قائمة التصعيد بين بروكسل وبكين تتمدد.. تكنولوجيا «الرياح»
لم يكن التصعيد الأخير بين الصين وأوروبا بشأن طاقة الرياح إلا جزءا من التوترات المتزايدة بين الجانبين والتي يتقاطع فيها أكثر من ملف.
بل ربما تحمل الشهور القليلة القادمة حتى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل أكثر الأوقات توترا وندية بين الصين وأوروبا.
وقبل أيام، أعلنت بكين أنها ستبدأ تحقيقا رسميا في ممارسات الاتحاد الأوروبي بعد أن أطلق الاتحاد تحقيقا لمكافحة الدعم لمجموعة من شركات النقل والطاقة الخضراء الصينية. وقالت وزارة التجارة الصينية إنها "ستجري تحقيقا بشأن العوائق التجارية والاستثمارية في الممارسات ذات الصلة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي في تحقيقه بشأن الشركات الصينية".
وقالت الوزارة، في بيان لها، إن التحقيق جاء بعد شكوى تقدمت بها الغرفة التجارية الوطنية لاستيراد وتصدير الآلات والإلكترونيات. وأضافت الوزارة أن التحقيق سيفحص "المراجعات الأولية والتحقيقات المتعمقة وعمليات التفتيش المفاجئة للشركات الصينية" التي يجريها الاتحاد الأوروبي. وأضافت أن التحقيق سيستمر على الأرجح حتى 10 يناير/كانون الثاني 2025، لكن قد يتم تمديده لثلاثة أشهر أخرى في ظل "ظروف خاصة".
حروب التحقيقات
وكان الاتحاد الأوروبي قد أطلق في السابق تحقيقات مماثلة في دعم بكين للقطارات والألواح الشمسية والسيارات الكهربائية المنتجة محليًا. وتأتي هذه التغييرات في الوقت الذي تسعى فيه الكتلة المكونة من 27 دولة إلى زيادة استخدام الطاقة المتجددة لتحقيق هدفها المتمثل في خفض صافي انبعاثات الغازات الدفيئة إلى الصفر بحلول عام 2050. لكنها تريد أيضًا الابتعاد عما تعتبره اعتماداً مفرطاً على التكنولوجيا الصينية.
,تفتخر أوروبا بسوق طاقة الرياح الناجح والمثمر، حيث يهيمن اللاعبون الرئيسيون مثل GE Vernova وVestas وSiemens Gamesa على المشهد، ويعملون على تشغيل غالبية مبادرات الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي داخل وخارج البلاد. وكان دخول التوربينات الصينية الصنع إلى السوق الأوروبية مؤشرا على حدوث تغيير في مشهد الطاقة المتجددة.
وأظهرت الإحصائيات والمراقبة الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن ألمانيا كانت رائدة في وقت مبكر في مجال طاقة الرياح البحرية والطاقة الشمسية الكهروضوئية، بعد أن تخلصت تدريجياً من الطاقة النووية في عام 2023.
وفتحت بروكسل أول تحقيق لها بموجب لائحة الدعم الأجنبي في فبراير/شباط، مستهدفة شركة تابعة لشركة السكك الحديدية الصينية العملاقة CRRC. وتم إغلاق هذا التحقيق بعد انسحاب الشركة التابعة من مناقصة في بلغاريا لتزويد القطارات الكهربائية. ويستهدف التحقيق الثاني شركات تصنيع الألواح الشمسية المملوكة للصين والتي تسعى إلى بناء وتشغيل مجمع للطاقة الكهروضوئية في رومانيا، بتمويل جزئي من صناديق أوروبية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر في أبريل/نيسان الماضي فتح تحقيق بشأن الموردين الصينيين لتوربينات الرياح بموجب لائحة الدعم الأجنبي الجديدة. وفي مرحلته الأولى، تقرر أن يجري التحقيق البداية بالتحقيق في 5 أسواق: بلغاريا وفرنسا واليونان ورومانيا وإسبانيا. ثم شمل التحقيق في مرحلة لاحقة دولا بينها ألمانيا. وجاء هذا الإعلان في الوقت الذي يضغط فيه مصنعو توربينات الرياح الصينيون بقوة ويفوزون ببعض الطلبات في أوروبا. وهم يقدمون توربينات رخيصة وتمويل سخي، وهو ما اعتبرت بروكسل أنه "يشوه سلامة السوق الأوروبية ويعطل المنافسة العادلة".
وتريد أوروبا تعزيز أمن الطاقة والحفاظ على ريادتها التكنولوجية في قطاعات التكنولوجيا النظيفة الاستراتيجية مثل طاقة الرياح. وفي إعلانه عن التحقيق الجديد، قال بيان لبروكسل إنه يجب على الاتحاد الأوروبي ألا يكرر الأخطاء التي ارتكبها بخسارة صناعة تصنيع الطاقة الشمسية.
مطب السيارات الكهربائية
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، بدأت بروكسل، بموجب مجموعة مختلفة من القواعد، تحقيقا في الدعم المقدم للسيارات الكهربائية الصينية. وخلصت إلى أن الدعم الحكومي الصيني لصناعة السيارات الكهربائية يقوض بشكل غير عادل المنافسين الأوروبيين. وفي الأسبوع الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي رسومًا مؤقتة إضافية تصل إلى 38% على واردات السيارات الكهربائية الصينية، وحددت المفوضية الأوروبية مهلة 4 أشهر حتى نوفمبر/تشرين الثاني لتقرر إذا كانت ستفرض هذه الرسوم الجديدة بشكل نهائي.
وأثار ذلك احتجاجات من الشركات المصنعة ومجموعات الأعمال الصينية والحكومة الصينية. ونفت الصين أن سياساتها الصناعية غير عادلة وهددت مرارا وتكرارا بالانتقام لحماية الحقوق والمصالح القانونية لشركاتها.
انتقام محتمل
والصين بحسب المحللين، تسعى لردع بروكسل عن النطق الأخير بالحكم في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، عبر أدوات عدة. فقبل الرابع من يوليو/ تموز الماضي حين دخلت التعريفات حيز النفاذ، تحدثت تقارير عن مفاوضات حثيثة بين بكين وبروكسل تهدف لإثناء أوروبا عن اتخاذ تلك الخطوة المؤلمة.
لكن الإعلان الأخير من الجانب الصيني يؤشر على مدى صعوبة الحوار بين الجانبين في الوقت الحالي، كما يشير أيضا إلى بدء تلويح الصين بإجراءات انتقامية من الاتحاد الأوروبي. ووفقا لمحللين، فإن الصين تسير على خيط رفيع فيما يتعلق بالعلاقات التجارية مع أوروبا. فبكين تحاول جاهدة منع الاتحاد الأوروبي، ثاني أكبر شريك تجاري لها، وغيره من الدول من اتباع المسار الحمائي الذي مهدت له الولايات المتحدة. ولم تزهد الصين في حل الأمر مع بروكسل، بعكس زهدها في حل الأزمة مع أمريكا. لكن بكين لا تزال تملك "إجراءات انتقامية" بحسب المحللين.
وذكر تقرير فورين بوليسي أنه على مدى الأشهر الستة الماضية أطلقت الصين تحقيقات لمكافحة الإغراق في لحم الخنزير والبراندي الأوروبيين، في حين أشارت تقارير وسائل الإعلام الحكومية الصينية إلى أن منتجات الألبان وغيرها من العناصر قد تكون مطروحة أيضا. ووفقا للتقرير، فإن الصين من المرجح أن تستهدف المنتجات الأوروبية بتعريفات مقابلة، حيث تختار فيها المنتج الذي يكون ذو قيمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي (كصادرات) ولكن ليس الأهم على الإطلاق لأوروبا حتى لا ينظر لإجراءات بكين فيما يخصه على أنها "تصعيد بشكل مفرط"؛ كما لن تستهدف المنتجات التي تقع ضمن المصالح الأساسية للصين.
وقالت يانكا أورتل، مديرة برنامج آسيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "الفكرة هي زرع الخلاف بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتخفيف الاستجابة الجماعية". وأضافت "لقد نجحت الاستراتيجية في الماضي".
aXA6IDUyLjE1LjE4NS4xNDcg
جزيرة ام اند امز