هل يمكننا تحقيق عدالة التخفيف؟

يسود اعتقاد بأنّ إجراءات التخفيف من آثار التغير المناخي ترتبط بالظلم الاجتماعي؛ فهل ذلك صحيح؟
نشرت مجموعة بحثية دولية تقريرًا في دورية "بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز" (Proceedings of the National Academy of Sciences) في 21 أبريل/نيسان 2025؛ ليُجادل بشأن عدالة التخفيف، ويناقش الظلم الاجتماعي المرتبط بالتخفيف من آثار التغير المناخي.
ما التخفيف؟
التخفيف من آثار التغيرات المناخية، هي استراتيجية رئيسية، تمارسها الدول لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة عبر الحلول والتقنيات والخطط الوطنية، ما يساهم في التخفيف من حدة التغيرات المناخية، ويحد من ارتفاع متوسط درجات الحرارة. وهذا يعود بالإيجاب على الدول والمجتمعات المختلفة حول العالم؛ خاصة تلك المجتمعات الفقيرة التي تعاني بصورة أكبر من آثار التغيرات المناخية، وقد لا تملك الإمكانات اللازمة لمواجهتها.
لكن، تبرز على الطاولة العديد من علامات الاستفهام حول ما إذا كانت إجراءات التخفيف عادلة أم لا. وهذا يعني، هل هناك إنصاف في أثناء العمل على تقليل الأضرار أو الآثار السلبية الناتجة عن التغيرات المناخية؟ وهذا هو مفهوم "عدالة التخفيف".
وفي التقرير الذي أجراه العلماء وحللوا خلاله البيانات والأدبيات المتاحة التي توضح كيفية تطبيق الدول المختلفة حول العالم لاستراتيجيات التخفيف من آثار التغيرات المناخية، خلصوا إلى بعض الأسباب التي تبعث الأمل والتفاؤل. بدلًا من الفكرة السائدة بأنّ إجراءات التخفيف ترتبط بالظلم الاجتماعي وعدم المساواة؛ إذ لا تمتلك كل الدول نفس الإمكانات لتطبيق استراتيجيات التخفيف وفي نفس الوقت توفر الرفاهية لشعوبها، وغالبًا يكون ذلك في الدول الفقيرة والدول المنخفضة والمتوسطة الدخل.
عدم مساواة أم ماذا؟
درس الباحثون الروابط بين تأثيرات التغيرات المناخية واستراتيجية التخفيف مع الأخذ في الاعتبار أوجه العدالة الاجتماعية المختلفة، التي تتضمن: توزيع الثروة، الرفاهية، والصحة العامة. وعلى الرغم من وجود بعض الحالات التي تعاني فيها بعض الفئات السكانية الضعيفة من العواقب السلبية لإجراءات التخفيف مثل الطاقة المتجددة، مثل السكان الأصليين الذين اضطروا لترك أراضيهم لتوليد الطاقة الكهرومائية، إلا أنّ هناك بعض الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي تزيل الكربون عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة، وفي نفس الوقت تعزز من رفاهية شعوبها.
وهذا يُشير أيضًا إلى التفاوت في أداء الدول في إجراءات التخفيف، ما أدى إلى انتشار اعتقاد بأنّ مطالبة الدول الفقيرة بالانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، هي بمثابة طلب شعوبها بالمعاناة. لكن لا يوجد دليل قاطع بأنّ الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة يتسبب في عواقب سلبية على الدول الفقيرة.
بل العكس تمامًا؛ فقد وجد الباحثون أنّ هناك 13 دولة من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، يمكنها تعزيز انتشارها للطاقة المتجددة بالتزامن مع ارتفاع متوسط دخلها ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على مدار آخر 30 عامًا.
شدد التقرير أيضًا على أنّ الدول الصناعية الكبرى المسؤولة تاريخيًا عن الانبعاثات الدفيئة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، عليها أن تبذل المزيد من الجهود لإزالة الكربون من أجل تحقيق الأهداف المناخية الدولية. وأشاروا إلى أنه ما زال هناك أملًا في إبطاء تغير المناخ، وتوفير الأموال اللازمة لتعزيز العدالة البيئية.
aXA6IDMuMTQwLjE5OS4zIA== جزيرة ام اند امز