أجواء عيد الفطر في إثيوبيا تتجاوز الفتنة الطائفية في غوندر
أدى أكثر من مليون مسلم إثيوبي، الإثنين، صلاة عيد الفطر باستاد أديس أبابا، وسط مشاركة واسعة من المغتربين وحضور رسمي تقدمه وزير المالية الإثيوبي أحمد شيدي، ورئيس المجلس الإسلامي الإثيوبي الشيخ عمر إدريس، وممثل عمدة مدينة أديس أبابا ملس ألمو.
وبينما امتلأ الاستاد امتدت صفوف المسلمين في الطرق المؤدية إليه وسط حضور بهيج للمئات من المغتربين الذين شاركوا تلبية لدعوة رئيس الوزراء الإثيوبي، بحضور رسمي تقدمته عمدة مدينة أديس أبابا أدانيش أببي، ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا، المفتي حاج عمر أدريس وعدد من أئمة وعلماء إثيوبيا.
وشارك المئات من مسلمي إثيوبيا بالمهجر في احتفالية مسلمي إثيوبيا بعيد الفطر هذا العام ضمن برنامج "من العيد إلى العيد"، الذي أطلقه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وكان آبي أحمد أطلق دعوة للإثيوبيين المسلمين بالمهجر ومواطني دول الجوار، ومن وصفهم بأصدقاء إثيوبيا للقدوم والاحتفال بعطلة عيدي الفطر والأضحى في البلاد، حيث تم الترتيب لمجموعة من الفعاليات الدينية والثقافية والاجتماعية التي أُعدت خصيصاً للقادمين إلى إثيوبيا.
وفي مشهد مهيب، توافد مئات آلاف المصلين من كل فج بالعاصمة أديس أبابا، منذ ساعات الصباح الباكر، بأزيائهم الزاهية عبر الطرقات الرئيسية المؤدية إلى الاستاد، وسط تنظيم وترتيب دقيق من قبل الشباب والمنظمات الخيرية التي عادة ما تقوم بالإعداد والترتيب للمناسبات الدينية لمسلمي إثيوبيا، بزيهم المميز وشاراتهم التي زُينت بالأهلة كرمز إسلامي.
وبعد انتهاء صلاة العيد في استاد العاصمة أديس أبابا والشوارع المحيطة به، حدث شغب محدود، وقالت شرطة أديس أبابا "إن أعمال شغب محدودة حدثت من بعض الأفراد المتفلتين (لم تحددهم) خارج استاد العاصمة وتمت السيطرة عليها"، موضحة في بيان مقتضب أن أضرارا لحقت ببعض الممتلكات جراء أعمال شغب محدودة من بعض الأفراد بالقرب من متحف الشهداء قبيل انتهاء صلاة العيد.
وأكدت شرطة أديس أبابا أن الأوضاع عادت إلى طبيعتها، داعية المواطنين إلى الهدوء والاحتفال بالعيد.
تهان ودعوات للتسامح
وعشية عيد الفطر هنأ رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مسلمي بلاده بعيد الفطر المبارك ودعا إلى التسامح والسلام والمحبة بين كل الإثيوبيين.
وأوضح آبي أحمد. في رسالة تهنئة طويلة، أن رمضان هذا العام اتسم بالحب والوحدة الوطنية في إثيوبيا وسيظل دائمًا في الذاكرة، مشيرا إلى برنامج "من العيد إلى العيد" الذي أطلقه وجد استجابة واسعة.
وتابع رئيس الوزراء الإثيوبي قائلا: "في الوقت الذي توجد فيه الكثير من الأيدي الشيطانية في العالم، فإن هذا يتطلب من الجميع التحلي بالصبر والتعامل مع الأحداث بعناية".
ولفت إلى أن عيد الفطر لدى المسلمين يعني التضامن والتكافل والإحسان والقيم الفاضلة من خلال الاهتمام بالآخر، داعيا إلى توظيف هذه القيم في مساعدة الإثيوبيين الذين شردتهم الحروب والجفاف والصراعات.
رئيس المجلس الإسلامي
بدوره دعا الشيخ عمر إدريس، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا، المسلمين إلى التسامح والوحدة والتكافل، وقال إن الإسلام دين وئام ومحبة ورحمة، ومن المهم إبراز هذه القيم الفاضلة في كل تعاملاتنا.
وشدد إدريس على ضرورة الحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار من خلال الوحدة والتسامح، وأضاف أن الحفاظ على السلام والوحدة من أكبر القيم التي يدعو لها الإسلام، مشددا على أن التعاون والاحترام المتبادل بين جميع فئات المجتمع هو صمام الأمان لبلادنا.
وأشار إدريس إلى أحداث مدينة غوندر الأسبوع الماضي التي راح ضحيتها العشرات، وقال إن المأساة الأخيرة في غوندر يجب ألا تتكرر في أي جزء آخر من البلاد، داعيا إلى ضرورة تقديم الجناة إلى العدالة.
وأضاف أن المجتمعات الإسلامية والمسيحية ببلادنا أسهمت بصورة كبيرة في التغلب على المشاكل التي تواجهنا كأمة في الماضي ويجب أن نعيد هذا الدور في تجاوز تحدياتنا.
وتابع رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا قائلا: "نعلم جميعًا أن بلدنا يمر حاليًا بتحول يحتاج إلى الصبر والعزيمة"، موضحا: "دعونا نستغل أفراح العيد كفرصة لاغتنام هذه الفرصة للتقدم والسلام.. أطلب بكل احترام أن نتعامل معه بعناية وصبر وتسامح".
وأشار إدريس إلى أن الحكومة منحت المجلس أرضا لبناء مسجد بالقرب من مقر الاتحاد الأفريقي وسط العاصمة أديس أبابا.
وقال إن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا تسلم قطعة الأرض وتم وضع حجر الأساس، مؤكدا اكتمال الاستعدادات لتشييد أكبر مسجد بالعاصمة، داعيا أهل الخير ورجال الأعمال في الداخل والخارج إلى المساهمة في إكمال هذه المهمة.
وقبل أداء الصلاة، شهد الاحتفال كلمات رسمية لكل من رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية (هيئة مستقلة معترف بها من قبل الحكومة)، وإدارة العاصمة، التي تمثلت في كلمة ممثل عمدة مدينة أديس أبابا.
كما حضر الاحتفالية عدد من الأئمة والمشايخ وممثلي الجماعات الإسلامية، إضافة إلى ممثلي سفارات الدول الإسلامية في أديس أبابا.
والثلاثاء الماضي، اندلعت أعمال عنف طائفية في غوندر شمالي إثيوبيا، أسفرت عن مقتل أكثر من 20 شخصا وعشرات الجرحى، كما تسببت في إحراق عدد من المحلات التجارية والممتلكات وطالت بعض دور العبادة بالمنطقة.
وتسببت الأضرار التي لحقت بدور عبادة للمسلمين بموجة غضب في مدن إثيوبية أبرزها العاصمة وجامعة أديس أبابا ومدن أخرى من تلك التي شهدت مظاهرات، منددة بأعمال العنف الطائفية في مدينة غوندر.
والخميس، الماضي أعلنت قوة العمل الأمنية المشتركة الإثيوبية اعتقال 280 مشتبها في تورطهم في أعمال العنف.