انقسام في الاتحاد الأوروبي على أهداف مواجهة تغير المناخ

عادةً ما تجتمع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على مواقف تفاوضية مشتركة في العمل المناخي، ثم تتحدث الدولة التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي باسم الدول الأعضاء؛ علمًا بأنّ منصب رئاسة الاتحاد الأوروبي، تتناوب عليه الدول الأعضاء كل 6 أشهر.
وقد وضع الاتحاد الأوروبي بعض الأهداف المناخية والبيئية الطموحة، والتي تتضمن خفض صافي انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 55% بحلول العام 2030 مقارنة بمستويات عام 1990، من أجل الوصول إلى صافي الصفر بحلول العام 2050. وفي عام 2024، قدمت المفوضية الأوروبية توصية بشأن هدف خفض الانبعاثات بحلول عام 2040.
انقسام
يشهد الاتحاد الأوروبي انقسامًا بخصوص الهدف التالي لمواجهة التغيرات المناخية؛ فقد قدمت بلجيكا مقترحًا تعتزم فيه خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنحو 90% بحلول عام 2040، وتدعم الدنمارك وهولندا وسلوفينيا نفس الهدف، فيما تعارضه دول أخرى منها إيطاليا وجمهورية التشيك.
تأتي هذه المعارضة في الوقت الذي تعاني فيه العديد من دول أوروبا في قطاعات الصناعة من الرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إضافة إلى انخفاض أسعار السلع المستوردة، وبعض الأزمات الأخرى؛ خاصة في ظل التضخم الاقتصادي العالمي الذي يمر به العالم اليوم تزامنًا مع أزمة المناخ.
معاناة القارة العجوز!
على الرغم من كونها القارة التي اندلعت منها الثورة الصناعية، وتضم العديد من الدول المسؤولة تاريخيًا عن الانبعاثات الدفيئة المتسببة في الاحتباس الحراري، إلا أنّ أوروبا من أكثر القارات تأثرًا بالتغيرات المناخية؛ فقد تسببت الظواهر الطقسية المتطرفة كالفيضانات وموجات الحر والعواصف في وفاة ما بين 85 ألفا و145 ألف شخص في جميع أنحاء أوروبا على مدار آخر 40 عامًا.
وبلغت الخسائر الاقتصادية نتيجة تلك الظواهر نحو نصف تريليون يورو. وهذا يجعلها من أكثر المناطق تضررًا بتأثيرات التغيرات المناخية بالرغم من أنها تضم العديد من الدول المتقدمة، لكنها ما زالت في مأزق، وتحتاج إلى مواجهة التغيرات المناخية جنبًا إلى جنب مع بقية الدول الأطراف في "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي" (UNFCCC).
ما بين خفض الانبعاثات والجدوى الاقتصادية
في أثناء مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته التاسعة والعشرين (COP29)، والذي تولت رئاسته دولة أذربيجان، التزمت الدول المتقدمة بما فيها الاتحاد الأوروبي بدعم الدول النامية بما لا يقل عن 300 مليار دولار سنويًا بحلول 2035. لكن في ظل الانقسام بين الاتحاد الأوروبي ما بين دول تسعى لخفض الانبعاثات بأي ثمن مثل بلجيكا، ودول أخرى تضع الجدوى الاقتصادية بعين الاعتبار مثل إيطاليا، قد يتأثر التمويل المناخي.
من جانب آخر، ينطلق مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثلاثين (COP30) في بيليم بالبرازيل في نوفمبر/تشرين الثاني للعام 2025. وبما أنّ الاتحاد الأوروبي أحد الأعمدة الرئيسية في قيادة المفاوضات المناخية؛ فهذا يعني أنّ الاتحاد الأوروبي يحتاج لتحقيق التوازن بين الطموح والواقعية؛ فإذا استمرت تلك الخلافات الداخلية؛ فقد تضعف قوته التفاوضية، ما يؤثر سلبًا على الالتزامات والطموح المناخية.