من إثيوبيا.. جبهة مدنية سودانية واسعة تأمل وضع نهاية لـ«الحرب»
ينطلق في إثيوبيا غدا السبت اللقاء التحضيري لأوسع جبهة مدنية سودانية، بهدف العمل على وقف الصراع المحتدم بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتراجع صوت القوى المدنية في السودان منذ أبريل/نيسان الماضي بعد اندلاع القتال على خلفية خلاف الجيش وقوات الدعم السريع على طريقة المدة المقررة لاستيعاب الأخيرة ضمن المؤسسة العسكرية.
ويشارك في الاجتماع التحضيري الذي تستمر فعالياته من 21 أكتوبر/تشرين الأول وحتى 25 من الشهر نفسه، عدة تحالفات حزبية وأجسام مهنية نقابية وأحزاب وشخصيات قومية، لتشكيل أوسع جبهة مدنية لإيقاف الصراع الذي خلف آلاف القتلى وملايين النازحين.
وبجانب قوى المجتمع المدني ولجان المقاومة والمهنيين والحرية والتغيير يتوقع مشاركة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك في الاجتماع التحضيري.
ويتصدر بند وقف القتال أجندة الاجتماع التحضيري واستعادة المسار المدني الديمقراطي، وإعادة إعمار السودان.
ومن المقرر أن يعمل المجتمعون على إعداد مؤتمر عام للجبهة المدنية المتوقع أن يعقد في النصف الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بمشاركة أعداد كبيرة من ممثلي هذه المكونات من كل أنحاء السودان ومكونات أخرى خارج الجبهة المدنية.
كما يهدف الاجتماع إلى الخروج من أخطر أزمات البلاد وصولا إلى اتفاق سياسي تشرف على تنفيذه سلطة انتقالية تعبر عن إرادة الجميع.
إيقاف الحرب العبثية
وقال رئيس القطاع الإعلامي في حزب "التجمع الاتحادي" السوداني، محمد عبدالحكم، إن انعقاد الاجتماع التحضيري للجبهة المدنية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خطوة جبارة في سبيل توحيد جهود كافة القوى المدنية حول الهدف الأساسي لقوى الثورة وغالب أهل السودان بإيقاف رحى الحرب العبثية الدامية واسترداد المسار المدني الكامل.
وأوضح في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الاجتماع الذي تشارك فيه أحزاب سياسية ولجان مقاومة وقوى مدنية وشخصيات وطنية، يمثل اختراقا كبيرا للغاية في المشهد السياسي، بالتفاف وطني جديد يعيد للأذهان وحدة قوى الثورة في يناير/كانون الثاني 2019 حين تسابقت على التوقيع في إعلان قوى الحرية والتغيير لإسقاط نظام 30 يونيو (نظام عمر البشير الذي أطيح به حينها)، في وحدة مدنية سودانية غير مسبوقة."
وأشار إلى أن اللقاء يكتسب أهميته في اشتماله على قوى كانت لديها اختلافات عميقة في عديد القضايا السياسية، لكنها غلبت مصلحة الوطن لتتوافق على ضرورة التلاقي من أجل وضع تصور مشترك ورؤية سياسية متفق عليها لإنهاء الحرب ووقف تداعياتها الكارثية على شعبنا ومعالجة آثارها.
وتابع قائلا إنه "من الضروري التخطيط لكيفية تعويض الضحايا وجبر الضرر وإعادة تأهيل البنى التحتية التي تدمرت، واستعادة الحياة الكريمة لملايين السودانيين الذين ذاقوا الويلات جراء القتال، ومن ثم رسم خارطة طريق لآليات استعادة التحول المدني الكامل، وإقامة الجيش المهني القومي الموحد، وبناء دولة المؤسسات، بمفاهيم جديدة، توطن لدولة الحرية والعدالة والسلام".
إعادة ترتيب الأوراق
بالنسبة إلى الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأسباط، فإن الاجتماع الذي يعقد غدا في أديس أبابا، بداية جديدة لإعادة ترتيب الأوراق وتقييم التجربة والتأسيس للانطلاق نحو بناء جبهة مدنية تعمل على إيقاف الحرب.
وقال الأسباط في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن القوى المدنية في ظل الحرب لا تمتلك الكثير من أدوات القوة، ولكن تمتلك القوة الناعمة، وتستطيع تلك القوة تحقيق اختراقات حقيقية.
وأوضح أن القوى السياسية السودانية لديها تجربة ماثلة الآن، وعلى سبيل أن قيادات الإدارة الأهلية ورموز الطرق الصوفية في مدن الفاشر والضعين والفولة والمجلد والدبيبات، استطاعت أن تفرض على طرفي الحرب عدم الاقتتال داخل المدن والمناطق الآهلة بالسكان، والتزم الطرفين طوال الـ6 أشهر الماضية بذلك، إلا من انتكاسات محدودة جدا وسريعا ما يتم تلافيها، بالتالي هذه واحدة من الرافعات الأساسية إذا انتبهت إليها القوى المجتمعة غدا في أديس أبابا، وتم البناء عليها وتطويرها وتفعيلها تستطيع القوى المدنية إنجاز اختراق حقيقي في إيقاف الحرب.
الحكم المدني الديمقراطي
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، أشرف عبدالعزيز، إن اجتماع أديس أبابا التحضيري مهم وضروري في هذا التوقيت، خاصة أن من أبرز المشاركين فيه رئيس الوزراء السابق، عبدالله حمدوك.
وأشار عبدالعزيز، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى مشاركة مكونات فاعلة وناشطة في العمل السياسي والمدني خاصة لجان المقاومة.
وتكونت "لجان المقاومة" في المدن والقرى، عقب اندلاع احتجاجات 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، وكان لها الدور الأكبر في إدارة المظاهرات في الأحياء والمدن حتى عزلت قيادة الجيش الرئيس آنذاك عمر البشير، في 11 أبريل/نيسان 2019.
وأوضح أن توافق تلك المجموعات يشجع آخرين على الانخراط في الجبهة المدنية، وهذا بدوره يعيد القوى الديمقراطية للمشهد السياسي ويمكنها من الضغط على الأطراف المتحاربة لوقف الحرب وبدء عملية سياسية تقود نحو الحكم المدني والتحول الديمقراطي.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.
aXA6IDE4LjIxNi43MC4yMDUg جزيرة ام اند امز