الصلب يتحول إلى ساحة مواجهة.. أوروبا تحمي أسواقها وبريطانيا تبحث عن مخرج

يستعد الاتحاد الأوروبي لتطبيق واحدة من أشدّ سياساته التجارية صرامة في السنوات الأخيرة، عبر مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب إلى 50%.
الخطوة تهدد بإشعال مواجهة تجارية مع بريطانيا والولايات المتحدة، وتضع صناعة الصلب البريطانية أمام أزمة غير مسبوقة.
رد أوروبي على رسوم ترامب
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، جاء القرار الأوروبي ردًا على الرسوم التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صادرات الصلب الأوروبية.
النقابات العمالية في بريطانيا وصفت الخطوة بأنها «تهديد وجودي»، إذ تعتمد المملكة المتحدة على السوق الأوروبية لتصريف نحو 80% من صادراتها من الصلب.
حذّر اتحاد صناعة الصلب البريطاني من أن هذه الإجراءات قد تُغرق السوق المحلية بكميات هائلة من الصلب المحوّل من الأسواق الأمريكية والأوروبية، مما يشكّل خطرًا على ما تبقى من مصانع الصلب في البلاد.
خلال زيارته إلى الهند، أكّد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن حكومته تجري محادثات مع كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لمعالجة الأزمة، مشددًا على دعم حكومته لصناعة الصلب في سكونثورب وبورت تالبوت، من دون الكشف عن تفاصيل المفاوضات الجارية.
تحركات حكومية ودعوات للضغط
من جانبه، قال وزير الصناعة البريطاني كريس ماكدونالد إن «حماية تدفّق التجارة مع أوروبا أمر حيوي»، مشيرًا إلى لقاء مرتقب مع قادة الصناعة لبحث تداعيات القرار.
وطالبت لندن المفوضية الأوروبية بـ«توضيح عاجل» حول تأثير القرار على الصناعات البريطانية.
وبحسب خطة المفوضية الأوروبية المقدمة إلى البرلمان، سيتم خفض الحصة المعفاة من الرسوم الجمركية بنسبة 47% لتصل إلى 18.3 مليون طن سنويًا، وهو أدنى مستوى منذ عام 2013.
كما ستُفرض رسوم بنسبة 50% على أي واردات تتجاوز هذا الحد، مع إلزام الدول المصدرة بالكشف عن مصدر صهر وصب الصلب لمنع تمرير الصلب الصيني عبر دول وسيطة.
يرى مسؤولون أوروبيون أن هذه الإجراءات خطوة تمهيدية ضمن المفاوضات مع الولايات المتحدة لإلغاء الرسوم الأمريكية، وتهدف أيضًا إلى توحيد الموقف الأوروبي في مواجهة الإغراق الصيني.
وأكد المفوض الأوروبي للصناعة ستيفان سيجورنيه أن القرار ضروري لـ«حماية الصناعة الأوروبية من الانهيار» وتمكينها من الاستثمار في إزالة الكربون وتعزيز التنافسية.
غضب بريطاني وتصعيد نقابي
في المقابل، حذر رئيس اتحاد صناعة الصلب البريطاني جاريث ستيس من أن مضاعفة الرسوم «قد تشكل أكبر أزمة في تاريخ الصناعة البريطانية»، داعيًا الحكومة إلى اتخاذ «إجراءات عاجلة للحماية من تدفق الصلب العالمي».
كما وصفت نقابات العمال مثل Community وGMB القرار بأنه «ضربة قاصمة» تهدد ما تبقى من القطاع، ما لم تُعتمد ترتيبات تجارية جديدة.
وفي محاولة لطمأنة لندن، أكّد المفوض الأوروبي للتجارة ماروش شيفتشوفيتش أن القرار «ليس عدائيًا تجاه المملكة المتحدة»، مشيرًا إلى نية الاتحاد تخصيص حصة مستقلة لبريطانيا بعد عرض الخطة على منظمة التجارة العالمية.
وفي سياق أوسع، يسعى الاتحاد الأوروبي لتشكيل «تحالف معادن» مع الولايات المتحدة لمواجهة فائض الطاقة الإنتاجية العالمية.
وحذّر هنريك آدم، رئيس اتحاد مصنّعي الصلب الأوروبي (يوروفر)، من أن التأخير في تنفيذ الخطط الأوروبية «قد يُطفئ النور في أجزاء كبيرة من الصناعة الأوروبية».
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز