المسرح الإثيوبي.. عقود من التثقيف ومحاربة الغزاة
مسرح "هجر فقر" يعد رمز الحرية للإثيوبيين، فمن هنا انطلق صوت الحرية وبناء الدولة بالفن، وترسيخ القوميات الإثيوبية والأفريقية.
كان الهدف من إقامة عروض مسرحية في إثيوبيا محاربة العدوان الإيطالي وأي غزو خاريجي، لكن هذا لا ينفي أن الخلفية التاريخية لظهور المسرح في إثيوبيا قديمة وعريقة جداً.
مسرح "هجرفقر" الذي يعني "حب الوطن باللغة الأمهرية"، نشأ قبل 84 عاماً في منطقة "بياسا" وسط أديس أبابا لمحاربة الاستعمار الإيطالي وإرساء حب الوطن في إثيوبيا، ومن ثم تركزت أعماله الفنية على قيادة الحرية في أفريقيا وتوعية المجتمع حول أهمية التعليم النظامي.
بداية المسرح في إثيوبيا
"هجرفقر" تأسس عام 1934 من قبل "مكونن أندالكاتشو"، أول رئيس وزراء إثيوبي في عهد الإمبراطور "هيلي سلاسي الأول"، الذي كان أديباً ودبلوماسياً وفناناً تشكيلياً، وكان الهدف جمع شمل الإثيوبيين صفاً واحداً، للتصدي للعدو الإيطالي عام 1941.
بعد الاستقلال بادرت كثير من الدول الأفريقية لإقامة مسرحيات وطنية، وفي تلك الفترة كانت مسرحية "هجرفقر" عمرها بضع وعشرون عاماً، ويقول المتخصصون في مجال الفن، إن تاريخ المسرح الحديث بإثيوبيا يرتبط بتاريخ استقلال الدول الأفريقية ثقافياً وحضارياً.
"هجرفقر" بداية أجيال
يرتبط تاريخ الفنانين والممثلين الإثيوبيين بتاريخ "هجرفقر"، بعد أن أخرج خلال عروضه منذ نشأته أجيالاً كثيرة، مثل الفنان طلاهون قسس، ومحمود أحمد، ودبب أشيتو، وأسلفتش أشني، والذين أصبحوا رموزاً للفن الإثيوبي وتركوا بصماتهم التي لم تفارق الإذاعات والتلفزيون حتى الآن.
من فناني "هجرفقر" أيضاً الفنانة "مُنايي منبرو" التي أقيم لها نصباً تذكارياً داخل سور "هجرفقر" لما قدمته للمسرح طوال 44 عاماً.
تقول "أسلفتش أشني" كان العمل على خشبة مسرح "هجرفقر" ممتعاً جداً، هناك تعرفنا عن معنى حب الوطن؛ وكنا عندما نتركه ننزل إلى الجمهور لتحفيز الجيش الإثيوبي.
وعن عدم اهتمام الشباب بحضور المسرحيات حالياً، تقول "أشني": "الجيل الجديد عليه الاهتمام بالمسرح لمشاهدة قدرة الممثلين على أداء عملهم والاستفادة من رسائل أعمالهم" .
"هجرفقر" تراث إثيوبيا وأفريقيا
الممثل المسرحي "دبب اشيتو " يقول إن أغلب الدول الأفريقية نالت استقلالها في الستينيات، ولذا كان لمسرح "هجرفقر" دور رائد في تناول قضية الحرية على خشبته التي كانت الوسيلة المناسبة للحديث عن هذا الموضوع، ونأمل في أن يستمر دور هذا المسرح في بناء الجيل الجديد".
وقال تشال ورقو، المعد والمخرج المسرحي، إن مسرح "هجر فقر" كان يعرض خلال اليوم الواحد ما يقرب من 9 مسرحيات، تتضمن الكثير من الدراما الموسيقية التي اشتهر بها.
وأضاف: "هذا المسرح يعتبر رمز الحرية للإثيوبيين والأفارقة، فمن هنا انطلق صوت الحرية وبناء الدولة والفن وترسيخ القوميات الإثيوبية والأفريقية، وللحفاظ على تراثنا الثقافي تم افتتاح عدد من المسارح الثقافية في المدينة، ونجح هذا القطاع الثقافي في جذب العديد من السياح".
جهود حكومية لتطوير المسرح
أبدت الحكومة الإثيوبية اهتماماً كبيراً في توسعة هذا الصرح دون المساس بالمباني والقاعات القديمة أو خشبة المسرح التراثي، ووضعت خطة لبناء برج من 10 طوابق على مساحة 8 آلاف متر مربع يتضمن قاعة للموسيقى وأخرى لعرض الأفلام والمسرحيات.