الانتخابات الإثيوبية وغموض المشهد السياسي

بعد أشهر من الاحتقان الذي أعقب تأجيل الانتخابات، تطل مرحلة جديدة تتسم بضبابية فاقمت من انقسام مواقف الطبقة السياسية.
غموض يغذيه انقسام بالمواقف يرسم ملامح المشهد السياسي في إثيوبيا، عقب إجازة البرلمان إجراء الإنتخابات، وترك تحديد موعدها للهيئة الدستورية المعنية بالاقتراع.
فبعد أشهر من الاحتقان الذي أعقب تأجيل الانتخابات في مارس/ آذار الماضي، تطل مرحلة جديدة تتسم بضبابية فاقمت من انقسام مواقف الطبقة السياسية حول الموضوع.
والثلاثاء الماضي، صادق البرلمان الإثيوبي على إجراء الانتخابات العامة المؤجلة بسبب جائحة كورونا، وترك تحديد موعد إجرائها لمجلس الانتخابات، الهيئة الدستورية المستقلة المكلفة بتنظيم الاقتراع.
وأثار قرار البرلمان تساؤلات حول مصداقية تأجيلها، خصوصا أن سبب إرجائها لا يزال قائما، حيث لا تزال البلاد تواجه الوباء، فضلا عن غموض مواقف بعض الأحزاب حيال اجراء الاقتراع في ظل وضع أمني معقد ببعض الأقاليم.
في غضون ذلك، تظل الرهانات مرتفعة على انتخابات تعد السادسة من نوعها منذ إقرار البلاد الدستور الوطني عام 1994، وإجراء أول انتخابات عام 1995، حيث يعول الكثيرين في الداخل والمحيط الإقليمي على أن تكون فرصة أمام إثيوبيا للخروج كدولة ديمقراطية موحدة.
سيادة القانون أولا
أحزاب سياسية معارضة تؤيد قرار إجراء الإنتخابات العامة المؤجلة، وذلك خشية تعقد الأوضاع.
ففي 11 أكتوبر/تشرين أول الماضي، كان من المفترض أن تنتهي الفترة الدستورية للبرلمان والحكومة الحاليين.
غير أن المجلس الفيدرالي (السلطة الدستورية العليا) وافق، في 10 يونيو حزيران المنقضي، على تمديد استمرارهما وجميع المجالس الفيدرالية والإقليمية، في ظل تفشي كورونا.
واشترط كذلك إجراء الانتخابات في فترة لا تتجاوز ما بين 9 أشهر وعام من تاريخ إجازة البرلمان لعقدها.
وتقول "جبهة تحرير أورومو"، أبرز قوى المعارضة الإثيوبية، إنها تؤيد قرار إجراء الإنتخابات، لكنها تشترط توفير متطلبات ترى أنها ضرورية لسيرها، أولها فرض سيادة القانون والسلام، وضمان أجواء مناخية مواتية.
قجلا مرداسا، مسؤول العلاقات العامة بالجبهة، أوضح أن الحزب يؤيد إجراء الإنتخابات المؤجلة، شريطة أن يتم تهيئة مناخ مواتي لعقدها، أهمها فرض سيادة القانون بمختلف المناطق التي تعاني من إنعدام القانون.
وأضاف مرداسا، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن جبهة تحرير أورومو تطالب بإطلاق سراح السجناء السياسين، وإيجاد حلول وتوافقات حول القضايا الوطنية محل خلاف.
كما تدعو أيضا لعقد مؤتمر حواري جامع لمناقشة القضايا الرئيسة الوطنية بين مختلف الأحزاب السياسية المعارضة والحزب الحاكم، كمتطلبات رئيسية لعقد الانتخابات.
وأعرب مرداسا عن أمل حزبه في إجراء الاقتراع في مايو/ أيار المقبل، كحد أقصى، على أن تعمل الحكومة الحالية على تهيئة المناخ المواتي لإجرائها.
طرح يؤيده طاهر محمد، مسؤول العلاقات العامة في "حركة أمهرة الوطنية"، بالقول إن الحزب يتمسك بضرورة دعم عقد الإنتخابات، لكنه يدعو إلى ضرورة تأكيد إستتباب السلم والأمن بجميع المناطق التي تعاني من إنعدام القانون.
وشدد محمد، لـ"العين الإخبارية"، على أهمية توفير مناخ مواتي لهذه الإنتخابات، وتمكين الأحزاب من حرية الإنخراط بالحراك الإنتخابي.
حكومة انتقالية
مطلب تتبناه على وجه الخصوص "جبهة تحرير تجراي" التي قادت المشهد السياسي في إثيوبيا من 1991 إلى 2018، قبل أن تغادره بوصول آبي أحمد لرئاسة الوزراء في إبريل نيسان من العام الأخير.
والخميس، انتخب برلمان إقليم تجراي رئيسا لحكومته، عقب انتخابات أعلنت أديس أبابا عدم دستوريتها.
وتطالب جبهة تحرير تجراي بتشكيل حكومة إنتقالية في أكتوبر المقبل مع إنتهاء أجل الحكومة الحالية.
وقالت فتلى ورق جبرا إجزابيهير، نائبة رئيس حكومة الإقليم، إن الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا سينتهى أجلها في أكتوبر المقبل، وعليه، يجب تشكيل حكومة إنتقالية من كافة الأحزاب لقيادة مرحلة إنتقالية تمهد للإنتخابات العامة.
وأضافت لـ"العين الإخبارية"، أن حزبها لن يعترف بالحكومة الفيدرالية الحالية بعد التاريخ المذكور.
وأشارت إلى أن تساؤلات تطرح حول مصداقية تأجيل الإنتخابات في أغسطس آب الماضي بسبب الجائحة، وعقدها في هذا التوقيت الذي سجلت فيه إثيوبيا نحو 71 ألف حالة إصابة بالفيروس.
غموض
ضبابية تلف مواقف أحزاب سياسة أخرى في الساحة السياسية الإثيوبية، خصوصا أن العديد منها كانت تعارض تأجيل إجراء الإنتخابات بسبب كورونا.
فيما دعا بعض زعماء المعارضة إلى حكومة تصريف أعمال أو حكومة انتقالية تقود البلاد حتى موعد الانتخابات، وهو اقتراح وصفه أبي أحمد بأنه غير قابل للتطبيق.
واستبعد رئيس الوزراء تشكيل حكومة انتقالية بمجرد انتهاء فترة ولايته، رافضاً الاتهامات بأنه يسيء استغلال وباء كورونا، ويسعى إلى تأجيل الانتخابات لتمديد حكمه.
ولم تعلن أحزاب سياسية معروفة موقفها من قرار البرلمان، مثل "المواطنين الإثيوبيين من أجل العدالة الاجتماعية" (إزيما)، و"مؤتمر أورمو الفيدرالي" المعروف بـ"أوفيكو"، وأحزاب سياسية أخرى فاعلة بالمشهد.
وفي 29 أغسطس/آب الماضي، تم إرجاء الانتخابات جراء تفشي كورونا ليقود هذا التأجيل الساحة السياسية إلى حالة من الشد والجذب والاحتقان ما بين معارض ومؤيد للخطوة.
ولم يعترض أي إقليم آخر من أقاليم إثيوبيا العشرة التي تضم 10 حكومات ولايات، على تأجيل الانتخابات، باستثناء حكومة إقليم تجراي.