التحكم في انبعاثات الزراعة.. بوابة التخفيف الذكي لتغير المناخ

لطالما واجه الباحثون تحديات في تحديد انبعاثات قطاع الزراعة، بالرغم من أهميتها في دعم جهود التخفيف من تغيّر المناخ بعدة طرق رئيسية.
قامت الحضارات الإنسانية القديمة على الزراعة، عندما استقر الإنسان على ضفاف الأنهار وترك الصيد. وما زالت الزراعة اليوم أحد المحركات الرئيسية للنهضة البشرية، وتُعزز الأمن الغذائي لأكثر من 8 مليار فرد من البشر يعيشون على سطح الأرض. لكن، يتسبب قطاع الزراعة في إطلاق ما يقرب إلى ثُلث الانبعاثات الدفيئة حول العالم.
وتتنوع مصادر الانبعاثات تلك في القطاع الزراعي. على سبيل المثال، الأسمدة النيتروجينية التي يطبقها المزارعون على المحاصيل الزراعية لزيادة الإنتاجية، وفي حال زيادة كمية الأسمدة عن قدرة المحصول على الامتصاص، يتحول الفائض إلى أشكال غازية، منها غاز أكسيد النيتروز، وهو أحد الغازات الدفيئة المسببة للاحترار العالمي، ويشتهر بقدرته على حبس الحرارة في الغلاف الجوي بنحو 300 مرة مقارنة بقدرة غاز ثاني أكسيد الكربون. ويأتي نحو 70% من أكسيد النيتروز عبر أنشطة الإنسان في التربة الزراعية. لذلك، يجب الحد من تلك الانبعاثات.
تحديات
يواجه الباحثون منذ زمن بعض التحديات في تحديد زمان ومكان إطلاق انبعاثات أكسيد النيتروز؛ فهذا يتطلب جهدًا بشريًا كبيرًا لجمع العينات من التربة. لذلك، لم تستطع الدراسات السابقة أخذ عينات من نطاقات زمنية ومكانية واسعة. لكن، استطاعت مجموعة بحثية من جامعة إلينوي في أوربانا-شامبينا الحصول على عينات دقيقة للانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز من حقول فول الصويا والذرة على مدى سنوات متعددة. وبذلك جمعوا بيانات ومعلومات يمكنها تحسين نماذج المناخ وتقديم توصيات للتخفيف من آثار التغيرات المناخية، ونُشرت الدراسة أونلاين في دورية "أجريكالتشر، إيكوسيستمز، آند إنفيرونمنت" (Agriculture, Ecosystems & Environment) في 2025.
نقاط ساخنة
جمع الباحثون مجموعة كبيرة من البيانات لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز، وحصلوا على عينات من حقول الذرة وفول الصويا في ظل الإدارة التقليدية وعدم الحراثة. واعتمدوا على مداخن تُطلق غازات التربة، وكان الباحثون يزورن الحقل بأجهزة لقياس تركيزات تلك الغازات مرة كل أسبوع أو أسبوعين على مدار الموسم لمدة عامين.
وكانت المداخن التي تضخ باستمرار تركيزات عالية من الغازات الدفيئة تُسمى "النقاط الساخنة"، وتكون اللحظات الساخنة عندما ترتفع التركيزات في معظم أو جميع المداخن بعد استخدام الأسمدة أو هطول الأمطار.
حصل الباحثون على بيانات ومعلومات، من شأنها أن تساعد في دعم استراتيجيات التخفيف، وتقديم مقترحات مدروسة للتخفيف من آثار التغيرات المناخية في قطاع الزراعة، ما يساهم بصورة كبيرة في حل أزمة المناخ.