إفطار رمضان في إثيوبيا.. مهرجانات مبهجة في سباق أكبر مائدة (صور)
تتبارى المدن الإثيوبية في تنظيم أكبر مائدة إفطار في شهر رمضان المبارك، فيما بدأت الاستعدادات لاستقبال عيد الفطر.
ومنذ عامين، تحولت موائد الإفطار الجماعية في إثيوبيا إلى مهرجانات شعبية وقومية وكرنفالات إسلامية تشهدها الشوارع الرئيسية في المدن، وأبرزها ديسي، كومبلشا، جيما، دري داوا وورابي.
وتستعد العاصمة أديس أبابا لتنظيم الإفطار الأكبر من نوعه في الأسبوع الأخير من الشهر الفضيل.
وتترقب أديس أبابا مشاركة المئات من مسلمي إثيوبيا بالمهجر في احتفالات عيد الفطر المبارك هذا العام ضمن برنامج "من العيد إلى العيد"، الذي أطلقه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وكان آبي أحمد، قد أطلق دعوة للإثيوبيين المسلمين بالمهجر ومواطني دول الجوار ومن وصفهم بأصدقاء إثيوبيا للقدوم والاحتفال بعطلة عيدي الفطر والأضحى في البلاد، حيث تم الترتيب لمجموعة من الفعاليات الدينية والثقافية والاجتماعية التي أُعدت خصيصاً للقادمين إلى إثيوبيا.
ويأتي الحراك الاجتماعي المتمثل في الإفطارات ضمن سياق الامتيازات والمكتسبات التي حققها مسلمو إثيوبيا منذ تولى آبي أحمد، رئاسة وزراء البلاد في العام 2018، في إطار إصلاحاته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وأبرز ما حققه مسلمو إثيوبيا من مكتسبات الاعتراف الرسمي بـ"المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية" كمؤسسة دينية ذات سيادة مستقلة عن السلطة التنفيذية، بعد أن كان طوال عقود مسجلاً كمنظمة أهلية، كما تم أيضاً الترخيص بافتتاح 5 بنوك وشركات تأمين إسلامية لأول مرة، ودخل اثنان منها بالفعل السوق المصرفية، في حين لا تزال الأخرى تحت التأسيس.
ويرى مراقبون أن ظاهرة الإفطارات الجماعية تأتي في سياق التحولات والمتغيرات السياسية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، والتي أحدثت انفتاحاً في الفضاء العام، تمكن من خلاله مسلمو البلاد من تعزيز مكتسباتهم الحقوقية.
كما أنها تأتي من باب التنافس في الخيرات الذي يتعزز مع شهر رمضان، ويؤكد بعض المراقبين أن الظاهرة فرصة عظيمة لمسلمي إثيوبيا للعمل من أجل المصلحة العامة، ذلك أن الانفتاح الذي تعيشه إثيوبيا يعد دليلاً على إرادة سياسية ترمي إلى ضمان الحقوق للمواطنين كافة، من دون النظر إلى انتماءاتهم الدينية.
الإفطارات الجماعية
في أكثر من مدينة إثيوبية بدت ظاهرة الإفطارات الجماعية في رمضان هذا العام ملفتة بعدما غزت عدداً من المدن الإثيوبية التي بدأ سكانها تنظيم الإفطارات في الشوارع الرئيسية متنافسين لإحراز لقب أكبر إفطار رمضاني.
ظاهرة أعادت لبعض المدن الإثيوبية التي شهدت صراعاً عافيتها وفرحتها، حيث يتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي يومياً صوراً ومقاطع لإفطار جماعي على الشوارع الرئيسية هنا أو هناك، وهو ما مثّل حافزاً لسكان كل مدينة لإظهار إمكاناتهم في أن يكونوا جزءاً من هذا التنافس الحميد والمعبر عن التكامل والتسامح والإخاء حتى مع أصحاب الديانات الأخرى.
مدينة ديسي نموذج فريد
ويعد الإفطار الذي نظمه مسلمو مدينة ديسي شمالي إثيوبيا الأبرز والأكثر بعداً إنسانياً ونموذجاً للتعايش الديني، بجانب أنه رسالة لتعافي المدينة من جراحاتها جراء الحرب التي شهدت البلاد أواخر العام المنصرم.
وشهدت مدينة ديسي بإقليم أمهرة شمال إثيوبيا مائدة إفطار جماعية شارك فيها عشرات الآلاف من سكان المنطقة من المسلمين والمسيحيين، تحت شعار "الوحدة والألفة بين المسلمين والمسيحيين"، ساهم فيه المسيحيون أيضاً بأموالهم في إعداد مائدة الإفطار الجماعي التي كلفت أكثر من نصف مليون بر إثيوبي.
وتحول الإفطار الجماعي الذي نظمه شباب مسلمي مدينة ديسي إلى كرنفال قومي وشعبي شارك فيه كبار قادة طوائف الديانة المسيحية إلى جانب الأئمة والمشايخ بالمدينة، بمشاركة نحو 70 ألف صائم وصائمة.
ورابي.. إفطار وتكريم لحافظ القرآن
يعد إفطار مدينة ورابي، رئاسة محافظة سلطي بإقليم شعوب جنوب إثيوبيا، الأربعاء، هو الآخر إفطاراً مميزاً، حيث شهد الإفطار تكريم أحد أبناء المنطقة إبراهيم خير الدين والذي فاز هذا العام بالمرتبة التاسعة في المسابقة القرآنية الدولية لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم بمشاركة 70 دولة بينها إثيوبيا.
وشارك في الإفطار الجماعي في مدينة ورابي، أكثر من 10 آلاف صائم، بحضور محافظ منطقة سلطي، علي خضر، والعشرات من الأئمة والمشايخ ومسؤولي المحافظة ذات الأغلبية المسلمة.
مؤتمر المصالحة
وتعود قصة نهضة مسلمي إثيوبيا إلى المصالحة التي تمت بين الجماعات الإسلامية قبل 4 سنوات، عندما استقبل المسلمون شهر رمضان المبارك لعام 2019 بالمصالحة والوحدة، ورفرفت نسائم التسامح بينهم، وأنهت قطيعة استمرت نحو عقدين.
وشكل المؤتمر وقتها نقطة تحول في علاقات الجماعات والطوائف الإسلامية، حيث عزّز وحدة المسلمين بعد خلافات وصراعات لنحو عقدين، لعدم قبول الكثيرين بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، معتبرين أن الحكومة شكّلته دون الأخذ برأي أغلب علماء المسلمين بإثيوبيا.
والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، هو أعلى هيئة مستقلة معترف بها من الحكومة، ويتولى شؤون المسلمين، ويتم انتخاب أعضائه من أقاليم البلاد التسعة.