قومية "حلابا" بإثيوبيا.. إفطارات جماعية وموائد للصائمين في رمضان
يعتبر شهر رمضان المبارك من أهم المواسم الدينية لدى سكان قومية حلابا في إثيوبيا الذين يعتنق أغلبهم ديانة الإسلام.
وما إن يحل الشهر الفضيل حتى تجد أفراد قومية حلابا بجنوب إثيوبيا، يتبادرون للتجهيز والاستعداد لأيام الشهر الفضيل بإبراز عاداتهم وثقافتهم الخاصة بهذا الشهر من إقامة الإفطارات الجماعية وموائد للصائمين والعابرين دون أن تتوقف حتى تنقضي أيام الشهر الكريم.
وقال فتح الباري محمد نور، كاتب إثيوبي وأحد المنتمين لقومية حلابا، إن حلابا هي إحدى قوميات إقليم شعوب جنوب إثيوبيا، وتطلق على الشعب والأرض.
وأضاف محمد نور لـ"العين الإخبارية" أن شهر رمضان يعتبر من أهم المواسم الدينية لدى شعب حلابا الذي يعتنق جله ديانة الإسلام، وأضاف: "أبناء حلابا يتخذون من رمضان موسما خاصا للدعاء والتقرب إلى الله والإحسان إلى الآخرين".
حلابا والقرآن الكريم
وأوضح محمد نور أن شعب حلابا عرف باهتمامه بالقرآن الكريم وتشتهر منطقتهم بأنها وجهة لتعليم القرآن وعلومه الذي يدرسونه لأبنائهم منذ الصغر، مشيرا إلى أن مركز "بدني" بمنطقة حلابا يعد من أقدم المراكز الدينية التي يقصدها طلاب العلم والعلماء قبل 70 عاما ومازال يقدم خدماته التعليمة، لافتا إلى وجود مراكز حديثة مثل دار الحديث وجوامع النور ومركزي بلال والنجاشي للتعليم الإسلامي.وقومية "حلابا" عربية الهوى والأصول، هي إحدى قوميات إقليم شعوب جنوب إثيوبيا، وتعود أصولها إلى جزيرة العرب، واستقرت في منطقة هرر شرقي إثيوبيا لفترات طويلة، قبل أن تنتقل إلى جنوب البلاد جراء الحروب التي شهدتها مناطق إقامتهم في تلك الفترة، لتصبح بذلك إحدى قوميات الجنوب.
رمضان في حلابا
وقال محمد نور، إن من أبرز عادات وتقاليد شعب حلابا في شهر رمضان الإفطارات الجماعية وإعداد الموائد على الطرقات للمارة والعابرين، مضيفا: "يهتم أهل حلابا بأن يكون الإفطار في تجمع كبير مع الأسرة وغالبا مع الوالدين بصورة أساسية".وتابع متحدثا عن البرامج الرمضانية لشعب حلابا، قائلا إن هذه القومية تتميز بثقافة إعداد الإفطار للمارة والعابرين في شهر رمضان المبارك، مشيرا إلى أنها مستمدة من ثقافات بعض الدول العربية والإسلامية.
وأضاف أن مساجد المنطقة تشهد حركة ونشاطا في رمضان من برامج دعوية ودروس دينية وتربوية، بجانب تجهيز الإفطارات للمساكين والمحتاجين من قبل المحسنين وسكان المنطقة حول المسجد الذين يشاركون بإفطارهم وهو جزء لا يتجزء من ثقافة أهل حلابا.
وتشتهر منطقة حلابا بالمساجد والمراكز الدينية، أبرزها مركز بدني الحلابي، للتعليم الديني، الذي يعمل منذ عام 1908، في نشر تعاليم الدين الإسلامي بالمناطق المجاورة، وقال الشيخ لولو سعيد مكي، رئيس لجنة المركز، إن بدني يعد أول مركز ديني إسلامي بالمنطقة والمناطق المجاورة بإقليم شعوب جنوب إثيوبيا، مشيرا إلى أن المركز يشهد احتفالا سنويا في شهر ربيع الأول حيث يجتمع فيه الأئمة والمشايخ والمريدون، ولفت الى أن المركز يشهد في شهر رمضان نشاطا كثيفا من حلقات العلم والدروس والصلوات وإقامة الإفطارات الجماعية.
أطباق رمضانية
وأشار محمد نور إلى أن شعب حلابا لهم ثقافتهم الخاصة في إعداد الأطباق خاصة في شهر رمضان الذي يعتبر موسما لأطباق معينة غالبها تعد من الذرة كأهم منتجاتهم الزراعية، وقال إن القهوة تعد من أهم عناصر الإفطار وتتخللها أطباق تشتمل على الجرجير والسباليخ واللحوم والحليب ومشتقاته، ولفت الى أن التمر والسمبوسة هي الأبرز حضورا في المائدة الرمضانية بجانب الشوربة.
قومية حلابا وعلاقتها بالعربية
وتطرق الباحث والأكاديمي الإثيوبي فتح الباري محمد نور إلى علاقة قومية حلابا باللغة العربية والعرب، وقال إن شعب حلابا عاش مع العرب وتعايش مع العربية ولهم فضل في نشر العربية بإثيوبيا حتى تأثرت لغتهم بها وإن كانت لغة حلابا تصنف من اللغات الكوشية.وأوضح محمد نور، أن اللغة العربية لها حضور قوي وتستخدم بين صفوف العلماء كلغة رئيسية في التعليم بمناطق حلابا حتى تأثرت لغتهم بالعربية واقترضت منها كثيرا من الكلمات.
وكتب محمد نور دراسة موسعة في مجال علم المخطوطات والمنقوشات والأدب الشعبي، حول قومية حلابا، أبرزها مخطوطات لكبار العلماء والمؤرخين القدامى بالمنطقة، وقال إن هذه المخطوطات التي تشتمل على التعريف بقومية حلابا وثقافتها وفكرها ومعتقدها، تم جمعها في متحف خاص بقومية حلابا من أجل توفرها للباحثين والعلماء المختصين.
ولفت إلى أن علاقة شعب حلابا بالعرب عميقة خاصة أهل اليمن والحضارم على وجه الخصوص الذين قدموا من جزيرة العرب واستوطنوا في منطقة حلابا الواقعة جنوب إثيوبيا اليوم، مضيفا: "لليمنيين أثر وآثار كبيرة جدا في منطقة حلابا ولهم دور في نشر اللغة العربية وتقوية المجتمع في التعليم".
وأضاف أن اليمنيين أسهموا في نقل المجتمع من الاعتماد على الزراعة إلى التجارة بجانب دورهم في تحضر المدينة وتطويرها، مستعرضا الشخصيات اليمنية التي كان ومازال لها دور في المنطقة.
و"حلابا" التي اشتهر أفرادها بالتجارة بين الدول العربية وشرقي البلاد، تعد واحدة من 4 مناطق لها إدارة خاصة بإقليم شعوب جنوب إثيوبيا، وتقع على بعد 85 كيلومتراً من أواسا حاضرة الإقليم.
وتشتهر منطقة "حلابا" بزراعة التيف والشعير والقمح، فضلاً عن زراعة الفلفل الحار "الشطة"، ويعرف محلياً بـ"بربري" ويوزع بجميع مدن ومناطق إثيوبيا، ويُصدر أيضاً إلى الخارج.