الطريقة الرشادية في إثيوبيا.. دعوة للتعايش وقبول الآخر
تعد "الطريقة الرشادية" من أشهر طرق التصوف الزهدي الإثيوبي، وهي طريقة منسوبة إلى الشيخ سرور ويزدهر أتباعها في جنوب البلاد.
في منطقة ولقطي بإقليم شعوب في جنوب إثيوبيا، يستقبلك مركز إسلامي لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، والمعروف باسم "زوبي مولا" والذي أسس الطريقة الرشادية كإحدى فروع الطريقة القادرية الصوفية المعروفة في شرق أفريقيا.
يقف مركز "زوبي مولا" لتحفيظ القرآن الكريم وعلومه في جنوب إثيوبيا والذي أسسه الشيخ محمد سرور الملقب بـ"أوبيو"، شاهدا على الطريقة ومؤسسها كأكبر مركز للإشعاع الإسلامي وتعليم القرآن وعلوم الدين الإسلامية في جنوب البلاد.
سرور مؤسس المركز
يعود الفضل في تأسيسي المركز الذي انطلقت منه الطريقة الرشادية إلى الشيخ سرور الذي بدأ تعليم الدين خارج منطقة ولقطي، بعد أن استقاه من الشيخ عمر قوراري الأرغوبي الذي جاء إلى جنوب إثيوبيا، هاربا من مضايقات الإمبراطور الإثيوبي يوهانس والمعروف باضطهاده للمسلمين في شمال إثيوبيا آنذاك.
والشيخ عمر قوراري الأرغوبي نسبة إلى منطقة أرغوبا بشمال إثيوبيا، يعتبر أحد الذين طالتهم مضايقات الإمبراطور يوهانس، ما دفعه إلى الهجرة من الشمال إلى الجنوب الإثيوبي، حفاظا على دينه وعلمه ليطيب له المقام في جنوب إثيوبيا ويبدأ بنشر دعوته وتعاليمه الدينية التي دفعت الشيخ سرور في أن يكون أحد تلامذته في حلقاته التعليمية.
وتميز الشيخ قوراري بطريقة تعليم فريدة من خلال أذكار وأوراد يرددها مع طلابه صباحا ومساء بصورة جماعية، وهو ما جذب الشيخ سرور، وطلب منه أن يدله على مكان تلقيهم هذا العلم وهذه الأذكار، وأشار إليه شيخه قوراري إلى "خلوة دانا" في شمال إثيوبيا، وتوجه الشيخ محمد سرور إلى دانا لتلقي العلم الشرعي وهو ما فتح الطريق أمام سرور حتى أصبح شيخا معروفا ومشهورا.
وعاد الشيخ سرور بعلمه الشرعي إلى منطقة ولقطي بعد أن حصل على الإيجاز من الشيخ الداني الذي يعتبر أزهر الحبشة، ونقل هذه الأوراد والأذكار إلى مركز زوبي مولا والذي نشأت داخل أروقته الطريقة الرشادية.
نشأة الصوفية في إثيوبيا
وحول نشأة الطرق الصوفية بجنوب إثيوبيا، أرجع الشيخ محمد أمين، مدير المركز، الفضل في ذلك إلى 3 شيوخ هم الشيخ القطبري والشيخ الأبريتي والشيخ زوبي مولا، وقال إن هؤلاء الـ3 تولوا هذا الشرف عن الشيخ الداني الأول الذي بدأ في العام 1909.
وقال الشيخ أمين لـ"العين الإخبارية"، إن الطريقة الرشادية التي نشأت بمركز زوبي مولا، تعد إحدى فروع الطريقة القادرية والتي تمثل من أكبر الطرق الصوفية في إثيوبيا.
أضاف أن الطريقة الرشادية نشأت داخل هذا المركز ومن التعاليم التي كان يقدمها الشيخ سيدي محمد رشاد لطلابه بالمركز والشيخ رشاد نفسه كان أحد طلاب الشيخ سرور مؤسس المركز.
وتابع: "الشيخ رشاد رغم صغر سنه وقتها ما بين 23-25، لكنه كان عالما وفقيها ومطلعا حتى تأثر به شيخه سرور نفسه وبدأ يأخذ منه العلم الفقهي ويتدارس معه ويناقشه وضمن هذه الظروف نشأت الطريقة الرشادية وأصبح لها أتباع وتتزايد يوما بعد يوم".
وأشاد الشيخ أمين، بالمنهجية التي كان يتبعها سلفه سرور في إدارة المركز، وقال إن الشيخ محمد سرور، عرف عنه اللطف والمودة لطلابه وأهل المنطقة وتواضعه الجم فهو كان لا يرى حرجا في أن يتعلم على يد طالبه رشاد.
وأضاف أن الشيخ سرور كان مهتما بالتسامح والتعايش السلمي بين سكان المنطقة بغض النظر عن دينهم، مشيرا إلى أنه لكتسبها من شيخه الداني بشمال البلاد والذي كان يقيم في منطقة يتعايش فيها المسيحون والمسلمون جنبا إلى جنب.
واعتبر الشيخ أمين استمرار المركز في دوره في الرؤية التي وضعها مؤسسه الشيخ سرور والمرتكزة على التعايش والتسامح والمحبة.
وأضاف أن الطرق الصوفية ظلت جميعها ترتكز على هذه النهج من التسامح والتعايش.
وأكد أن المركز لا زال ثابتا ومستمرا في التأثير الإيجابي بتوطيد روابط الأخوة بين القوميات والأديان المختلف التي تعيش في جنوب إثيوبيا.
ولفت إلى أن مشايخ الصوفية في إثيوبيا واصلوا على ذات النهج النبوي رغم أن بعض الأباطرة كانوا يسعون إلى خلق الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في إثيوبيا.
وأضاف أن الشخصية الإسلامية الإثيوبية استمدت من التصوف ثقافة التسامح وقبول الآخر.
احتفال سنوي
وسنويا ينظم مركز "زوبي مولا" مهرجانا دينيا لتحفيظ القرآن الكريم بمشاركة المئات من سكان المنطقة واتباع الطريقة الرشادية من مختلف مناطق البلاد احتفاء بشهر رمضان.
وفي مشهد اجتماعي تكافلي رصدته "العين الإخبارية"، شارك سكان المنطقة والقرى المحيطة بالمركز الإسلامي، في الاحتفالية الدينية، حاملين هداياهم المتمثلة في المواشي والأغنام لإدارة المركز حتى تقدمها لضيوف الحفل والمشاركين في المهرجان الذي تخلله أناشيد ومدائح نبوية والتي تعرف محليا بـ"المنظومة".
والمركز يعد الأول والأقدم في منطقة "ولقطي" بإقليم شعوب جنوبي إثيوبيا (158 كلم عن أديس أبابا)، وقال الشيخ أمين، إن المركز أصبح له مئآت الأتباع والمريدين التابعة للطريقة الرشادية ومريديها في العديد من منطاق إثيوبيا.
تبدأ فعاليات الحفل السنوي من منتصف شهر شعبان من كل عام، وتستمر الاحتفالات حتى قبل غرة رمضان، ضمن برامج دينية تربوية وندوات وحلقات ذكر، سعيا منهم لتهيئة الروح وترويضها على العبادة وأعمال الخير والتعبد في رمضان.
والشيخ أمين مسؤول المركز الذي تولى رئاسة المركز عن أخيه الكبير قبل 40 عاما للإشراف على دور المركز في نشر تعاليم الدين الإسلامي في جنوب إثيوبيا، قال إن خريجي المركز يصبحون أئمة مساجد ومعلمين في حلقات تعليم الحديث والفقه الإسلامي وخلاوى تعليم القرآن الكريم.
وبفضل مركز "زوبي مولا"، الذي أسسه الشيخ محمد سرور، قبل أكثر من 100 عام بمنطقة "ولقطي"، اعتاد مسلمو المنطقة، على استقبال شهر رمضان كل عام باحتفال كبير تزامنًا مع ذكرى تأسيس المركز الإسلامي لتحفيظ القرآن الكريم.
aXA6IDE4LjIxNy45OC4xNzUg جزيرة ام اند امز