سببا رئيسا للاحتجاجات الشعبية التي شهدتها إثيوبيا خلال السنوات الثلاث الماضية.
وأضاف أن الإثيوبيين متفائلون بتوجّه رئيس وزرائهم، ويتطلعون لرؤية تحول سياسي يؤسس لنظام ديمقراطي، يحتضن الجميع بمختلف توجهاتهم دون إقصاء.
الحوار.. ومسار الديمقراطية التعددية
بدوره، رأى الناشط السياسي الإثيوبي، يوهانس هايلي، أن ما تحقق خلال الفترة الوجيزة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، فشلت في تحقيقه الحكومة السابقة، وقال لـ"العين الإخبارية"، إن إبعاد الجيش والأمن عن السياسة والمصالحة الداخلية، سيساعدان على بناء نظام سياسي متوافق عليه، يمكن أن يمهد إلى بناء ديمقراطية تعددية.
من جانبه، قال زكريا إبراهيم، الباحث بشؤون القرن الأفريقي، إن عودة المعارضة الإثيوبية في الخارج وتبني سياسة الانفتاح الداخلية ورد الاعتبار للسياسيين المعارضين للدولة، عبر إطلاق سراحهم وتوفير ضمانات للمعارضين في الخارج، هي خطوات تسرع من بناء توافق وطني سينقل البلاد إلى التعددية الديمقراطية التي ينشدها رئيس الوزراء الإثيوبي.
المحلل السياسي الكيني كينيدي وانجوي، اعتبر من جانبه أن رئيس وزراء إثيوبيا الجديد يسير بخطوات متسارعة لا يمكن التنبؤ بها، مضيفا في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن أبي أحمد "رجل براجماتي"، يسير بخطوات ثابتة لتحقيق أهدافه السياسية والاقتصادية.
وأكد أن القرارات التي اتخذها أبي أحمد لتصفير المشاكل مع الجيران وخصوصا إريتريا، واحتواء المشكلات السياسية الداخلية والانفتاح على المعارضة، ستساعد على إحداث تحول سياسي كبير في إثيوبيا، يكون نموذجا للمنطقة.
وانتخب مجلس الائتلاف الحاكم في إثيوبيا، أبريل/نيسان الماضي، أبي أحمد علي، رئيسا جديدا له، في خطوة مهدت لتعيينه رئيسا للوزراء.
وينحدر رئيس وزراء إثيوبيا من إقليم أوروميا وسط إثيوبيا، ووصل إلى هذا المنصب بعد سلسلة من الأحداث التي شهدتها البلاد منذ فبراير/شباط الماضي، ولمدة شهرين، والتي بدأت باحتجاجات عمت بعض الأقاليم في إثيوبيا؛ تنديدا بتهميشها وإقصائها.
وفي مسعى لاحتواء الاحتجاجات، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي ماريام ديسالين خطوات إصلاحية، بينها إطلاق سراح موقوفين، غير أنها لم تكن كافية على ما يبدو، ما دفعه إلى تقديم استقالته من منصبه، في قرار قبله الائتلاف الحاكم.
ويتولى السلطة في إثيوبيا ائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية (تشكل عام 1989) من "جبهة تحرير شعب تجراي"، و"الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو"، و"الحركة الديمقراطية لقومية أمهرا"، و"الحركة الديمقراطية لشعوب جنوب إثيوبيا"، ووصل إلى سدة الحكم في 1991.